أرشيف الفتاوى

ميراث اللقيط

السؤال :

الطفل المتبنى ( اللقيط ) من يرثه ؟

الجواب :

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه .
وبعد :

فاللقيط هو الطفل المنبوذ ، واللقيط بمعنى الملقوط ، فإذا وُجد في دار الإسلام فإنه يحكم بإسلامه وولاؤه للمسلمين ، وميراثه لهم .
قال الخرقي في مختصره : وولاؤه – يعنى اللقيط – لسائر المسلمين .
قال ابن قدامة (8/358) : يعنى ميراثه لهم ، فإن اللقيط حر الأصل ، ولا ولاء عليه ، وإنما يرثه المسلمون ، لأنهم خُوِّلوا كل مال لا مالك له ، ولأنهم يرثون مال من لا وارث له ، غير اللقيط فكذلك اللقيط .
وقول الخرقي (( ولاؤه للمسلمين )) تجوّز في اللفظ ، لاشتراك سائر المسلمين ومن له الولاء في أخذ الميراث ، وحيازته كله عند عدم الوارث ، هذا هو الظاهر ، وهو قول مالك والشافعي وأكثر أهل العلم . انتهى .
وقال مالك في الموطأ (2/738) : الأمر عندنا في المنبوذ أنه حر ، وأن ولاءه للمسلمين ، هم يرثونه ويعقلون عنه . انتهى .
وقال شريح وإسحاق : عليه الولاء لملتقطه ، لما روى واثلة بن الأسقع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  ” المرأة تحوز ثلاثة مواريث : عتيقها ولقيطها وولدها الذي لا عنت عليه ” أخرجه أبو داود (906) والترمذي (3/22) .
وقال عمر لأبي جميلة في لقطته : هو حر ولك ولاؤه ، وعلينا نفقته .
قال ابن قدامة : ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم : ” إنما الولاء لمن أعتق ” ولأنه لم يثبت عليه رق ولا على آبائه ، فلم يثبت عليه ولاؤه كالمعروف نسبه ، لأنه إن كان ابن حرّين فلا ولاء عليه ، وإن كان ابن معتقين فلا يكون عليه ولاء لغير معتقهما ، وحديث واثلة لا يثبت ، قاله ابن المنذر ، وخبر عمر قال ابن المنذر : أبو جميلة رجل مجهول ، لا تقوم بحديثه حجة ، ويحتمل أن عمر رضي الله عنه عنى بقوله : ولك ولاؤه ، أي : لك ولايته ، والقيام به وحفظه ، ولذلك ذكره عقيب قول عريفه : إنه رجل صالح ، وهذا يقتضي تفويض الولاية إليه ، لكونه مأمونا عليه ، دون الميراث .
ثم قال : إذا ثبت هذا ، فإن حكم اللقيط في الميراث حكم من عُرف نسبه وانقرض أهله ، يدفع إلى بيت المال ، إذا لم يكن له وارث ، فإن كان له زوجة فلها الربع والباقي لبيت المال ، وإن كانت امرأة لها زوج فله النصف ، والباقي لبيت المال ، وإن كانت له بنت أو ذو رحم ، كبنت بنت ، أخذت جميع المال ، لأن الردَّ وذا الرحم مقدم على بيت المال ، والله أعلم  . انتهى .
وعلى هذا ، فإن كان للقيط وارث دفع إليه ميراثه ، وإلا دفع إلى بيت مال المسلمين ، فإن لم توجد جهة رسمية تقبله ، دفع إلى جهة خيرية تصرفه في مصالح المسلمين .
والله أعلم .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

زر الذهاب إلى الأعلى