دخول الحائض المسجد للحاجة
السؤال :
تعزم الحلقة الدائمة لتحفيظ القرآن الكريم إقامة حلقات لتحفيظ القرآن الكريم في المساجد للبنين والبنات ، ولكن بعض النساء اعتذرن عن المجيء للمسجد بحجة العذر الشرعي لهن ، وقد سمعنا من بعض الشباب أن المصلى لا بأس بدخول النساء المعذورات له للحاجة ، لذا نطلب من شيخنا الفاضل الإجابة على هذا التساؤل لنكون على بينه من أمرنا ،،،
وقد آثرنا أن تكون الإجابة مكتوبة لتعرض على النساء .
الجواب :
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم النبيين ، وعلى آله وصحبه أجمعين
فمكث الحائض والجنب في المسجد : فأكثر العلماء المتقدمين على المنع منه ، مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم : ” وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب “. رواه أبو داود (232) والبيهقي (2/442) وغيرهما . لكن في سنده ضعف ، وقد أشار إلى ضعفه البيهقي ونقله عنه النووي .
وقال عبد الحق الإشبيلي : لا يثبت ، وقال الحافظ في التلخيص ( 1/140 ) : في إسناده جهالة .
وأما استدلالهم بقول الله تعالى : ( ولا جُنُبًا إلا عَابِرِي سَبِيل حَتَى تَغْتَسِلُوا ) النساء . بالمنع من دخول المسجد فلا يثبت عن ابن عباس ، بل قد ثبت عن علي رضي الله عنه أنه قال : أنزلت هذه الآية في المسافر ( ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) ، قال : ” إذا أجنب فلم يجد الماء تيمم وصلى حتى يدرك الماء ، فإذا أدرك الماء اغتسل ” . رواه ابن جرير في تفسيره ( 5/62 ) والبيهقي (1/216) وسنده صحيح .
وروى مسلم في صحيحه : عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : ” ناوليني الخمرة من المسجد ” قالت : إني حائض ، قال : ” إن حيضتك ليست في يدك “.
وفي المغني لابن قدامة (1/202) : وإن خاف الجنب على نفسه أو ماله أو لم يمكنه الخروج من المسجد ، أو لم يجد مكانا غيره ، أو لم يمكنه الغسل ولا الوضوء ، تيمم ثم أقام في المسجد .
وقال : فصل :
إذا توضأ الجنب فله اللبث في المسجد في قول أصحابنا وإسحاق ، وقال أكثر أهل العلم لا يجوز للآية والخبر، واحتج أصحابنا بما روي عن زيد بن أسلم قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدثون في المسجد على غير الوضوء ، وكان الرجل يكون جنبا فيتوضأ ثم يدخل فيتحدث ، وهذا إشارة إلى جميعهم ، فيكون يخص به العموم ، ولأنه إذا توضأ خف حكم الحدث فأشبه التيمم عند عدم الماء . ودليل خفته : أمر النبي صلى الله عليه وسلم الجنب إذا أراد النوم واستحبابه لمن أراد الأكل ومعاودة الوطء . أما الحائض إذا توضأت فلا يباح لها اللبث ، لأن وضوءها لا يصح انتهى .
كذا قال ! مع أن الحائض أولى بالعذر من الجنب ، لأن حيضها حدث لا تقدر على رفعه ، بخلاف الجنب القادر على الاغتسال ورفع الحدث في الحال .
وفي الإنصاف للمرداوي ( 1/347 ) ما يؤيد ذلك إذ قال : تمنع الحائض من اللبث في المسجد مطلقا ، على الصحيح من المذهب ، وعليه جمهور الأصحاب ، وقيل : لا تمنع إذا توضأت وأمنت التلويث ، وهو ظاهر كلام المصنف في باب الغسل حيث قال : ” ومن لزمه الغسل حرم عليه قراءة آية ، ويجوز له العبور في المسجد ويحرم عليه اللبث فيه ، إلا أن يتوضأ ” .
فظاهره : دخول الحائض في هذه العبارة ، لكن نقول : عموم ذلك اللفظ مخصوص بما هنا ، وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير انتهى .
وفي ” الفتح الرباني بمفردات ابن حنبل الشيباني ” (1/91) قال : ويجوزللحائض والنفساء عند انقطاع الدم وللجنب اللبث في المسجد بالوضوء وبالتيمم عند عدم الماء لغير ضرورة .
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : جواز لبث الجنب في المسجد بالوضوء ( الاختيارات ص 17 ) .
وعليه فالذي يظهر أن المرأة إذا احتاجت لدخول المسجد لتعلم علم واجب عليها أو لكونها المدرّسة والمعلمة للنساء ، أو المسؤولة عن إدارة الحلقة وما أشبه ذلك ، فلها الدخول إليه بعد الوضوء لتخفيف الحدث ، ومع التحفظ عن تلويث المسجد بالدم .
وإن أمكنها البقاء في رحبة المسجد ( ساحته ) أو في غرفة مجاورة له ، كان هذا أولى لها .
وإن كان هذا المكان المخصص للنساء ، لا يصلي فيه إلا مرة أو مرتين في الأسبوع ، فهو أشبه بالمصلى ، والأمر فيه أيسر من المسجد ، وهذا حال أغلب مصليات النساء في بلدنا .
والله أعلم ،،،
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ..