ظاهرة مؤسفة!!
السؤال (171):
نسأل عن ظاهرة مؤسفة بين بعض الفتيات وهي السحاق، ما حكم الشرع فيه، وهل فيه حد الزنا؟
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين،
وبعد:
فالسحاق والمساحقة: أن تفعل المرأة بالمرأة ، مثل صورة ما يفعل بها الرجل.
ولا خلاف بين أهل العلم والفقه أن السحاق حرام ، والمرأة التي تفعله فاسقة، مستحقة للتعزير والتأديب.
كما أن فعل السحاق مسقط للشهادة ، لأنه فسق قادح في العدالة، والعدالة شرط في قبول شهادة الشاهد.
واتفق الفقهاء على أنه إذا حصل إنزال فإنه يجب الغسل ويفسد الصوم.
قال ابن قدامة: وإن تدالكت امرأتان، فهما زانيتان ملعونتان.ولا حد عليهما، لأنه لا يتضمن إيلاجاً، فأشبه المباشرة دون الفرج، وعليهما التعزير لأنه زنى لا حد فيه، فأشبه مباشرة الرجل المرأة من غير جماع.
المغني (12/ 350 – 351).
(1) – وقد ذكرابن قدامة حديث: «إذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان»… والحديث رواه البيهقي (8/ 233) ثم قال: محمد بن عبد الرحمن، هذا لا أعرفه، وهو منكر بهذا الإسناد، انتهى، وفي الباب أحاديث أخرى ضعيفة، انظر «الضعيفة» (1601، 1602).
وقال الكمال ابن الهمام: وعمل المرأتين أيضاً كعمل الرجال، جماع فيما دون الفرج، لا قضاء على واحدة منهما إلا إذ أنزلت، ولا كفارة مع الإنزال.
وذهب العز بن عبد السلام وابن حجر الهيثمي إلى حرمة تكشف المرأة عند المساحِقة، لأنها متهمة ولا يؤمن أن تحكي ما تراه.
وعلى المسلمات مكافحة هذا الفعل القبيح بترك النظر إلى العورات ، فإنه سبب البلاء، قال تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} (النور: 31).
قال صلى الله عليه وسلم: «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ، ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة» رواه مسلم.
قال ابن القيم في روضة المحبين (ص92):
فلما كان غض البصر أصلاً لحفظ الفرج، بدأ بذكره، ولما كان تحريمه الوسائل فيباح للمصلحة الراجحة، ويحرم إذا خيف منه الفساد.
ثم قال: وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل كتب على ابن آدم حظه من الزنا، مدرك لا محالة، فالعين تزني وزناها النظر، واللسان يزني وزناه الكلام، والقلب يهوى ويتمنى، والفرج يُصدِّق ذلك أو يكذِّبه» رواه البخاري ومسلم وأحمد.
فبدأ بزنى العين، لأنه أصلُ زني اليد والرجل والقلب والفرج ، ونبه بزنى اللسان بالكلام على زنى الفم بالقُبَل وجعل الفرج مُصدقاً لذلك إن حقق الفعل ، أو مكذباً إن لم يحققه، وهذا الحديث من أبين الأشياء على أن العين تعصي بالنظر وأن ذلك زناها، ففيه رد على من أباح النظر مطلقاً، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليس لك الثانية». رواه أحمد وأبو داود والترمذي. انتهى.
ولينظر كلامه رحمه الله تعالى في فوائد غض البصر، من كتابه السابق، فإنه نفيس.
وما أحسن قول من قال:
كل الحوادث مبداها من النظــر ومعظم النار من مُستصغر الشرر
كم نظرة فعلت في قلب صاحبها فتك السـهام بلا قوس ولا وتــــر
وعلى المرء أن يستعف عما حرمه الله تعالى ، حتى يغنيه الله تعالى بحلاله عن حرامه، كما قال سبحانه: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ الله مِن فَضْلِهِ}.
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وأغننا بفضلك عمن سواك.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه.