كيف تصلي العيد في المطر
السؤال (105)
ما هي السنة في صلاة العيدين ؟ وكيف تصلي إذا صادف العيد مطرا أو بردا شديدا ، لأنا رأينا بعض الشباب يضعون الخيام في المصلى ؟!
الجواب :
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ،
وبعد :
الصحيح أن ذلك لا يشرع .
وهذه بعض أقوال أهل العلم في صلاة العيد إذا صادفت مطرا أو بردا شديدا ، وأنها تصلي بالمساجد ، لا غير .
قال الإمام ابن القيم في الزاد ( 1/ 315 ) :
فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في العيدين :
كان صلى الله عليه وسلم يصلي العيدين في المصلى ، وهو المصلى الذي على باب المدينة الشرقي ، وهو المصلى الذي يوضع فيه مَحْمل الحاج ، ولم يصل العيد بمسجده إلا مرة واحدة أصابهم مطر ، فصلى بهم العيد في المسجد ، إن ثبت الحديث ، وهو في سنن أبي داود وابن ماجة ، وهديه كان فعلهما في المصلى دائما . انتهى .
قلت :أما الحديث فلم يثبت ، فإن فيه : عيسى بن عبد الأعلى بن أبي فروة الأموي ، مجهول . انظر سنن أبي داود ( 1160) وابن ماجة (1313) وضعفه الألباني في ضعيف السنن (248) .
لكن العمل عليه وإن لم يصح الحديث ، كما هو مشهور عند الفقهاء .
1-قال الإمام أبو محمد بن قدامة رحمه الله في المغني ( 3/261 ) :
فصل :
وإن كان عذر يمنع الخروج ، من مطر أو خوف ، أو غيره ، صلوا في الجامع ، كما روى أبو هريرة ، أنه أصابهم مطر في يوم عيد ، فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العيد في المسجد . رواه أبو داود ، وابن ماجة . انتهى .
2-وذكر الشيرازي في المهذب أثرا عن علي رضي الله عنه ، أنه كان يستخلف من يصلي بالمسلمين في المسجد إذا كان فيه ضعفة ، وقد صححه النووي رحمه الله تعالى كما سيأتي :
قال الشيرازي رحمه الله تعالى في شرح المهذب (5/7) :
” والسنة أن تصلي صلاة العيد في المصلى إذا كان مسجد البلد ضيقا ، لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم (( كان يخرج إلى المصلى )) ولأن الناس يكثرون في صلاة العيد ، فإذا كان المسجد ضيقا تأذوا ، فإن كان في الناس ضعفاء استخلف في مسجد البلد من يصلي بهم ، لما روى أن عليا رضي الله عنه ” استخلف أبا مسعود الأنصاري رضي الله عنه ليصلي بضعفة الناس في المسجد ” ، وإن كان يوم مطر صلى في المسجد ، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : ” أصابنا مطر في يوم عيد فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ” وروى أن عمر وعثمان رضي الله عنهما صليا في المسجد في المطر ، وإن كان المسجد واسعا فالمسجد أفضل من المصلى ، لأن الأئمة لم يزالوا يصلون صلاة العيد بمكة في المسجد ـ هذا خاص بالمسجد الحرام ، فلا يقاس عليه غيره ، فتنبه !
ولأن المسجد أشرف وأنظف . قال الشافعي رضي الله عنه : فإن كان المسجد واسعا فصلى في الصحراء فلا بأس ، وإن كان ضيقا فصلى فيه ولم يخرج إلى الصحراء كرهت لأنه إذا ترك المسجد وصلى في الصحراء لم يكن عليهم ضرر ، وإذا ترك الصحراء وصلى في المسجد الضيق تأذوا بالزحام ، وربما فات بعضهم الصلاة [ فكره ] ” .
قال النووي رحمه الله ( في الشرح ) : حديث خروج النبي صلى اله عليه وسلم إلى المصلى في العيدين صحيح رواه البخاري ومسلم من رواية أبي سعيد ، وروياه بمعناه من رواية جماعة آخرين من الصحابة ، وحديث استخلاف علي ، أبا مسعود رواه الشافعي بإسناد صحيح ، وحديث أبي هريرة رواه أبو داود بإسناد جيد ، ورواه الحاكم وقال : هو صحيح ، والضعفة بفتح الضاد والعين ، بمعنى الضعفاء وكلاهما جمع ضعيف .
( أما الأحكام ) فقال أصحابنا تجوز صلاة العيد في الصحراء وتجوز في المسجد، فإن كان بمكة فالمسجد الحرام أفضل بلا خلاف ، وقد ذكره المصنف بدليله ، وإن كان بغير مكة نظر- إن كان بيت المقدس- قال البندنيجي والصيدلاني : الصلاة في مسجد الأقصى أفضل ، ولم يتعرض الجمهور للأقصى ، وظاهر إطلاقهم أن بيت المقدس كغيره ، وإن كان في غير ذلك من البلاد ، فإن كان لهم عذر في ترك الخروج إلى الصحراء والمصلى للعيد ، فلا خلاف أنهم مأمورون بالصلاة في المسجد ، ومن الأعذار المطر والوحل والخوف والبرد ونحوها ، وإن لم يكن عذر وضاق المسجد ، فلا خلاف أن الخروج إلى الصحراء أفضل ، وإن اتسع المسجد ولم يكن عذر فوجهان ( أصحهما ) وهو المنصوص في الأم ، وبه قطع المصنف وجمهور العراقيين والبغوي وغيرهم أن صلاتها في المسجد أفضل .
( والثاني ) وهو الأصح عند جماعة من الخراسانيين ، وقطع به جماعة منهم : أن صلاتها في الصحراء أفضل ” لأن النبي صلى الله عليه سلم واظب عليها في الصحراء ” – وهو الصحيح الموافق للأدلة – .
وأجاب الأولون عن هذا : بأن المسجد كان يضيق عنهم بكثرة الخارجين إليها ، فالأصح ترجيحها في المسجد لما ذكره المصنف رحمه الله ، فعلى هذا أن ترك المسجد الواسع وصلى بهم في الصحراء فهو خلاف الأولى ولكن لا كراهة فيه ، وأن صلى في المسجد الضيق بلا عذر كره . هكذا نص الشافعي رحمه الله على المسألتين كما ذكره المصنف بدليلهما .
قال الشافعي والأصحاب : وإذا خرج الإمام إلى الصحراء استخلف من يصلى في المسجد بالضعفة لما ذكره المصنف ، وإذا حضر النساء المصلى أو المسجد اعتزله الحيض منهن ، ووقفن عند بابه لحديث أم عطية المذكور بعد هذا .
قال أبو إسحاق المروزي والأصحاب : إذا كان هناك مطر أو غيره من الأعذار وضاق المسجد الأعظم ، صلى الإمام فيه واستخلف من يصلي بباقي الناس في موضع آخر ، بحيث يكون أرفق بهم . انتهى .
هذا ما تيسر بيانه الآن ، وهو دال على ماذكرنا من عدم مشروعية نصب الخيام لصلاة العيدين .
والله تعالى أعلم ،،،،،،،
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .