أرشيف الفتاوى

حكم الالتزام بقواعد المرور

 

السؤال :

بعض الشباب لا يلتزم بقواعد المرور ، وإذا قيل له لم : تفعل ذلك ؟ قال : هذا ليس من أمر الله  أو دين الله فلا يلزمني ! فهل هذا الكلام صحيح ؟

الجواب :

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه ،،،
وبعد :
فإن التزام المسلم بقواعد المرور وآدابه ، واجب على المسلم ، لوجوه كثيرة منها :
1- أن فيه حفظ النفس ، وهي من الضروريات الخمس التي جاءت الشريعة بالمحافظة عليها ، وهي : النفس والعقل والمال والعرض والدين .
فإهمال قواعد المرور وآداب السير يؤدي في كثير من الأحيان إلى الموت ، والوقوع بالهاوية بقتل النفس المعصومة ، وهذا من كبائر الذنوب ، قال تعالى : ( وَالذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَ لاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ التِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ  لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلاَّ مَنْ تَابَ )  ( الفرقان :68- 70) .
وقال صلى الله عليه وسلم : (( لا يزال الرجل في فُسْحَة من دينه ، ما لم يُصِبْ دمًا حراما )) رواه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
والقيادة بسرعة وتهور قتل للنفس وانتحار ، وقد توعد الله تعالى فاعل ذلك فقال : ( وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا ) ( النساء : 29 – 30 ) .
وقال صلى الله عليه وسلم : (( من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده ، يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا .. ) الحديث في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه .
ثانيا : إن التزام نظام السير وقواعده ، طاعة لولي الأمر ، وقد أمرنا الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله ثم طاعتهم فقال :  ( يا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ  وَأولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ) ( النساء :59).
وقال صلى الله عليه وسلم (( إن الله يرضي لكم ثلاثا .. أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا .. وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ..)) متفق عليه .
وقال : (( الدين النصيحة ! قلنا لمن ؟ قال : ” لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ” رواه مسلم .
والنصيحة لهم تكون بطاعتهم وعدم مخالفتهم وعصيانهم ، وإبداء المشورة النافعة لهم .
ثالثا : إن الإلتزام بقواعد السير، خلق يوافق الأخلاق الحسنة التي أمر الله تعالى بها عباده المؤمنين في كتابه وعلى لسان رسوله  فقال تعالى : ( وَعِبَادُ الرَّحْمنِ الذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا ) ( الفرقان :63 ) أي : مشيا هينا رفيقا في تؤدة وسكينة ووقار .
وقال على لسان لقمان الحكيم في وصيته لابنه ( وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ ) ( لقمان : 19 ) .
أي : ليكن مشيك قصدا بين التماوت والكسل ، والتهور والعجلة .
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم إماطة الأذى عن الطريق ، أي : إبعاد ما يؤذي الناس في طرقاتهم ، من شعب الإيمان ، وجاء في الحديث أن الله تعالى أدخل رجلا الجنة بغصن شوك أخره عن الطريق .
وقال صلى الله عليه وسلم : ” من آذى المسلمين في طرقهم ، وجبت عليه لعنتهم ” رواه الطبراني من حديث حذيفة بن أسيد .
فما بال هؤلاء الذين يؤذون المسلمين في طرقاتهم وشوارعهم ، بالتعرج الخطر والسرعة الجنونية !!!
وكثير من الناس يفضل نفسه ويؤثوها على إخوانه من المسلمين ، فيتخطى الإشارة الحمراء ، ويأخذ حق غيره في المرور ، لأن الطريق ليس له وإنما لأخيه ، وقد يكون صاحب شغل وعجلة أكثر منه ، وقد وصف الله تعالى أصحاب نبيه في بأنهم : ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسهِمْ  وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ  ) ( الحشر :9 ) .
فكان الواحد منهم يؤثر أخاه بالشيء ، وهو محتاج عليه .
وأخيرًا لنتق الله تعالى في جميع أمورنا ، ولنتذكر بأننا محاسبون على ما نأتي ونذر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي القدير .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

زر الذهاب إلى الأعلى