أرشيف الفتاوى

حكم القرقيعان

السؤال (175):

فضيلة الشيخ/ حفظه الله ونفع به،
نريد منكم فتوى عن حكم القرقيعان في الشرع بصفته التي نحن عليها بالبيئة الكويتية، وما حكم عمل مهرجانات بذلك، وما حكم قبول هدية الطالبة لمعلمتها بهذه المناسبة؟
وجزاكم الله خيراً كثيراً، وبارك فيكم.

الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اهتدى  بهداه ،،،
إن ما يسمى «بالقرقيعان» هو نوع من الاحتفال يكون في منتصف شهر رمضان تقريباً، يعود في كل سنة، يحتفل فيه الناس بتقديم الحلويات والمكسرات على الأطفال ويجتمعون لذلك أحياناً، ويطوف فيه الأطفال على البيوت ويطرقون الأبواب سائلين للحلويات وغيرها، لابسين لملابس خاصة أحياناًو أكياس في صدورهم أو بأيديهم.
وهذا عيد مبتدع مخترع، لا أصل له في الإسلام ولا يعرف ـ فيما أعلم ـ عند السابقين من صدر هذه الأمة. وقد كان صلى الله عليه وسلم يقول في خطبه: «أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة» رواه مسلم.
و قد طرق هذه المسألة – وهي مسألة الأعياد – بتوسع شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه «اقتضاء الصراط المستقيم» ونذكر منه ما يناسب باختصار وتصرف، قال رحمه الله:
والوجه الثاني: في ذم المواسم والأعياد المحدثة: ما تشتمل عليه من الفساد في الدين، واعلم أنه ليس كل أحد، بل ولا أكثر الناس يدرك فساد هذا النوع من البدع،لا سيما إذا كان من جنس العبادات المشروعة، بل أولوا الألباب هم الذين يدركون بعض ما فيه من الفساد. والواجب على الخلق: اتباع الكتاب والسنة، وإن لم يدركوا ما في ذلك من المصلحة والمفسدة.
فمن ذلك: أن من أحدث عملاً في يوم، كإحداث صوم أول خميس من رجب، والصلاة في ليلة تلك الجمعة التي يسميها الجاهلون «صلاة الرغائب» مثلاً، وما يتبع ذلك من: إحداث أطعمة وزينة وتوسيع في النفقة ونحو ذلك، فلا بد أن يتبع هذا العمل اعتقاد في القلب، وذلك لأنه لا بد أن يعتقد أن هذا اليوم أفضل من أمثاله … ثم قال: ولولا قيام هذا الاعتقاد في قلبه، أو في قلب متبوعه لما انبعث القلب لتخصيص هذا اليوم والليلة، فإن الترجيح من غير مرجح ممتنع.
وقال في موضع آخر:
والعيد يكون اسماً لنفس المكان ولنفس الزمان ولنفس الاجتماع، وهذه الثلاثة قد أحدث فيها أشياء. أما الزمان: فأولاً: كتعظيم يوم لم تعظمه الشريعة أصلاً، ولم يكن له ذكر في السلف ولا جرى فيه ما يوجب تعظيمه مثل تعظيم أول خميس من رجب وليلة تلك الجمعة التي تسمى الرغائب، فإن تعظيم هذا اليوم والليلة، إنما حدث في الإسلام بعد المائة الرابعة.
ثانياً: أو تعظيم يوم جرت فيه حادثة كما يجري في غيره، من غير أن يوجب ذلك جعله موسماً، ولا كان السلف يعظمونه كثامن عشر ذي الحجة الذي خطب النبي صلى الله عليه وسلم فيه بغدير خم مرجعه من حجة الوداع، فزاد بعض أهل الأهواء واتخذوا هذا اليوم عيداً، وهذا محدث لا أصل له، فلم يكن في السلف لا من أهل البيت ولا من غيرهم، من اتخذ ذلك اليوم عيداً، حتى يحدث فيه أعمالاً، إذْ الأعياد شريعة من الشرائع.
ثالثاً: ماهو معظم في الشريعة كيوم عاشوراء ويوم عرفة ويومي العيدين والعشر الأواخر من شهر رمضان والعشر الأول من ذي الحجة وليلة الجمعة ويومها والعشر الأول من المحرم، ونحو ذلك من الأوقات الفاضلة التي يحدث فيها من البدع والمنكرات ما يعتقد أن له فضيلة، وهو في حقيقته منهي عنه.
و قال: إن العبادات المشروعة التي تتكرر بتكرر الأوقات حتى تصير سنناً ومواسم، قد شرع الله منها ما فيه كفاية العباد، فإذا أحدث اجتماع زائد على هذه الاجتماعات معتاد، كان ذلك مضاهاة لما شرعه الله وسنّه. إلى آخر كلامه رحمه الله.
وبهذا يظهر أنه لا يجوز إقامة هذه الاحتفالات أو عمل المهرجانات بهذه الصورة التي صارت عيداً متكرراً كل سنة يعد لها الحلوى الخاصة وتطبع لها المنشورات وتستعد لها الأسواق،
وبنحو ما ذكرنا أفتت اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية وعلى رأسها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى
والله أعلم بالصواب.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

زر الذهاب إلى الأعلى