حكم إخراج زكاة الفطر مالاً والتوكيل فيها
السؤال :
كيف يخرج الطالب الذي يدرس في أمريكا زكاة الفطر عنه وعن زوجته وابنه ، مع العلم أنه لم يجد أو لم يهتد لمسلم يمكن أن يأخذ هذه الزكاة والمسؤلون عن المسجد في منطقته قالوا :إن عليهم أن يخرجوا (8 دولارات)للشخص فما الحكم في هذه المسألة ؟ أم يطلب من أهله في الكويت أن يخرجوا الزكاة عنه ؟
وهل يجوز أن يدفعها لغير مسلم إن طمع بتأليف قلبه ؟
الجواب:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد:
فقد روى البخاري (3/367)ومسلم :عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير، من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة».
وعن أبي سعيد الخــدري قـال: كنـا إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نخرج زكاة الفطر عن كل صغير وكبير حــر وممـلوك صاعاً من طعام أو صاعاً من أقــط أو صــاعاً من شعــير أو صاعاً من تمر أو صاعاً من زبيب..».
رواه البخاري (3/371) ومسلم .
فالواجب في صدقة الفطر صاع من القمح ، أو الشعير أو التمر أو الزبيب أو الأقط أو الأرز أو الذرة ، أو العدس ، أو نحو ذلك مما يعتبر قوتاً في زماننا ، كالحليب المجفف والجبن لأنه قريب من الأقط.
قا ل الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم، يرون من كل شيء صاعاً ، وهو قول الشافعي وإسحاق.
ولا يجزيء إخراج القيمة في قول جمهور أهل العلم.
بل سئل الإمام أحمد عن عطاء الدراهم في صدقة الفطر ، فقال :أخاف أن لا يجزئه ، خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل له :قوم يقولون :عمربن عبدالعزيز كان يأخذ القيمة ؟!قال : يدعون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون : قال فلان ! قال ابن عمر رضي الله عنهما : «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير، …(وأطِيعوا اَ وأطيعوا الرسُولَ).
(المغني 4/295)
ووقتها المستحب: قبل الخروج لصلاة العيد، لحديث ابن عمر السابق: «وأمر لها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة».
ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين ، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات». رواه أبو داود وابن ماجة .
وجمهور الفقهاء عــلى أنه يجــوز تعجيل زكاة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين.
قال نافع: وكان ابن عمر رضي الله عنهما يعطيها الذين يقبلونها ، وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين. رواه البخاري (3/375).
وفي الموطأ :عن نافع: «أن ابن عمر كان يبعث زكاة الفطر إلى الذي يجمع عنده قبل الفـطر بيومين أو ثلاثــة» وأخرجه الشافـعي عنه وقال: هذا حسن.
ويدل على ذلك أيضاً ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة قال: وكَّلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان» الحديث. وفيه: أنه أمسك الشيطان ثلاث ليال وهو يأخذ التمر، فدل على أنهم كانوا يعجلونها، قاله الحافظ ابن حجر: (الفتح 3/377).
ولا بأس أن يوكــل الإنســان غيره في أن يخــرج عنـه زكاة الفطر لسفره ونحوه.
أما مصرفها فقد بينه ما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين…الحديث».
قال ابن القيم رحمه الله: وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تخصيص المساكين بهذه الصدقة، ولم يكن يقسمها على الأصناف الثمانية قبضة قبضة ، ولا أمر بذلك ، ولا فعله أحد من أصحابه ولا من بعدهم ، بل أحد القولين عندنا: أنه لا يجوز إخراجها إلا على المساكين خاصة.
وهذا القول أرجح من القول بوجوب قسمتها على الأصناف الثمانية انتهى. (زاد المعاد 2/22)
وهو ما اختاره شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
والجمهور على أنها تصرف لفقراء المسلمين ومساكينهم ، ولا يعطى فقراء أهل الذمة منها شيئاً.
والله اعلم
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم