فقد تسرع البعض في فتاوى الحج وغيره ، وأتى بالأقوال الشاذة والمهجورة ، وقدمها بين يدي الناس على أنها من رفع الحرج عن الأمة ! والتوسعة على المسلمين .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله _ كما في مجموع فتاواه ورسائله _(6/47) :
” لقد انطلقت ألسنة كثير من المتعلمين , وجرت أقلام الأغبياء والعابثين , وطارت كل مطار في الأفاق كلمات المتسرعين , واتخذت الكتابة في أحكام المناسك وغيرها تجربة لأقلام بعض , وجنوح الآخرين إلى إبراز مقتضى ما في ضمائرهم وأفهامهم , ومحبة آخرين لبيان الحق وهداية الخلق , لكنهم مع الأسف ليسوا من أهل هذا الشأن , ولا ممن يجري جواده في هذا الميدان , فنتج عن ذلك من القول على الله وعلى رسوله بغير علم ، وخرق سياج الشريعة ، ما لا يسع أولي الأمر من الولاة والعلماء أن يتركوا لهم الحبل على الغارب .
ولعمري لئن لم يُضرب على أيدي هؤلاء بيد من حديد , وتوقف أقلامهم عن جريانها بالتهديد والتغليظ الأكيد , لتكون العقبى التي لا تحمد , ولتأخذن في تماديها إلى أن تكون المناسك ألعوبة للاعبين , ومعبثة للعابثين , ولتكونن بشائر بين المنافقين , ومطمعاً لأرباب الشهوات , وسلماً لمن في قلوبهم زيغ من أرباب الشبهات , وفساداً فاشياً في تلك العبادات , ومصيبة لا يشبهها مصيبة , ومثار شرور شديدة عصيبة , وليقومن سوق غث الرخص , وليبلغن سيل الاختلاف في الدين والتفرق فيه الزبى .
ولربما يقول قائل : أليس كتاب الله العزيز فينا موجوداً , وحسام سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ? فيما بيننا محدوداً ؟
قيل : نعم ! ولكن ماذا تغني السيوف المغمدة , ولم ينل الكتاب العزيز مغزاه ومقصده ؟!
رحمه الله تعالى ، وهو كلام يُكتب بمداد من ذهب .