الاختلاط في حملات الحج
السؤال ( 90 )
ما حكم الأعمال التي تقع فيها بعض حملات الحج ، وهي كالتالي :
1- اجتماع رئيس الحملة ( مجلس الإدارة ) بمجلس إدارة النساء وخاصة أن بعضهن غير ملتزمات بالحجاب الشرعي !
2- احتكاك الكثير من الإداريين بالإداريات بحكم العمل ، مثال :
مسؤول الثقافية يتحدث مع مسؤولة الثقافية وهذا المسؤول ليس بمحرم .
وكذلك في الاستقبال ، وفي التغذية .
3- محاضرات المشايخ للنساء من دون حائل !
4- بالنسبة للشغالات : يطوفهن رجل غريب أجنبي ، كذلك سفرهن بدون محرم .
الرجاء توضيح حكم الشرع في المسائل السابقة ، وتصحيح ما فيها من أخطاء ؟
الجواب :
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وآله وصحبه
وبعد :
فجوابا للمسائل التي سئلت عنها السائلة ، والمتعلقة ببعض الأمور الإدارية في حملات الحج ، نقول وبالله وحده التوفيق :
1-إجتماع رئيس الحملة بمجلس إدارة النساء وفيهن من لا تلتزم الحجاب الشرعي ، أمر غير جائز ، لأنه باب إلى الفتنة من الجانبين ، وقد سدت الشريعة الأبواب المفضية إلى تعلق كل من النوعين بالآخر كالاختلاط والخلوة والنظر ، قال تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغضوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ) الآيات من سورة النور .
وذكر الله تعالى ما حصل من الفتنة باختلاط امرأة العزيز بيوسف عليه الصلاة والسلام ، ولكن أدركه الله برحمته فعصمه منها .
وما أمر الله تعالى به أزواج نبيه عليه الصلاة والسلام من القرار في البيوت ، بقوله : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) ( الأحزاب :33 ) .
هذا وهن الطاهرات الطيبات ، فغيرهن من النساء أولى بلزوم البيوت ، والبعد عن مجامع الرجال والاختلاط بهم ، إلا إذا اقتضت الضرورة .
وأما من السنة المطهرة : فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” العين تزني وزناها النظر ، والأذن تزني وزناها الاستماع ، واللسان زناه الكلام ، واليد زناها اللمس أو البطش ، والرجل زناها الخطا ” متفق عليه .
فالشارع قد نهى عن النظر إلى النساء لما يؤدي إليه من المفسدة والفتنة ، وهذا حاصل ولا بد عند الاختلاط .
وقوله صلى الله عليه وسلم لأم حميد : ” صلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك وصلاتك في حجرتك خير صلاتك دارك ، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك ، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي ” رواه أحمد .
وروى مسلم : من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” خير صفوف الرجال أولها ، وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها ، وشرها أولها “.
ووجه الدلالة : أن الرسول صلى الله عليه وسلم شرع للنساء إذا أتين المسجد أن ينفصلن عن الجماعة ( جماعة الرجال ) ويكنَّ في آخر المسجد على حدة ، ولم يسمح لهن بالاختلاط بجماعة الرجال ، حتى في أشرف البقاع ، وهي المساجد بيوت الله تعالى ، لئلا تتعلق قلوب الرجال بهن وبحركاتهن وسماع كلامهن ، وذم أول صفوفهن وذلك لقربها من الرجال .
وروى أسامة بن زيد رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ما تركت بعدي فتنة ، هي أضر على الرجال من النساء ” متفق عليه .
وغيرها من الأدلة كثير .
فالواجب البعد عن مخالطة النساء الأجنبيات قدر المستطاع ، وإذا دعت الحاجة فليكن من وراء حجاب ، كما قال سبحانه : ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجَابٍ ) ( الأحزاب : 53 ) .
ولو كان ذلك في دروس العلم ، وحلقات القرآن .
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لأزواجه في حجة الوداع : ” هذه ثم ظهور الحصر ” رواه أبوداود (1722) وأحمد من حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه .
يعني : لا تعدن الخروج الى الحج ، بل تكفيكن هذه الحجة ، ثم تلزمن الحصر ، وهو جمع الحصير ، أي : لا تخرجن من بيوتكن .
فلا يستحب للمرأة تكرار الحج دون داع أومصلحة متحققة .
وأما بالنسبة إلى سفر الشغالات بغير محارم : فالمعلوم أن المسلمة لا يحل لها السفر بدون محرم ، سواء كان ذلك لحج الفريضة أو غيره ، لعموم الأدلة الناهية عن ذلك ، كقوله عليه الصلاة والسلام : ” لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم ” رواه البخاري ومسلم .
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابي الذي اكتتب في الجهاد وامرأته خرجت حاجَّةً ، أن ينطلق ويحج مع امرأته ، ولا يتركها تسافر للحج وحدها .
وهذا نص صريح واضح في أنه لا يجوز للمرأة أن تحج مع النساء ، أو مع الرفقة الآمنة ، كما قاله بعض العلماء ! وهو رأي يخالف الدليل !
والله أعلم .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .