حكم الرطوبة التي تخرج من المرأة
السؤال :
ما حكم الرطوبة التي تخرج من المرأة ، أحياناً في أيام الحمل من بعض النساء ، وأحياناً في غير أيام الحمل ، هل هي نجسة؟ وهل يجب منها الوضوء؟
الجواب:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فالرطوبة التي تخرج من فرج المرأة لها مجريان:
مجرى الولد وهو يتصل بالرحم.
ومجرى البول وهو يتصل بالمثانة، فالخارج منه نجس.
أما الخارج من مجرى الولد فالصحيح أنه طاهر إذا لم يخالطه دم ، وهو ما اختاره ابن قدامه في المغني (2/491).
قال: لأن عائشة (رضي الله عنها) كانت تفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو من جماع فإنه ما احتلم نبي قط، ، وهو يلاقي رطوبة الفرج. انتهى
وما ذكـره ظاهر جـداً في إنه صلى الله عليه وسلم لم يكــن يعتبـر رطوبة فرج المرأة نجسة ، حتى في حال الجماع وإلا لأمر عائشــة رضي الله عنها بغسل ثوبه بدلاً من فركه.
وهو أيضاً من الأمور التي تعم بها البلوى ، فلو كانت نجسة لبين ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم .
والقول بالنجاسة أيضاً فيه حرج شديد على النساء والرجال.
والحرج مرفوع في هذه الشريعة السمحة .
والقول بالطهارة قول جمهور الفقهاء ، فالحنفية قالوا بذلك انظر: (حاشية ابن عابدين 1/349)، والشافعية في مذهبهم قولان منصوصان عن الإمام ونصر النووي والرافعي رواية الطهارة انظر: (المجموع: 2/570 ـ 571)، والحنابلة قد مر معك قول ابن قدامة من الحنابلة وهو ما رجحه ابن مفلح في الفروع (1/248) والبهوتي في شرح منتهى الإرادات (1/301)، والشرح الممتع للشيخ محمد العثيمين حفظه الله (1/390 ـ 392).
* أما هل ينتقض الوضوء بالرطوبة أو بالسوائل التي تخرج من المرأة؟
أما ما يخرج من مخرج البول فهو ينقض الوضوء ، لأنه خارج من أحد السبيلين ، فحكمه كالبول.
أما ما يخرج من مخرج الولد في أيام الطهر أو الحمل ، فلا دليل على أنه ينقض الوضوء.
قال ابن حزم في المحلى (1/155 ـ 256) مسألة: لا ينقض الوضوء غير ما ذكرنا ، لا رعاف ولا دم سائل من شيء من الجسد أو من الحلق أو من الأسنان…
إلى قوله: ولا شيء يخرج من فرج المرأة من قصة بيضاء أو صفراء أو كدرة أو كغسالة اللحم…
ثم قال: برهان إسقاطنا الوضوء من كل ما ذكرنا هو :أنه لم يأت قرآن ولا سنة ولا إجماع ، بإيجاب وضوء في شيء من ذلك. انتهى
واختار عدم النقض أيضاً: أبو الوليد بن رشد من المالكية كما في الذخيرة (1/421) للقرافي.
ويؤيده حديث أم عطية (رضي الله عنها) قالت:كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئاً (رواه البخاري 1/426) زاد أبو داود: بعد الطهر شيئاً.
والكدرة: الماء الذي يميل إلى السّواد.
والصفرة: الماء الذي تراه المرأة كالصديد يعلوه اصفرار، وعلى هذا فالراجح عدم النقض ، وإن أخذت امرأة بقول من يقول إنه ناقض احتياطاً فلا إنكار عليها.
والله اعلم.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليماً كثيراً
رجب /1416هـ