حكم صيام السبت
السؤال : ما حكم صيام يوم عرفة هذه السنة وقد أتى في يوم السبت ؟
الجواب : الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وآله وصحبه ،،،،
وبعد : فقد تكرر السؤال عن هذه المسألة ، وقد أجبت عنها بتفصيل في كتابي القول الثبت في صوم يوم السبت بحمد الله تعالى ، وقد لاقى قبولا واستحسانا عند أهل العلم وطلابه .
وأزيد ههنا فأقول : إن الواجب على الفقيه والمتفقه أن يجمع بين الأحاديث الواردة في المسألة الواحدة ، وأقوال الصحابة إن وجدت والتابعين ومن بعدهم من علماء الأمة من المحدثين والفقهاء وغيرهم ، ثم يحكم بعد الترجيح والنظر
أما الأخذ بحديث أو آية ثم عدم الإلتفات لغيره ، ولا لقول أهل العلم فيها ، فخطأ ظاهر .
وصيام السبت منفردا هو كصيام الجمعة منفردا ، أو أقل ، حيث أن الثاني متفق على كراهته بين أهل العلم ، وأما يوم السبت فكثير من أهل العلم لا يثبت الحديث ، أو يقول بنسخه ، كما سبق نقله في كتابنا المذكور آنفا .
ومن المعلوم لدى أهل العلم أن يوم الجمعة يجوز صومه إذا صام يوما قبله أو بعده ، أو إذا وافق يوما يصومه المرء ، كما قال المصطفى صلى اللـه عليه وسلم .
واقرأ معي هذا النقل من كشاف القناع للبهوتي الحنبلي (ت :1051 ) عن متن الإقناع للحجاوي ( ت : 960) :
(ويكره تعمد إفراد يوم الجمعة بصوم) لحديث أبي هريرة: «لا تصوموا يوم الجمعة إلا وقبله يوم وبعده يوم» (1) متفق عليه ولمسلم: «لا تخصُّوا ليلة الجمعة بقيامٍ من بين الليالي ولا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صومٍ يصومه أحدكم»
قال الداوودي : لم يبلغ مالكاً الحديث. ويحمل ما روي من صومه والترغيب فيه على صومه من غيره. فلا تعارض (و) يكره تعمد (إفراد يوم السبت) بصوم. لحديث عبد الله بن بُسر عن أخته الصماء «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افتُرضَ عليْكُم» رواه أحمد بإسناد جيد والحاكم، وقال: على شرط البخاري.
ولأنه يوم تعظمه اليهود. ففي إفراده تشبيه بهم . ويوم السبت آخر أيام الأسبوع. قال الجوهري: سمي يوم السبت لانقطاع الأيام عنده
(إلا أن يوافق) يوم الجمعة أو السبت (عادة) كأن وافق يوم عرفة أو يوم عاشوراء. وكان عادته صومهما، فلا كراهة. لأن العادة لها تأثير في ذلك انتهى
وسئل فضيلة الشيخ / محمد بن صالح العثيمين حفظه الله تعالى عن هذه المسألة ، فقال السائل
سؤال : قال صلى الله عليه وسلم : (( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب أوعود شجر فليمضغها )) رواه الخمسة .
وعن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( كان أكثر ما يصوم من الأيام يوم السبت ويوم الأحد ، وكان يقول : إنهما يوما عيد للمشركين ، وأنا أريد أن أخالفهم )) أخرجه النسائي .
أفيدونا عن معنى هذين الحديثين جزاكم الله خيراً ؟
الجواب : الحديث الأول هو عن صيام يوم السبت اختلف العلماء في تصحيحه فمنهم من صححه ، ومنهم من ضعفه ، والذين صححوه قال بعضهم : إنه منسوخ وقال بعضهم : إن النهي عن إفراده فقط ، فأما لو صامه هو ويوم الأحد فلانهي في ذلك ، وعلى هذا فلا يعارض الحديث الثاني ، الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر ما يصوم هو يوم السبت والأحد .
وعلى كل حال فإن أهل العلم اختلفوا في صوم يوم السبت ، فمهم من قال : إنه ليس بمكروه وأطلق ، ومنهم من فصل فقال : إن أفرد فهو مكروه ، وإن جمع مع يوم الأحد الذي بعده ، أو يوم الجمعة الذي قبله فلا كراهة في ذلك ، وهذا هو الأقرب ، والله اعلم .
( فتاوى منار الإسلام ( 2 / 365 ـ 366