النيل والفرات في الجنة
السؤال :
ورد في الأحاديث أن “النيل والفرات وسيحون وجيحون ” من أنهار الجنة ، فهل هي نفسها الموجودة في الأرض ، أم مجرد تشابه في الإسم وتختلف ذاتا ؟
الجواب :
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
وبعد :
ما ورد في السؤال جاء في حديث ماللك بن صعصعة رضي الله عنه الطويل في ذكر الإسراء والمعراج ، وفيه قال صلى الله عليه وسلم : (( .. ثم رفعت إلى سدرة المنتهي ، وإذا أربعة أنهار : نهران باطنان ، ونهران ظاهران ، فقلت : ما هذان ياجبريل ؟ قال : أما الباطنان فنهران في الجنة ، وأما الظاهران فالنيل والفرات .. )) رواه البخاري ومسلم .
وأخرج مسلم في كتابه في (( الجنة وصفه نعيمها وأهلها )) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( سيحان وجيحون والفرات والنيل كل من أنهار الجنة )) .
وفي توجيه الحديثين أقوال :
فقد قال النووي رحمه الله : في هذا الحديث أن أصل النيل والفرات من الجنة ، وانهما يخرجان من أصل سدرة المنتهى ، ثم يسيران حيث شاء الله ، ثم ينزلان إلى الأرض ، ثم يسيران فيها ثم يخرجان منها ، وهذا لا يمنعه العقل ، وقد شهد به ظاهر الخبر فليعتمد . ( شرح مسلم ) .
وقال القرطبي : وقيل : إنما أطلق على هذه الأنهار أنها من الجنة ، تشبيها لها بأنهار الجنة ، لما فيها من شدة العذوبة والحسن والبركة ، والأول أولى . ( المصدرالسابق ) .
وحكى بعض أهل العلم : أن هذه الأنهار وهي النيل والفرات وسيحان وجيحان قد أنزلهن الله تعالى من الجنة قديما لمنفعة الناس وجعلهن في أماكنهن من الأرض ، وقد يشهد لذلك قوله تعالى ( أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ ) ( الزمر : 21)
وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة بعد أن ذكر الأنهار: ” كل من أنهار الجنة “.
ويمكن أن يقال أيضا : أن هذه الأنهار سوف تكون في الجنة ، وسوف تكون من شراب أهلها ، وسوف يدخلهن الله فيها بعد أن يبدل الله خلقهن ، فيكملهن ويزيدهن حلاوة وعذوبة ، كما هو الحال في نعيم الجنة وأهلها . والله أعلم .
وعلى كل حال فيجب على المسلم تصديق الرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به ، لأن هذا من الشهادة له أنه رسول الله حقا ، وأن تقاصر فهمه عن بعض أحاديثه فإنها في نفسها حق وصدق ، وهو عليه الصلاة والسلام الصادق المصدوق ، الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى .. كما قال عنه رب العزة .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .