أرشيف الفتاوى

لماذا تغيرت الفتوى

فضيلة الشيخ الداعية عبدالله بن خلف السبت

كنت ألقيت محاضرة في مدينة الجهراء حول الأحداث الأخيرة وما يجري في العراق من قتل للأبرياء وتفجير باسم ( الجهاد ) وقلت : إن هذا إفساد ، وليس جهادا0

وهذا مذهب لعموم علماء الدعوة السلفية ، وليس هذا القول بطارئ ، بل قديم نشرناه منذ أكثر من خمسة عشر عاما 0

وبعد المحاضرة طرح سؤالا مفاده – لماذا تغيرت الفتوى لديكم من أفغانستان إلى العراق ؟

قلت له : لم تتغير الفتوى , لأن الأفغان حاربوا الروس ، والعراق يحاربون الأمريكان 0

وإنما تغيرت الفتوى لاعتبارات واقعية وشرعية أهمها :

أولا : الروس احتلوا بلاد المسلمين في أفغانستان ، واستباحوا حرماتهم ، ونشروا الكفر ، وتعاونت معهم حكومة محلية ، ثم قام الشعب الأفغاني بالهجرة التامة لبلاد مجاورة هي باكستان ، وهب الشعب كله لجهاد هؤلاء الغزاة الكفار 0

إن الوضع في العراق مختلف ، حيث أن الشعب العراقي بكل طوائفه وملله ونحله ، هو الذي استنجد بهؤلاء وهم كفار ، لتخليصه من كفار ملحدين يحكمون البلاد ويعيثون فيها الفساد .

الكفار سمحوا للناس بفتح المساجد وإقامة شعائر الدين ، مما لا يكابر فيه إلا صاحب هوى 0

ثانيا : تمايز الصف بين المسلمين والكفار ، فالمسلمون في جهة والكفار في جهة أخرى ، فمعسكر لأهل الإسلام ومعسكر لأهل الكفر وبالتالي فالقتال يدور بين معسكرين متمايزين 0

ثم لم يعهد في الحرب الأفغانية ، أن المجاهدين قتلوا من الأفغان من كان غير محارب منتم لمعسكر الكفار

أما الوضع في العراق فلا يوجد تمايز صف ، ولا وضوح راية ، ولا معرفة من قبائل ، ولا حتى إقامة شعائر الصلاة لدى هؤلاء الذين يزعمون الجهاد ، وكذلك لا يرعون لمؤمن كبيرا كان أم صغيرا حرمة 0

وزعماء الأفغان معروف أصلهم وحالهم ، وزعماء الإرهاب في العراق مجهولو الحال والصفة والأصل .. فشتان بين الأمرين 0

ثالثا : إن الروس قدموا لبلاد الأفغان لنشر الكفر الصريح ، ومنع إقامة الدين ، وهؤلاء قدموا لاعتبارات منوعة ، لكن ليس فيها هدم الدين ، لأن الحكم البعثي السابق ليس فيه دين أصلا ، وكذلك الواقع في العراق كان محاربة الدين سواء كان سنيا أو شيعيا ، ولذلك بعد سقوط نظام البعث الكافر ، ارتاح الشعب وعمرت المساجد ، ومارست كل الطوائف حريتها ، فالفرق إذن واضح وجلي 0

رابعا : إن العراق قد استقر الحال فيه سياسيا ، وأصبحت لديه حكومة بغض النظر عن حالها ، وبالتالي يجب احترام هذه الحكومة ، مثلها مثل حكومة مصر وسوريا والأردن وغيرها ، وبالتالي لا يجوز إحداث شغب ولا فتح باب شر 0

خامسا : إن الذين يقاتلون في العراق ، لا يعلنون ماذا يريدون ؟! والعراق الآن يحكم ظاهرا بحكومة عراقية مثل الأردن وغيره 0

فليظهر هؤلاء وليصرحوا بهويتهم وماذا يريدون ؟

سادسا : وعلى فرض أن هؤلاء ليس عليهم مشايخ الضلال ، وقالوا إن هذا جهاد دفع ! فنقول : أين القدرة والقوة ؟

فالعقل يقتضي الصبر حتى يأتي الله بأمر من عنده 0

وأخيرا : لهذه الأسباب وغيرها تغيرت الفتوى ، وحرم العلماء القتال في العراق ، كما حرموا القتال مع طالبان ، لأنه نوع من أنواع المغامرة ، وقد فصلت في مواضع أخرى هذه المسألة 0

وفي هذا بيان لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد 0

زر الذهاب إلى الأعلى