علوم طبية

الاعجاز في ذبح الحيوان

 من الإعجاز العلمي ..ذبح الحيوان قبل موته

ضمان لطهارة لحمه من الجراثيم و الميكروبات

يقول تعالى : {حُرِّمَت عليكمُ المَيْتَةُ و الدَّمُ و لَحْمُ الخِنْزيرِ و ما أُهِلَّ لِغَيْرِِ اللهِ بِهِ و المُنْخَنِقَةُ و المَوْقوذَةُ و المُتَرَدِّيَةُ و النَّطِيحَةُ و ما أكَلَ السَّبُعُ إلا ما ذَكَّيْتُم و ما ذُبِحَ على النُّصُبِ و أن تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُم فِسْقٌ ، اليومَ يَئِسَ الذين كفروا مِن دينِكُم فَلا تَخْشَوْهُم و اخْشَوْنِ ، اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُم و أتْمَمْتُ عَلَيْكُم نِعْمَتي و رَضِيتُ لَكُمُ الإسلامَ ديناً} [ المائدة : 3 ]

تعد قضية ذبح الحيوان التي يأمر بها الإسلام قبل الإفادة من لحم الحيوان ـ الذي أحله الله ـ من جملة القضايا الساخنة التي تثار للتشكيك في شرائع الإسلام و أحكامه ؛ جهلاً بطبيعة الأوامر الربانية التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولاخلفها ، و لا يعتريها النقص و الخلل .
و كثيراً ما دارت معارك كلامية ، و حوارات مفتعلة مع الأقليات المسلمة ، في كل من بريطانيا و أمريكا و فرنسا و غيرها حول هذه القضية .
و تعد جمعيات الرفق بالحيوان في هذه البلدان و غيرها من أبرز الجمعيات التي تثير هذه القضية و تستنكرها ، و تظهر مناظر الأغنام بعد قيام المسلمين بذبحها و هي ترفس بأطرافها ، و تتلوى من الألم ، متهمة القائمين بذلك بالوحشية و الهمجية ، و هذا ـ بالإضافة إلى كونه من مظاهر الحقد و التشويه ـ يعد جهلاً مركباً بما توصل إليه العلم الحديث في هذا المجال من الحقائق الدامغة .
فإن الذبيحة تفقد الشعور والاحساس بالألم بمجرد ذبحها ، لانقطاع الدم عن الدماغ ، خلاقا للطرق المتبعة في الدول الت لاتذبح ذبحا شرعيا ، فإنها تضرب الذبيحة على رأسها فيكون الألم أعظم ، أو تصعق بالكهرباء فلا يخرج الدم منها بعد ذبحها إلا قليلا ، ويحتبس بعروقها ، وفي ذلك ضرر على آكلها .
و فيما يلي بيان الحكمة من الذبح و تحريم الأنواع الأخرى المذكورة في الآية الكريمة ، في ضوء ما توصل إليه العلم الحديث :-

المَيْتَةُ و الدَّمُ :

لحم الميتة هو مستودع للجراثيم و مستودع للأمراض الفتاكة . إذا تركنا جراماً من الدم ، و جراماً من اللحم في مكان مكشوف ،  ثم أردنا استعمال كل منهما بعد ثلاث ساعات أو أربع ساعات تقريباً … فهل من ضرر سيحدث من جراء ذلك ؟
نعم .. ضرر كبير !!
أما الدم  ، فإن الجراثيم الممرضة ربما انتقلت إليه عبر السكين التي ذبح بها الجزار ، أو عبر الهواء المحيط ، أو قد تنتقل من مصدر مجاور ؛ فإذا انتقل عدد من الجراثيم إلى الدم فإن الجرثومة الواحدة تتضاعف هندسياً كل نصف ساعة ، فتتوالد الجرثومة الواحدة إلى اثنتين ، و لو اعتبرنا أن 1000 جرثومة انتقلت إلى هذا الجرام من الدم فإنها تصبح بعد نصف ساعة 2000 ، و بعد ساعة واحدة يرتفع العدد إلى 4000 ، و بعد ساعة و نصف تصبح 8000 جرثومة ، ثم يرتفع عدد الجراثيم إلى 16000 جرثومة بعد ساعتين ، و بعد ثلاث ساعات يكون العدد قد وصل إلى 64000 جرثومة  ، تغزو هذا الجرام الواحد من الدم .
و معلوم أن الدم أصلاً توجد فيه كميات هائلة من الجراثيم ، بل إنه بعد وفاة الحيوان يصبح ملوثاً ، ضاراً جداً بصحة الإنسان إذا تم شربه ، أو حفظه في مكان ثم شربه بعد ذلك .

و ماذا بشأن قطعة اللحم المذبوح ؟
بالنسبة لقطعة اللحم فإن الجراثيم تبدأ بغزو السطح الخارجي ، عبر التهام الطبقة الصلبة التي يصعب على الجراثيم اختراقها ، عندها تبدأ بالتهام ما يوجد في الطبقة الصلبة ؛ فيتناقص عنها الغذاء و يموت عدد كبير منها لعدم قدرتها على التكاثر بسرعة .
فإذا أراد الطباخ أن يطبخ هذه القطعة من اللحم  ، فإنه يقوم بغسلها من الخارج ؛ و عندها تكون كمية من الجراثيم قد أزيلت بهذه العملية ، ثم بالطبخ يتم القضاء على كمية أخرى كذلك من هذه الجراثيم .

المُنْخَنِقَةُ :

هل هناك خطورة من تناول لحم الحيوان الذي يموت خنقاً ؟
لقد اكتشف مؤخراً أن هناك علاقة بين الأمراض التي يحملها هذا الحيوان الذي يموت مختنقاً و بين صحة الإنسان . فإن جدار الأمعاء الغليظة للحيوان هو كحاجز يمنع انتقال الجراثيم من الأمعاء الغليظة ـ حيث توجد الفضلات ـ إلى جسم الحيوان و إلى دمه ، طالما كان الحيوان على قيد الحياة .
و معلوم أن الأمعاء الغليظة مستودع كبير للجراثيم الضارة بالإنسان ، و الجدار الداخلي لهذه الأمعاء يحول دون انتقال هذه الجراثيم إلى جسم الحيوان ، كما أن في الأوعية الدموية جدار آخر يحول دون انتقال الجراثيم من دم الحيوان ،  فإذا حدث للحيوان خنق فإنه يموت موتاً بطيئاً .
وتكمن الخطورة في هذا الموت البطئ  ،عندما تفقد مقاومة الجدار المغلف للأمعاء الغليظة تدريجياً ، مما يجعل الجراثيم الضارة تخترق جدار الأمعاء إلى الدماء و إلى اللحم المجاور ، و من الدماء تنتقل هذه الجراثيم مع الدورة الدموية إلى جميع أجزاء الجسم ، لأن الحيوان لم يمت بعد ، كما تخرج من جدار الأوعية الدموية إلى اللحم بسبب نقص المقاومة في جدر هذه الأوعية الدموية ، فيصبح مستودعاً ضخماً لهذه الجراثيم الضارة .
ثم تفتك هذه الجراثيم المتكاثرة بصحة الحيوان حتى الموت ، و موته في هذه الحالة يعني وجود خطر كبير في جسد هذا الكائن الذي يموت مختنقاً .

________________________________________

المَوْقوذَةُ :
( الوقذ هو الضرب )

هل هناك تشابه في الخطورة بين موت الحيوان خنقاً ، و بين موته ضرباً ؟
نعم .. يصاب هذا الحيوان كذلك بالموت البطئ كالمختنق تماماً فيقع له ما وقع للمختنق ؛ و زيادة على ذلك فإن الضرب يتسبب في تمزيق الأوعية الدموية في مكان الضرب ، كما يمزق الخلايا فيه ، فيختلط تركيب الدماء مع تركيب الخلايا مما يتسبب في حدوث تفاعلات للمواد السامة الضارة .
و لذلك تلحظ وجود تورم يقع في مكان الضرب .
إن هذا التورم الحادث سببه وجود هذه التفاعلات الكيميائية الضارة التي أصبحت مولدات لمواد سامة إلى جانب التسلخ الذي يحدثه الضرب في جسم الحيوان .
و بهذا يصبح الحيوان الذي مات ضرباً مستودعاً للجراثيم الضارة  ، و خطراً على صحة الإنسان .

المُتَرَدِّيَةُ :

قد يموت الحيوان بطريقة أخرى ، كأن يتردى من مكان عالٍ .. فماذا عن أكل لحمه بعد موته ؟
الحيوان الذي يموت بهذه الطريقة تكون حالته مثل حالة الذي مات بالضرب ، ففي مكان السقوط يحدث هذا التمزق و يبدأ بالموت موتاً بطيئاً .. و حتى لو مات مباشرة بعد السقوط ، فإن الجراثيم تغزو الجسم بسرعة ، و لذلك نجد أن العفونات سرعان ما تتصاعد من جسم هذا الكائن ، دليلاً على ما يوجد فيه من جراثيم و ميكروبات خطيرة .

النَّطِيحَةُ :

هناك حيوانات تموت من أثر التناطح فيما بينها ، فهل هناك من خطورة إذا تم الأكل من هذا الحيوان الذي يموت بهذه الطريقة ؟
الموت بهذه الطريقة يشابه الموت ضرباً و لكنه أخطر ، ففي الغالب أن الحيوان عندما ينطح بقرنه تتم عملية النطح هذه في منطقة البطن ، و بالأخص في الأمعاء ، فيدخل القرن ملوثاً بالجراثيم إلى الدماء في أمعاء الحيوان الآخر ، و تجري الدماء في جسمه ، ثم يموت تبعاً لذلك .
و يشكل تناول لحم الحيوان في هذه الحالة خطراً محققاً على صحة الحيوان .

ما أكَلَ السَّبُعُ :

إذا افترس السبع حيواناً ما ، فماذا عن تناول شئ من لحمه بعد أن مات بهذه الطريقة ؟
معلوم أن مخالب السبع مملوءة بالجراثيم ، فإذا غرزها في جسم هذا الحيوان سارت تلك الجراثيم في دمه ؛ عندها يموت الحيوان ببطء و يصبح مستودعاً للجراثيم الضارة .

إلا ما ذَكَّيْتُم : ( الحكمة من الذبح في الإسلام ):

ماذا إذا تعرض الحيوان لأي من الطرق السابقة ، ولكنه بقي على قيد الحياة حتى قمنا بذبحه قبل أن يفارق الحياة ؟
بهذه الطريقة نكون قد استخلصنا المصدر الأساسي لنقل هذه الجراثيم و هو الدم ، و لا يمكن بعدها السماح بانتقالها إلى الأعضاء .
وإذا ذبح الحيوان قبل موته تخلص الجسم من هذه المادة التي تسبب انتقال الجراثيم إليه ؛ لأن الدم هو السائل الحيوي المهم في جسم الكائن الحي و الذي يستطيع مقاومة ملايين الطفيليات بما يحويه من كرات بيضاء ، و أجسام مضادة ما دام الكائن حياً و في درجة حرارته الطبيعية ، فإذا مات الحيوان و توقف الدم عن الجريان أصبحت الميكروبات بدون مقاومة ، و في هذه الحالة يكون أسلم الطرق هو الإراقة الكاملة لهذا الدم ، و إخراجه من الجسم في أسرع وقت ممكن .

الرحمة بالحيوان :

إذا قمنا بذبح الحيوان و قطع أوردته ، وبعد أن يسيل الدم منه ، فها يشعر الحيوان بالألم من جراء ذلك ؟
الجواب بسيط .. اضغط على أي شخص أمامك في مكان ذبح الشاة تجده قد أغمي عليه بعد لحظات . و قد اكتشف العلم أن مراكز الإحساس بالألم تتعطل إذا توقف ضخ الدماء عنها لمدة ثلاث ثوانٍ فقط ، لأنها بحاجة إلى وجود الأكسجين في الدم باستمرار .

كيف نقول إن هذا الحيوان لا يحس بالألم مع أننا نراه يرفس و يتحرك و يتلوى و يتخبط ؟
هذا سببه أن الجهاز العصبي لا يزال حياً ، و ما تزال فيه حيوية ، و لم يفقد منه غير وعيه فقط . و في هذه الحالة مادمنا لم نقطع العنق ، فإننا لم نعتد على الجهاز العصبي فتظل الحياة موجودة فيه ، لكن الذي يحدث في عملية الذبح بطريقة المسلمين أن يبدأ الجهاز العصبي بإرسال إشارات من المخ إلى القلب طالباً منه إمداده بالدماء ، لأنها لم تصل إليه ، و كأنه ينادي : لقد انقطعت عني الدماء .. أرسل إلينا دماً أيها القلب ، يا عضلات .. أمدي القلب بالدماء ، أيها الجسم .. أخرج الدماء فإن المخ في خطر .
عندها تقوم العضلات بالضغط فوراً ، و يحدث تحرك شديد للأحشاء و العضلات الداخلية و الخارجية ، فتضغط بشدة و تقذف بكل ما فيها من دماء و تضخها إلى القلب ، ثم يقوم القلب بدوره بالإسراع في دقاته بعد أن يمتلئ بالدماء تماماً ، فيقوم بإرسالها مباشرة إلى المخ ، و لكنها ـ بطبيعة الحال ـ تخرج للخارج و لا تصل إليه ، فتجد الحيوان يتلوى ، و إذا به يضخ الدماء باستمرار حتى يتفضى جسم هذا الحيوان تماماً من الدماء ..
و بذلك يتخلص جسم هذا الحيوان من أكبر بيئة خصبة لنمو الجراثيم ، و أخطر مادة على صحةالإنسان .
أي أن الحيوان المذبوح يفقد الحياة خلال ثلاث ثوانٍ فقط إذا ذبح بالطريقة الصحيحة ، و أن ما نراه في الحيوان من رفس و تشنج و ما شابه ذلك هي من مؤثرات بقاء الحياة في الجهاز العصبي ، و لا يشعر الحيوان المذبوح بها على الإطلاق .

الاستنتاج :

لقد وردت كل هذه الأسرار الطبية ، و الحكم الصحية في طيات هذا الكتاب العزيز الذي {لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد}.. فما من خير إلا دلنا عليه ، و ما من شر إلا حذرنا منه
والحمد لله رب العالمين ،،،

زر الذهاب إلى الأعلى