أرشيف الفتاوى

لعن المتبرجة !

السؤال :
هل يجوز لعن المتبرجات(التي تظهر زينتها أمام الأجانب) بأسمائهن ، للحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم ( العنوهن فانهن ملعونات )؟

الجواب :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين
وآله وصحبه والتابعين ،،،
وبعد :
اللعن هو الطرد والإبعاد من رحمه الله ، وإذا كان من الخلق فهو السب والدعاء بحصول ذلك .

وقد ورد النهي عن اللعن في السنة النبوية :

1- فعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : ” لا تلاعنوا بلعنة الله ، ولا بغضبه ، ولا بالنار”. رواه أبوداود والترمذي {“السلسلة الصحيحة” 890}

2- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : ” ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذئ”. رواه الترمذي وقال: حديث حسن .

3- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: ” لا ينبغي لصديق أن يكون لعانًا”. {رواه مسلم}
4 عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : ” إن العبد إذا لعن شيئًا، صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها ثم تأخذ يمينًا وشمالاً، فإذا لم تجد مَسَاغا (مدخلاً وطريقًا) رجعت إلى الذي لُعِن ، فإن كان أهلاً لذلك وإلا رجعت إلى قائلها”.رواه أبوداود .
وقد اختلف العلماء في لعن المعين : فقال النووي رحمه الله : وأما لعن الإنسان بعينه- أي إنسان معين بذاته- ممن اتصف بشيء من المعاصي كيهودي أو نصراني أو ظالم أو زانٍ أو مصور أو سارق أو آكل ربا ، فظاهر الأحاديث أنه ليس بحرام .

وذهب جماعة من أهل العلم إلى تحريمه ، إلا في حق من علمنا أنه مات على الكفر ، كأبي لهب وأبي جهل وفرعون وهامان وأشباههم ، لقوله تعالى ( إن كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ) البقرة : 161 .
لأن اللعن هو الإبعاد عن رحمة الله ، وما ندري ما يختم به لهذا الفاسق أو الكافر، فإن دعوتك عليه باللعنة معناها أنك تدعو عليه ألا يرحم أبدًا ، ولا يكون ذلك إلا بأن يموت كافرًا وهو لا يجوز، أما الذين لعنهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بأعيانهم فيجوز أنه صلى الله عليه وسلم علم موتهم على الكفر.
ولذلك فإن العلماء قد انقسموا إلى فريقين: فريق منهم يرى عدم جواز لعن المعين ، وهم الجمهور، وقد استدلوا بأدلة :
منها ما أخرجه البخاري في صحيحه : عن عمر رضي الله عنه أن رجلاً كان اسمه عبد الله وكان يلقب حمارًا، وكان يُضحك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب، فأُتي به يومًا فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم: اللهم العنه ، ما أكثر ما يؤتى به ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” لا تلعنوه، فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله “.
أما أصحاب الرأي الثاني فقد استدلوا بأدلة منها ما جاء في الصحيحين : عن عائشة رضي الله عنها قالت: استأذن رهط من اليهود على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليكم، فقالت عائشة رضي الله عنها: عليكم السام واللعنة، فقال: ” يا عائشة، إن الله يحب الرفق في الأمر”. قالت: ألم تسمع ما قالوا؟ قال : قد قلت : وعليكم .
وأيضًا بما ثبت في صحيح مسلم : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، إنما أنا بشر فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له زكاة ورحمة. رواه مسلم.
ولعل الراجح هو رأي الفريق الأول ؛  لقوة أدلتهم ولعموم النهي عن اللعن ، ولوروده على غير المعين غالبًا .
ولأن لعن المعين قد يؤدي الى استكبار العاصي أو تماديه في معصيته ، كماورد في حديث شارب الخمر السابق ،،،
إلا إذا غلب على الظن انزجار العاصي بلعن المسلمين له .
والله تعالى أعلم ،،،

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وآله وصحبه

زر الذهاب إلى الأعلى