ترجمة المصاحف للغات الأجنبية
السؤال :
ما حكم ترجمة المصحف إلى لغة اليهود (العبرية)؟ وهل هناك فائدة من ذلك؟
الجواب:
الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
أولاً: مما لا شك فيه أن القرآن نزل بشيراً ونذيراً للناس كافة، كما قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَـمِينَ نَذِيراً} (الفرقان: 1).
وقال سبحانه: {إنْ هوَ إلاَّ ذكرٌ للعَالَمينَ} (يوسف: 104).
وقال:{قُلْ يَـا أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي رَسُولُ ا&ِ إِليكُمْ جَمِيعاً} (الأعراف: 158).
وقال سبحانه: {وَمَا أرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَـمِينَ} (الأنبياء: 107).
وكيف يكون كتابه للعالمين نذيراً، وهم لا يدركون معانيه؟ ولا يفقهون عباراته؟ وكيف يستطيع الأعجمي أن يتذكر به وهو لا يدري ولا يعقل ما يقرأ عليه؟
وهل إذا أبلغت عربياً بالإنجليزية، أو إنجليزياً بالعربية تكون قد أنذرته أو بشرته؟!
لا شك أن الإبانة هي التوضيح والتفسير، ولا يكون ذلك إلا بلغة المبلَّغ إليه، وقد أوضح ذلك القرآن في قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَسُولٍ إلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} (إبراهيم: 4)، وقوله تعالى: {هَذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ} (إبراهيم: 52)، أي: هذا القرآن بلاغ للناس جميعاً عربهم وعجمهم، ولا يكون بلاغاً لهم إلا إذا تُرجم لهم وفهموه، ووقفوا علي معانيه، لأن تبليغ القرآن لهم بلغة العرب غير معقول ولا مقبول ولا ميسور.
وخص الله تعالى أهل الكتاب بذلك، فقال عز من قائل: {يا أَهْل الكِتابِ قدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ على فترة من الرسل أن تقُولُوا مَا جاءَنا مِن بَشيرٍ ولاَ نذيرٍ فقد جاءكم بشير و نذير} (المائدة: 19).
فهذا الكتاب إذا لم يترجم ويتناوله سائر الناس، لم تقم علىهم حجة الله تعالى، ولم يستوجبوا عذاباً ولا عقاباً، بل كان شأنهم شأن أهل الفترة، كما قال عز وجل: {ومَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} (الإسراء: 15).
قال بعض أهل العلم: لقد جاء محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن العربي لأمة العرب، وقد بزَّ ببلاغته الفصحاء، وأخرس ببيانه البلغاء، فما آمن له منهم إلا قليل، فكيف بالأعاجم إذا هم كُلِّفوا بالعربية؟!
لذا نقول: إن ترجمة معاني المصحف اليوم بلغات شعوب الأرض واجب من واجبات الأمة الإسلامية، يحصل به خير عظيم عميم.
والله أعلم،
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.