حكم ترشيح المرأة وتوليها الولايات العامة
السؤال :
هل يجوز للمرأة الدخول في الانتخابات العامة (( البلدية – مجلس الشورى )) ونحوها من الولايات العامة ؟
الجواب :
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين ،،،
وبعد :
فجواباً على سؤالكم حول جواز دخول المرأة في الانتخابات العامة (( مجلس الشورى – البلدية )) .
وتوليها الولايات العامة كالوزارة والقضاء ونحوها .
نقول : الذي عليه اتفاق أهل العلم أن المرأة لا يجوز لها تولي رئاسة الدولة الإسلامية أو الإمارة العامة ، وقد جاء بذلك كتاب الله تعالى في قوله ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ )( النساء :34 ) فعموم هذه الآية يدل على أن القوامة حق للرجال على النساء ، فإذا كانت المرأة لا تملك الولاية على زوجها في بيتها ، فمن باب أولى أن لا تملك الولاية على غيره .
ومن السنة النبوية : ما روى أبو بكرة أنه قال : لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس ملَّكوا عليهم بنت كسرى قال : ” لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة ” . رواه البخاري في الصحيح وأحمد وغيرهما .
وهو نص صريح في أن المرأة ليست أهلاً لأن تتولى الملك أو الإمارة أو الولاية العامة ، ولا يحل لقومها توليتها عليهم ، لأن تجنب الأمر الموجب لعدم الفلاح واجب على الجميع كما قال العلماء .
والعقل السليم يدل على هذا المعنى الصحيح : فإن المشرع الحكيم قد راعى ظروف المرأة وما يعتورها من حالات أنثوية خاصة ، هي من طبيعتها وخلقتها ، فجعل شهادتها على النصف من شهادة الرجل ، وهو سبحانه لا يظلم أحدًا وهو ( يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) ( الملك : 4) فكيف يقال بتوليتها رئاسة الدولة أو الولايات العامة على الرجال ؟!!
ثم ما تتمتع به المرأة من عواطف جياشه ، وانفعالات تفوق في كمها وكيفها ما يتمتع به الرجل ، وما يتمتع به الرجل من قوة وصلابة وصبر وجلد ، وتفرغ للمسؤوليات وإدارة شؤون الحياة ، يجعل ذلك من المرجحات القوية لكفة الرجل في هذا المجال ، وذلك مما يزيدنا ثقة وقوة بأن ما شرعه الله تعالى واختاره ، هو الحكمة البالغة ، والمصلحة العامة ، والرحمة بالخلق أجمعين ..
ثم إن دخولها في هذه المجلس يعني اختلاطها بهم ، والجلوس معهم ربما لساعات طويلة والتحدث معهم ، وأن تنظر إليهم وينظروا إليها ، وهذا كله مما حرمه الله عز وجل في كتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم في سنته .
قال عز وجل : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيّةِ الأُولَى) ( الأحزاب : 33 ) .
فأمر أمهات المؤمنين وجميع المسلمات بالقرار في البيوت ، لما في ذلك من الحفظ والصيانة لهن وابعادهن عن وسائل الفساد والشرور ، لأن الخروج لغير حاجة قد يفضي إلى التبرج ،كما قد يفضي إلى شرور أخرى ، كما روى الترمذي : أنه صلى الله عليه وسلم قال : ” المرأة عورة ، فإذا خرجت استشرفها الشيطان ” أي : هي موصوفة بهذه الصفة ، ومن هذه صفته فحقه أن يستر ، والمعنى : أنه يستقبح بروزها وظهورها للرجل ، قال في الصحاح : العورة كل خلل يتخوف منه .
” فإذا خرجت استشرفها الشيطان ” قال الطيبي : أنها ما دامت في خدرها لم يطمع الشيطان فيها وفي أغواء الناس ، فإذا خرجت طمع وأطمع ، لأنها حبائله وأعظم فخوخه . ( فيض القدير 6/266 ) .
وقال عز وجل : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا?)( النور :30-31 ).
وهذان الأمران المطلوبان ( وهما غض البصر وحفظ الفرج ) يستحيل تحققهما إذا اختلطت المرأة بالرجال كزميلة أو مشاركة في العمل .
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : “ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ” متفق عليه من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما .
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم : ” اتقوا الدنيا واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ” رواه مسلم .
والخلاصة : أن استقرار المرأة في بيتها ، وقيامها بما يجب عليها فيه من تدبيره وإدارة شؤونه ، والقيام بحق زوجها وأولادها – بعد قيامها بحق الله تعالى -هو الذي فيه صلاح مجتمعها وأمتها ، وإن كان عندها فضل وقت وفراغ فيمكنها أن تعمل في الميادين النسائية ، كتعليم النساء والتطبيب والتمريض وما أشبه ذلك ، وهي بذلك تسد ثغرة في المجتمع ، وتعين على رقية كل في مجال اختصاصه ،،،
وفقنا الله جميعا لما يحب ويرضى .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .