المذهب الشخصي والاصطلاحي
السؤال (154):
في كتاب العلم (لفضيلة الشيخ/ محمد بن العثيمين) الطبعة الأولى (1420هـ/ 1999)
في الفصل الثاني (سؤال رقم 13، سئل فضيلة الشيخ: متى يكون طالب العلم متبعاً لمذهب الإمام أحمد ؟
فأجاب فضيلته يقول: مذهب الإمام أحمد وغيره من الأئمة قسمان :
1- مذهب شخصي
2- ومذهب اصطلاحي
فأنت تكون متبعاً له شخصياً إذا أخذت برواية من الروايات عنه ، ولست آخذاً بالمذهب المصطلح عليه، إذا كان يخالف المصطلح عليه ، والمذهب المصطلح عليه أحياناً ينص الإمام أحمد على أنه رجع عنه وعلى أنه لا يقول به ، ولكن لكل أناس من أصحاب المذاهب طريقة يمشون عليها).
نريد توضيحاً وشرحاً للإجابة ما معنى مذهب شخصي ومذهب اصطلاحي، مع شرح الفقرة التي تلي ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه، ومن اهتدى بهداه، وبعد:
فمعنى قول الشيخ رحمه الله ” إن مذهب الإمام أحمد وغيره من الأئمة قسمان: «مذهب شخصي ومذهب اصطلاحي».
إن الإمام أحمد رحمه الله قد يفتي في مسألة بجوابين لاختلاف اجتهاده ، فيشتهر الأول بين أصحابه ويتناقله بعضهم عن بعض ، خاصة المتأخرين ، ويكون هو المذهب عندهم،،،
والثاني : لا يشتهر مع أنه من قول للإمام أحمد، يعرف ذلك عنه عرف أقواله المنقولة عنه بواسطة تلاميذه.
بل قد قال الإمام ابن القيم رحمه الله: المتأخرون يتصرفون في نصوص الأئمة ويبنونها على ما لم يكن لأصحابها ببال ، ولا جرى لهم في مقال ، ويتناقله بعضهم عن بعض، ثم يلزمهم من طرد لوازم لا يقول بها الأئمة، فمنهم من يطردها ويلزم القول بها، ويضيف ذلك إلى الأئمة وهم لا يقولون به ، فيروج بين الناس بجاه الأئمة ، ويفتي به ويحكم به ، والإمام لم يقله قط، بل يكون نص على خلافه.
وقال: لا يحل أن ينسب إلى إمامة القول ويطلق عليه أنه قوله ، بمجرد ما يراه في بعض الكتب التي حفظها أو طالعها من كلام المنتسبين إليه، فإنه قد اختلط أقوال الأئمة وفتاويهم بأقوال المنتسبين إليهم واختياراتهم، فليس كل ما في كتبهم منصوصاً عن الأئمة، بل كثير منه يخالف نصوصهم، وكثير منه لا نص لهم فيه، وكثير منهم يخرج على فتاويهم ، وكثير منهم أفتوا به بلفظه أو بمعناه ، فلا يحل لأحد أن يقول هذا قول فلان ومذهبه إلا أن يعلم يقيناً ، إنه قوله ومذهبه، انتهى. (مقدمة حاشية الروض المربع).
أي: إن الأتباع قد يؤصلون ويفصلون ما هو بعيد عن أقوال أئمتهم ، فلا بد من التأكد منها
بالرجوع الى ماكتبه الأئمة أنفسهم .
والله أعلم،
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.