ظاهرة تشبه البنات بالشباب (البوية)!!
السؤال :
ما حكم ما يفعله بعض البنات في المدارس من تشبه بالرجال والشباب ، وتسمي نفسها بـ( البوية) وتتصرف وتتكلم كالشباب ، وربما اتخذت لها خليلة من البنات تسميها بـ(الليدي ) !!؟
الجواب :
الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك ، واشهد إن محمدا عبده ورسوله ، وآله وصحبه أجمعين .
أما بعد :
فمن الفطرة التي فطر الله عز وجل الناس عليها ، أن يحافظ الرجل على رجولته التي خلقه الله عليها ، وأن تحافظ المرأة على أنوثتها التي خلقها الله عليها ، وهذا من الأمور التي لا تستقيم حياة الناس إلا بها .
وتشبه الرجال بالنساء ، وهو ما يسمى بالتخنث ، وتشبه النساء بالرجال ، وهو ما يسمى بالترجل ، هو مخالفة للفطرة الإنسانية التي فطر الله تعالى الناس عليها ، وفتح لأبواب الفساد ، وإشاعة للانحلال في المجتمع ،،،
وحكم هذا العمل شرعا هو : التحريم والمنع ، لمخالفته الكتاب العزيز ، والسنة النبوية ، والفطرة والعقل .
فقد قال الله تعالى في كتابه ( فطرة الله التي فطر الله الناس عليها لا تبديل لخلق الله ) الروم : 31 .
فلا يجوز لأحد أن يبدل خلق الله عز وجل ، فيغير المخلوق على غير ما الوضع الذي وضعه له الخالق .
وأخبر الله تعالى عن الشيطان اللعين ، أنه أقسم على إضلال بني آدم ، وإيقاعهم فيما حرم الله عليهم ، فقال ( ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ) قال سبحانه ( ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا * يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا * أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا ) النساء : 119 – 121 .
فمما أغوى الشيطان به الناس : تغيير خلق الله ، وهذا يشمل تغيير الخلقة الظاهرة ، بالوشم والنمص والوشر وتفليج الأسنان – وهو بردها – وغيرها مما أغوى به الشيطان الناس قديما وحديثا ، مما يتضمن التسخّط على خلق الله تعالى ، وعدم الرضا بتقديره وتدبيره ، والقدح في حكمته ، واعتقاد أن ما يصنعونه أحسن مما خلق الله ؟!!
ووردت أيضا أحاديث نبوية صريحة في تحريم ذلك :
فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما قال : ” لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال ، والمترجلات من النساء ” .
وفي رواية : ” لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء ، والمتشبهات من النساء بالرجال ” أخرجه البخاري- الفتح :(10 / 332 ).
والمترجلات : جمع مترجلة ، وهي المرأة المتشبهة بالرجال في حركاتهم ولباسهم .
وإذا ورد نص شرعي بلعن من يقوم بعمل من الأعمال ، فإن ذلك يدل على تحريمه والزجر عن فعله .
والحديث يدل أيضا : على جواز لعن المتشبهين من الرجال بالنساء ، والعكس أيضا ، زجرا لهم وتأديبا .
والمخنث أو المترجلة يعترض على الصفة التي خلقه الله عليها ، ويحاول الخروج عنها ، وهذا اعتراض على حكم الله تعالى وحكمته ، وقضائه وقدره .
وورد أيضا : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ” لعَنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الرجلَ يلبسُ لبسة المرأة ، والمرأة تلبس لبسة الرجل ” . رواه أبو داود في سننه بإسناد صحيح ( 4098) .
وهذا الحديث يدل أيضا : على أنه لا يجوز تشبه كل من الجنسين بالآخر في اللباس ، ولا فيما هو من خصائصه فيه ، فلا يجوز للرجل أن يلبس القلائد ولا الأساور ، ولا الخلاخل ولا الأقراط في الأذن ونحوها ، كما هو منتشر عند أصناف الهبيين والخنافس ونحوهم ، وغيرهم ممن يسمى بـ ” الجنس الثالث ” في زماننا !! عافانا وإياكم من كل شر وبلاء .
وكذلك لا يجوز للمرأة أن تلبس ما اختص الرجل بلبسه ، من ثوب أو قميص أو عمامة أو نعل ونحوها ، بل يجب أن تخالفه في الهيئة والتفصيل واللون .
فالحديث دليل على وجوب مخالفة كل من الجنسين للآخر في اللباس .
وكثيرا ما يقترن تشبه الرجال بالنساء باللواط ، وتشبه النساء بالرجال بالسحاق ، وهما كبيرتان من كبائر الذنوب ، تضافان لما سبق من معصية التشبه بالجنس الآخر ، وفيهما الحد الشرعي .
والواجب على المسلمين جميعا ، السعي لعلاج هذه الظاهرة المحرمة .
فأولا : أن تكون المعلمة قدوة صالحة لتلميذاتها ، في خُلُقها ولباسها ودينها وتقواها ، قولاً وعملا ، لأن التلميذ ينظر إلى تصرفات أستاذه ومعلمه ويلاحظها ، ويتأثر بها ويقلدها .
ثانيا : لا بد من ربط الأبناء والبنات برسول هذه الأمة صلى الله عليه وسلم وإمامها وقدوتها ، كما قال ربنا عز وجل ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ) الأحزاب : 21 .
فيُقتدى به في اللباس والهيئة والآداب المنقولة عنه في الأحاديث الصحيحة .
ثالثا : ضرب الأمثلة للشباب والفتيات بالصالحين والصالحات من هذه الأمة المباركة ، من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان ، من العلماء والعباد والقراء والمجاهدين ، من النساء والرجال ، وذكرهم في أثناء الدروس واللقاءات ، ليقتدي بهم أبناؤنا وبناتنا ، فتصلح أحوالهم وأقوالهم وأعمالهم .
رابعا : يجب التصدي والتعاون من الجميع ، في المدرسة والأسرة ومؤسسات البلاد وغيرها ، لهذه الظاهرة السيئة ، ولكل الظواهر المنحرفة والمفاسد ، سواء كانت في العقائد أو العبادات أو العادات أو المعاملات أو السلوك والأخلاق ، عملا بقول المولى جل جلاله ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) آل عمران : 104.
وقوله سبحانه ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) المائدة : 2.
خامسا : الاجتهاد في الدعاء بصلاح الذرية ، من البنين والبنات ، وعدم الغفلة عن هذا السلاح العظيم ، سلاح المؤمنين ، كما دعا عباد الرحمن قائلين ( ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ) الفرقان : 74.
وقال نبي الله إبراهيم عليه السلام ( رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء ) إبراهيم : 40 .
وقال زكريا عليه السلام ( رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء ) آل عمران : 38 .
فنسأل الله السميع المجيب أن يقينا شر الفتن ، ما ظهر منها وما بطن ، وأن يحفظنا جميعا بالإسلام قائمين وقاعدين وراقدين .
والله تعالى اعلم ،،،
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد واله وصحبه وسلم