المرأة عام

الدفاع عن حقوق المرأة

الدفاع عن حقوق المرأة

الإسلام اهتم بالمرأة كاهتمامه بالرجل لأنها شقيقته ، فأعلى من شأنها وصان كرامتها وحفظ عرضها ، وحثها على التمسك بدينها وأحكامه ، والتخلق بالأخلاق الحسنة الكريمة ، وتجنب الأخلاق السيئة الرذيلة .

وقد كانت المرأة في الجاهلية سلعة لا قيمة لها ، ومتعة للعابثين ينالون وطرهم منها ثم يلقونها ، فجاء الإسلام وأعلى مكانتها ، فأخبر الله تعالى أنها مخلوقة من الرجل ، فقال { هو الذي خَلَقكم مِن نفسٍ واحدةٍ وجعلَ منها زوجها لِيَسْكُنَ إليها } وقال     { يا أيها الناسُ إنا خَلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شُعوباً وقبائلَ لتعارفوا إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم } ( الحجرات : 13).

وقالت عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما النساءُ شقائقُ الرجال رواه أبو داود والترمذي وأحمد .

وقال صلى الله عليه وسلم موصيا بالنساء : استوصوا بالنساء خيرًا متفق عليه .

وقال عليه الصلاة والسلام : أكملُ المؤمنين إيماناً أحسنُهم خلقاً ، وخياركم خياركم لنسائهم رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه .

وإليكم وصيته صلى الله عليه وسلم للرجال في خطبة الوداع ، حيث يقول :      اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم  ( أي: أسيرات في بيوتكم ) أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف رواه مسلم

فقد قرر الإسلام المساواة التامة بين الرجل والمرأة في الإنسانية والنسب   البشري ، وقد شكك في ذلك بعض الأمم من قبل ، وجعلها تتمتع بجميع حقوقها من الإرث والتصرف في أملاكها ، وليس لزوجها منعها من حقوقها ، وبين الله تعالى أنها إن عملت صالحا أثيبت ، وإنْ أساءت عوقبت ، مثلها مثل الرجل تماما .

وقال سبحانه { من عمل صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينه حياةً طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا  يعملون } وقال { فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عاملٍ منكم من ذكرٍ أو أنثى بعضكم من بعض }  .

ولم يذكر الله تعالى صفة صالحة في الرجال إلا ذكر  مثلها في النساء في  قوله تعالى { إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات اعدَّ الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً } . فوعدهم على طاعاتهم التي فعلوها خيراً من الإسلام والإيمان والقنوت والصدق والصبر والخشوع والصوم والتصدق          وحفظ الفرج .

وقال عز وجل { وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو          الفوز العظيم } .    التوبة :72

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحفظت فرجها ، وأطاعت زوجها ، قيل لها : ادخلي الجنة من أي    الأبواب شئت . رواه أحمد وابن حبان والطبراني .

وكذا في الصفة الخبيثة : ذكرها مع مثلها ، كقوله تعالى { الخبيثات للخبيثين  الخبيثون للخبيثات } ( النور ) وقال { ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات}.

وكذلك في الحدود الشرعية ساوى بين الرجال والنساء دون تمييز أو تفريق فهي مسئولة عن تصرفاتها ، قال سبحانه { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما }              ( المائدة : 38 ) وقال { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة  ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله } ( النور : 2 ) .

لقد أوصى الله تعالى بالأم ورفع منزلتها في الدين عالياً، فأمر بالإحسان إليها وإلى الوالد بعد الأمر بعبادته وحده لا شريك  ، قال جل وعلا { وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما a  واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا } الإسراء . 

فتضمن قول الله تعالى من الإحسان إلى الوالدين ما يلي :1- الإحسان إليهما بكل قول وعمل 2- حسن الرعاية لهما عند كبر السن 3- حسن القول والخطاب    ( ولا تقل لهما أف … )  4-  الدعاء لهما ( وقل رب ارحمهما ).

ويقول الله تعالى حاكيا عن عيسى عليه السلام انه قال { إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت   حيا  a   وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا } (مريم :33)

ويقول الله تعالى عن يحيى بن زكريا عليهما السلام { وآتيناه الحكم صبيا وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا a وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا} ( مريم :15).

وقال سبحانه { ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك } .

وجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أبوك متفق عليه .

وعن معاوية بن جاهمة انه أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك ، فقال : هل لك من أم ؟ فقال : نعم ،    قال : فالزمها فإن الجنة عند رجليها . رواه النسائي وابن ماجة .

فهذا هو الإسلام الذي يتهم بأنه يهضم حقوق المرأة !! هذا اهتمامه بها إنْ كانت أمّاً . أما إن كانت بنتا : فقد كانت العرب تَـئِد البنات (  أي تدفنهن وهن أحياء ) فشدد القرآن النكير على هذه الفعلة الشنيعة قال عز وجل { ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم } ( الأنعام ) ، وقال { قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم }  ( الأنعام ) وقال  { وإذا الموؤدة سئلت a بأي ذنب    قتلت } ( التكوير ).

بل كان العرب يغتمون جدا إذا ولدت نسائهم البنات قال سبحانه واصفا ذلك { وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم a يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ساء ما كانوا يحكمون } .

وحث رسول الله صلى الله عليه وسلم على رعاية البنات فقال : من عال جاريتين حتى يدركا ، دخلت أنا وهو الجنة كهاتين . رواه مسلم .

قال عليه الصلاة والسلام : من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كنَّ له سترا من النار . متفق عليه .

ومثل هذا قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأخوات كما صح عنه .

فهذه أحكام الإسلام ، وهذه أوامره واهتمامه بالمرأة أ أُما كانت أو بنتا أو   أختا ، فهل عند الأمم السابقة والمعاصرة مثل هذا العطف والحنان ، والحفظ    والصيانة ، والاهتمام والاحترام  ؟ !!

إن من يقول أن الإسلام والمسلمين يظلمون المرأة ولا يمنحونها حريتها ، لا يعرفون الإسلام  ولا نصوصه ، أو يعرفونها ولكنهم يزيفون الحقائق ، ويتهمون الإسلام بما ليس فيه،حقداً وظلماَ.

ولذا ، فيجب على دعاة الإسلام رجالا ونساءً إبراز وجه الإسلام المشرق فيما يتعلق بالمرأة والأسرة والأبناء للعالم أجمع ، وأن يدافعوا بعلمٍ وحكمة عن مبادئ دينهم العظيم ، وأن لا تأخذهم في الله لومة لائم ، وأن لا يضعفوا أو يستكينوا أو يستحوا من حكم الله تعالى أو شرعه، فإنه سبحانه احكم الحاكمين وأعدل العادلين ، وهو أعلم بنا من أنفسنا ، فما شرعه لنا وأمرنا به ، فيه كل مصلحة ورحمة وعدل وحكمة ، يعرف ذلك أصحاب العقول السليمة ، والفطر المستقيمة ، التي لم تتلوث بالشرك والوثنية والفواحش .

وإن نحن رضينا بحكم غير الله تعالى لنا قد خسرنا كل الخسارة وشقينا كل الشقاوة ، قال تعالى { ومَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا a وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } .

وكيف يرجع إلى الظلام من عرف النور وفضله ، أم كيف يرجع إلى الجاهلية والكفر من ذاق حلاوة الإيمان ، قال سبحانه { قل أ ندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ! كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا } قال تعالى بعد ذلك { قُل إنَّ هُدَى اللهِ هو الْهُدَى وأُمِرنا لِـنُسْلِمَ لربِّ العالمين } ( الأنعام 71) .

فإذا ضلت الأمم طريقها فإن المسلمين يعرفون طريقهم ، وإذا اهتدت الأمم بغير هدي السماء ، فإن المسلم لا يبغي غير هدي الله ودينه وشرعه هديا وشرعا ودينا ، وإن موته خير له من الموافقة على الجاهلية وأحكامها المنحرفة .

وقى الله المسلمين كل شر وفتنة ، وأعاذهم من شر عدوهم ، إنه سبحانه قوي عزيز .

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

زر الذهاب إلى الأعلى