مختارات عامة

ألعاب الفيديو والكمبيوتر..

 سم في العسل.. والمعنى في بطن الـ «شريط»!
حد السكين!!

 السم في العسل..

المعنى في بطن «الشريط»..

لا عزاء للبراءة..

مصائب تقض المضاجع..

ألعاب سيئة السمعة..

نظرة فابتسامة فموعد فانحراف..

« سي ديات» تحمل للشباب ما لذ وطاب .. هذه وغيرها الكثير، ما نشيتات قفزت الى ذهني وانا استعد لكتابة الافتتاحية حول العاب فيديو القرن الواحد والعشرين ما عليها.. وما عليها لانني اعتقد بان لا شيء لها!

فالانفراد بالتكنولوجيا المتوافرة على مدار الساعة لجميع افراد الاسرة اطفالها وشبابها وحتى شيابها لم يترك لحسن النوايا ذلك المجال الواسع الذي يمكن ان نحتكم اليه، ولم يعد ممكنا في خضم هذا البحر المتلاطم الهائج الامواج ان نجد قاربا آمنا ينقلنا الى اقرب بر بعيدا عن الفضائح والاباحيات والمثيرات التي امتلأ بها شاطىء الحياة اليوم عبر ما نطلق عليه العابا لكنها في واقع الامر ابعد من ذلك بكثير ولاتستقيم وتلك اللفظة العفوية التي كنا نطلقها دائما حين كنا صغارا قائلين: «هيا بنا نلعب»!
فقد غدت هذه اللفظة وامست وباتت عبارة «سيئة السمعة» وعلى من يتفوه بها ان يبرز شهادة مذيلة بتوقيع اثنين من «المحترمين» يشهدان له بحسن النوايا!

طوفان الإغراءات!

.. يقولون ان العاب الفيديو والانترنت ما هي الا تقنية عصرية ، فيها الكثير من الفوائد كما ان بها بعض المثالب ودخولها الى البيوت من علامات الرقي والتقدم.
وعلى صاحب اللب ان يختار المفيد الصالح ويبتعد عن الضار الطالح.. ولكن.. فلينظر هؤلاء الى المخاطر والدراسات والفضائح التي تسوقها لنا تلك «الالعاب» يوميا والاثار النفسية والجسدية والمجتمعية والتشوهات الاسرية المشبوهة واللاأخلاقية منها ، حتى بتنا نراها سلاحا ذا حد واحد طاعن قاتل ، سافك للبراءة وللوقت وللتقاليد وللاحترام.
النصائح تكاد تتضاءل أمام طوفان من الاغراءات، ولم يعد غريبا ان ينجذب الاطفال نحو الألعاب الالكترونية على حساب الألعاب الأخرى ، حيث ادى انتشار الكمبيوتر وألعاب الفيديو أخيراً ، إلى بروز دورها في حياة الأطفال وأصبحت هي ألعاب التسلية والترفيه للجيل الجديد ، والألعاب العصرية التي فرضت نفسها عى الساحة.
وهى وان كانت تحمل بين طياتها «قيراط» فائدة إلا انها تحمل ايضاً وبين طياتها «فدان» مخاطر.. «لقد نجحت تلك الألعاب في محاكاة الحياة الواقعية ، وصياغة الألعاب من افكار تحاكي سيرة الحياة العادية وتدخل اللاعب في عالم لا يمكنه التفرقة بينه والعالم الحقيقي».. هكذا وصفها البعض..
فقد استطاعت ألعاب الكمبيوتر والفيديو في السنوات الأخيرة ان تشعر اللاعب انه يركب سيارة السباق بالفعل ، أو أنه يسير في الفضاء حتى انه يتمكن من اختيار العوالم التي يسير فيها ، أو البيئة التي يحارب فيها، بل وحتى المحاربين المنافسين له سواء كانوا بشراً ام كائنات خيالية أو غير ذلك وأخذت تعتمد على الكثير من عناصر الإبهار والمؤثرات الضوئية والصوتية التي تشد الكبار أيضاً إلى جانب صغارهم.

مقبول وجائز ولكن..

قيراط الفائدة يضم ناحية تثقيفية تقدم للاعب معلومات تعلمهم بعض العادات الحسنة.. جائز!.
تعتبر عاملاً لتقوية المخيلة وسرعة البديهة حيث يرونها محرضة على تحدي الذات والنشاط الذهني.. مقبول!
.. تحاكي البيئات وتشرح العادات وتنمي قوة التحكم وارادة البقاء.. مقبول أيضاً!!
.. تمنح ترفيهاً ومتعة وراحة وتدريباً وبثاً لروح التعاون والتنظيم واعطاء الثقة بالنفس.. كل هذا جائز ومقبول ومطلوب.. لكنه في واقع الأمر نقطة في بحر المخاطر والويلات فبعضها توحي بأفكار عنصرية تفرق بين شعب وآخر!!
.. وهذه تقدس العنف إلى حد المبالغة ولو بدون هدف!!
.. وتلك تساعد على تبلد الفكر والشعور لدى اللاعب ، إذ تجعله يعتاد صور الدماء والقتل.. الطبيعة التفاعلية لألعاب الفيديو تشوهت إلى حد يصعب من خلاله التمييز أو فصل الخيال عن الحقيقة وبالتالي فإن ممارسي هذه الألعاب معرضون للإصابة أكثر من غيرهم بقلق نفسي عميق ، كنتيجة للمناظر العنيفة التي يرونها ويتفاعلون معها.
لم تعد لألعاب بسيطة مثل «ماريو» أو «سونيك» مجالا للولوج بين اللاعبين إذ انهم يحتاجون ألعابا تمتلئ اثارة وتشويقاً فظهرت ألعاب تحاكي تلك الإثارة وتعدت فقدمت ما يسئ للذوق وينشر الاسفاف الرذيلة ، ويروج للأفكار الإباحية الرخيصة ، التي تفسد عقول الأطفال والشباب على حد سواء.

نماذج صارخة!

في إحدى اللعبات مثلاً يأخذ اللاعب فيها دور جندي عار مطلوب منه ان يغتصب امرأة عارية مربوطة في الصحراء ، وليحقق مراده ويربح عليه ان يتجنب الاسهم المتساقطة من ابناء جنسها!!
.. ولعبة أخرى تحتوي مشاهد اغتصاب عنيفة وفتيات مقطوعة رؤوسهن!!
.. وثالثة فيها الكثير من المشاهد الجنسية الفاضحة وكلمات تطلقها نساء عاريات تثير الرغبات!!
.. ورابعة يقوم اللاعب بمهمات متعددة تتراوح بين المقامرة أو القتل او الابتزاز بتصوير شخصية مرموقة في وضعية فاضحة مع امرأة والأموال التي يحصل عليها اللاعب قابلة للصرف خاصة على النساء في الحانات أو المقامرة، ويمكن للاعب ان يقتل عناصر الشرطة او المارة متى شاء وان يدوسهم بأقدامه في سبيل الفوز، ويتمتع اللاعب فيها بخاصية جذب النساء إليه فاذا أوقف سيارته الفخمة بجانب احدى النساء شبه العاريات في الشارع فإن اشارة واحدة من ذلك اللاعب تجعل تلك المرأة الى جانبه في السيارة.
كما ان اللعبة تحتوي على الكثير من الاباحية ، وسهولة تعاطي المخدرات والدلالات العنيفة!!
عالم النفس الامريكي دتيز توصل قبل نحو سبعة اعوام الى ان الجنس والتمييز العنصري والتشجيع على العنف هو ما تشترك فيه العاب الفيديو وان هذه المواضيع تؤثر سلباً على الاطفال والكبار الى احد انها تنعكس في حياتهم الشخصية وتصرفاتهم اليومية في العالم الحقيقي.
وكان لدراسته تلك اكبر الاثر في اقرار قانون في ولاية ايلنيوي الامريكية يمنع بيع العاب الفيديو ، التي تحتوي على مشاهد عنيفة او جنسية للقاصرين ، وتغريم المحلات التي تبيعها لهم مبالغ تصل الى الف دولار،  اي ان الألعاب صارت للكبار فقط.

احد المشايخ الكويت اظهر صورا ولقطات على احدى القنوات التلفزيونية الكويتية ، احتوتها احدى لعبات جهاز بلاي ستيشن 2 «فاي سيتي في» لنساء عاريات وحركات جنسية تقشعر لها الابدان.
اضافة الى ما سبق الاضرار والمخاطر الصحية لطول ممارسة تلك الالعاب ، والالتهاء بها مثل اصابة الرقبة والظهر والاطراف مما قد ينتهي بالاعاقة خاصة عند البالغين!
كما ان الوميض المتقطع بسبب المستويات العالية والمتباينة من الاضاءة في الرسوم المتحركة ، الموجودة في هذه الالعاب تتسبب ، حسبما اكتشف العلماء اخيراً، في حدوث نوبات صرع لدى الاطفال ، كما حذروا من الاستخدام المتزايد لالعاب الكمبيوتر والفيديو الاهتزازية من قبل الاطفال ، لاحتمال ارتباطه بالاصابة بمرض ارتعاش الاذرع والايدي ، الى الحد الذي دفع الباحثين الى المطالبة بضرورة كتابة تحذيرات على مثل هذا النوع من الالعاب وضرورة تقنين انتاجها وتحديد نسب اهتزاز معينة في الاجهزة.
واشار العلماء ايضاً الى ظهور مجموعة جديدة من الاصابات الخاصة بالجهاز العظمي والعضلي ،على مدى الخمس عشرة سنة الماضية ، ومع انتشار العاب الفيديو والكمبيوتر مثل كثرة حركة الاصابع على لوحة المفاتيح والتي تسبب اضراراً بالغة لاصبع الابهام ومفصل الرسغ ، اضافة الى الاجهاد البصري حيث تؤدي مجالات الاشعة الكهرومغناطيسية المنبعثة من الشاشات لفترة طويلة الى حدوث احمرار العين والجفاف والحكة ، وهي اعراض تعطي الاحساس بالصداع والقلق والاكتئاب والشعور بالاجهاد البدني.

نهر لا بحر!

هذا غيض من فيض المخاطر والمثالب ، ونهر صغير وليس كل البحر، اذ لم ارد الخوض اكثر في تفاصيل يمكن ان يراها البعض ضرباً من خيال ، وان كانت جميعها حقائق اثبتها الواقع وايدتها الابحاث والدراسات ، الا انه يكفي القول انه ليس كل ما هو متوفر من العاب الالكترونية، يمكن استخدامه بامان .. وان السلاح ذا الحدين اصبح هذه المرة بحد واحد حيث ان الوعي لم يستطع مواكبة التطورات وخاصة في مجتمعاتنا العربية ، اذ ان الوعي العام بهذه المشكلة لم يزل غير مكتمل ولم يصل الى الحد المطلوب ، حيث لا تزال تلك الالعاب تعني بالنسبة لكثير من اولياء الامور مجرد تسلية وترفيه ، رغم الاعتراف بأن لها بعض المساوئ ، وربما تكون مشكلة قلة الوعي تلك في عالمنا العربي ـ وحسب قول الخبراء ـ هي السبب في عدم قدرتنا على انتاج العاب الكترونية خاصة بنا ، مع ان صناعة العاب الفيديو وحدها تدر سنويا بلايين الدولارات في امريكا واليابان، فيما حققت لعبة واحدة هي «جراند ثيفت» اجمالي ارباح تقدر بـ 560 مليون دولار متجاوزا بذلك ارباح «تيتانك» في الولايات المتحدة خلال سنة من طرحه بالأسواق!!.

… ما الحل؟!

ولكن قد نتساءل جميعا .. ما الحل؟!
أليس من سبيل للحماية والوقاية والردع؟!
علماء الاجتماع والنفس والتربويون قدموا الكثير من النصائح المخلصة للشباب والشابات ، والمراهقين والاطفال واسر هؤلاء جميعا، وجمعنا منهم الافضل في ملفنا الذي بين ايديكم، ولم يقصروا في تقديم كل ما لديهم من اجل تلك الحماية وذلك الردع.
وليس مطروحا رأي الدين في القضية ، لأنه وبلا شك واضح رأي العين ولا مجال للبس فيه اذ تقول القاعدة الفقهية ان «الحلال بين والحرام بين» وبينهما مشتبهات فاتقوا الشبهات.

… وبعد!

السكين قد نستخدمه لقطع الفاكهة ، وقد يستخدم لقطع الرقاب وطعن الصدور!.
السكين هذه المرة لم يجد فاكهة يقطعها بل شرح القواعد المجتمعية وقسم العادات ، وصال وجال تقطيعا وتمزيقا في اوصال الصحة والعقل والنفوس وطعنا في الادب والعفة والحياء!!.
لم يعد مجال التراجع متاحا فلا احد «يمكنه ان يخفي قرص الشمس بكفه».
ونحن ايضا نشدد على انه لم يعد هناك مجال للاستسلام ، لانه يعني وببساطة تشرذم مجتمع وغياب مثل وهزيمة جيل وضياع مستقبل أمة!.
فلننتبه الى «حد السكين» .. ولنحاول رسم خارطة طريق للنفاذ من ثقب الابرة التي تركه لنا زمن القرن الجديد وعلينا الا نقبل العزاء في سلوك أولادنا حتى لا تكون المصيبة اعظم لأن «سلعة» الله غالية .. ومن رغب في الحصول عليها لا بد ان يدفع ثمنها .. وهو ثمن ابدا ابدا لن يكون بخسا!!!

تاريخ النشر: السبت 17/6/2006 الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى