عيد الحب الوثني !!
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه .
وبعد :
فقد انتشر بيننا في السنوات الأخيرة الاحتفال بيوم عيد الحب !!
والإحتفاء به وإظهاره ! واتخاذه مناسبة لتبادل الحب والغرام مع الأجنبيات !!
وإهداء الهدايا الخاصة فيه ! والتهنئة به ! وإرسال الرسائل الهاتفية فيه !
وكل ذلك محرم في الشرع ، وبدعة ليس لها أصل في ديننا ، وفاعله آثم ومرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب ، ومتشبه بأعداء الله تعالى ، ويحرم إنفاق المال في سبيل ذلك ، ولا يجوز لمسلم ولا لمسلمة المشاركة فيه ، أو الرد على من اهداه شيئا بهذه المناسبة ، كما يحرم على أصحاب المحلات والأسواق بيع ما يتعلق بهذا العيد المخترع ، من الزهور والباقات والهدايا واللعب والملابس وغيرها ، مما يحمل شعاره ، وليعلموا أن مايكسبونه من الأموال سحت وحرام عليهم ، وتعاون على الإثم والعدوان .
ويحرم أيضا على كل مسلم ومسلمة إشاعة شعارات عيد الحب والدعاية له ، كالقلوب ونحوها ، سواء في الجرائد والمجلات ، أوفي القنوات الفضائية ، أوشركات الاتصالات ، أوالمواقع الإلكترونية وغيرها ، مما شاع وانتشر وللأسف الشديد .
وهذا العيد البدعي مشتمل على مفاسد ومخالفات كثيرة :
1- إبتداع عيد غير شرعي ، فإن العيد شريعة ، وليس في ديننا إلا عيدان ، ولا يجوز لنا اختراع الأعياد .
وقد روى أبو داود والنسائي وغيرهما بسند صحيح : عن أنس – رضي الله عنه – قال : قدم النبي – صلى الله عليه وسلم – المدينة ولهم يومان يلعبون بهما فقال : ” قد أبدلكم الله تعالى بهما خيراً منهما : يوم الفطر والأضحى ” .
وجاء في حديث الصحيحين : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر في يوم فطر أو أضحى : ” يا أبا بكر ، إن لكل قوم عيدا ، وهذا عيدنا” .
وأيضاً شرع الله للناس عيداً إسبوعياً وهو يوم الجمعة ، فقد ضل عن هذا اليوم اليهود والنصارى واختاروا بدله ” السبت والأحد ” وصاروا تبعا للمسلمين ، وجعل الله سبحانه في الجمعة من الخصائص والفضائل ما هو معلوم في الأحاديث الكثيرة ، ولهذا كان من هدى النبي صلى الله عليه وسلم تعظيم يوم الجمعة وتشريفة والاهتمام به ، وهذا كله من رحمة الله تعالى بهذه الأمة المحمدية وتكميل دينها لها ، فأكمل الهدي وأفضل الهدي ، وأفضل الشرع ، هو ما جاء به خاتم الأنبياء والرسل محمد صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) سورة المائدة : 3 .
2- طاعة الكفار وموالاة لهم ، ولا تجوز طاعتهم ، لأن الله تعالى يقول ( ياأيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين * بل الله مولاكم وهو خير الناصرين ) آل عمران :149 -150.
وهذا نهي للمؤمنين أن يطيعوا الكافرين والمشركين ، فإنهم لا يريدون لهم إلا الشر ، ووردهم إلى الكفر وأخلاقه ، وعاقبة ذلك الخيبة والخسران ، ثم أخبر سبحانه أنه يتولاهم بلطفه ورحمته ، ويعصمهم من أنواع الشرور ، وينصرهم على عدوهم إن هم اتخذوه وليا وناصرا .
3- التشبه بالكفار والنصارى وشعائرهم وعاداتهم فيما هو من خصائصهم ، وهو من المحرمات ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ” من تشبه بقوم فهو منهم ” رواه أبوداود .
وقال صلى الله عليه وسلم : ” لتتبعن سنن من كان قبلكم ، شبرا بشبر ، وذرعا بذراع ، حتى لو دخلوا حجر ضبا لتبعتموهم ” قالوا : يا رسول الله : اليهود والنصارى ؟! قال : ” فمن ” . رواه البخاري ومسلم .
4- الدعوة إلى العشق والغرام والحب المحرم ، وإلى إقامة العلاقات غير المشروعة بين الشباب والفتيات ، ومن ثم الوقوع في الفواحش والرذائل ، وهو ما يهدف إليه أعداء الله وأعداء الأمة من تدمير لها ولشبابها وأخلاقهم ومبادئهم الإسلامية .
فهذا الاحتفال خطوة من خطوات الشيطان وحزبه ، لجر المسلمين إلى ماحرم الله سبحانه ، وقد حذرنا الله من ذلك ، فقال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد ولكن الله يزكى يشاء والله سميع عليم ) النور : 21 .
كما أن هذا الاحتفال فيه اشتغال للقلب بما يفسده ويضله ، ويقوي داعي الشهوة فيه ، والتعلق بما يضره من الأقوال والأعمال ، والخلطة بأهل الفساد في السهرات والمجمعات وغيرها .
وليعلموا أن الحب لله تعالى وفيه ، من أشرف العبادات ، وأجل المقامات للقلب .
فالنصيحة لهم نقول :
يجب عليكم يا شباب المسلمين وفتياتهم أن تتقوا الله تعالى وتخافوه ، وتتمسكوا بشرعه المبارك ، ففيه كل خير وصلاح ونجاح وراحة بال ، وترجعوا إلى أخلاقكم التي تربيتم عليها ، ونشأتم عليها ، وتتركوا هذا الاحتفال ، وهذه العادة السيئة الدخيلة .
وليعلموا جميعا أنه لا يباح للشاب أن يرتبط بالفتاة عاطفيا ويتعلق بها ، ويظهر لها مشاعر الحب والغرام !! إلا عن طريق الزواج الشرعي فقط ، وما سوى ذلك فلا يجوز، ولا مكان في هذا العمل للنية الطيبة المزعومة ! فلا تغتر الفتاة بذلك أو تخدع ؟!
واعلموا أن كل محبة زائلة يوم القيامة ، إلا محبة أهل الطاعة ، كما قال تعالى ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) الزخرف : 67 .
والزوجان لا حاجة لهما بعيد الحب ، ففي أعياد الإسلام ما يغني عنه ، وهناك وسائل كثيرة نافعة تقوي روابط الحب بينهما ، وتضمن سعادتهما من الهدية والكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة .
ويجب على أولياء الأمور توعية أبنائهم ومتابعتهم ، ونهيهم عن منكرات الأخلاق وسفاسفها ، وعدم إعطائهم الأموال لصرفها على المحرمات ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ألا كلكم راع فمسؤول عن رعيته ” رواه البخاري.
كما يجب على المسؤلين في بلادنا أن ينهوا عن هذا الاحتفال ويمنعوه في جميع المجالات ، في المدارس والجامعات ، والإعلام والتجارة وغيرها.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادانا .
والله تعالى أعلم ،،،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين