سؤال وجواب في الشهر الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
مـــقـــدمـــة
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، فمن يهده الله فلا مضلَّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ،،،
أما بعد :
فإن من علامة إرادة الله الخيرَ بالعبد ، أن تراه مشتغلاً بتعلم قواعد الإسلام وما يتصل بها من الفروع ، كما قال : ” مَنْ يُرِدِ الله به خيرًا يُفَقِّهْهُ في الدين ، و إنما أنا قاسم والله يعطي ، لن تزالَ هذه الأمةُ قائمةً على أمر الله ، لا يَضُرُّهم من خَالَفهم حتى يأتي أمرُ الله ” . متفق عليه .
فالحديث يدل : على إثبات الخير لمن تفقَّه في دين الله عز وجل ، وأن ذلك لا يكون بالاكتساب فقط ، بل لمن يفتح الله عليه به ، وأن من يفتح الله عليه بذلك لا يزال جنسه موجودًا حتى يأتي أمر الله .
وقد جزم البخاري بأن المراد بهم أهل العلم بالآثار .
وقال أحمد بن حنبل : إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم .
وقال القاضي عياض : أراد أحمد أهل السنة ، ومن يعتقد مذهب أهل الحديث (1)
وبين يديك – أخي القارئ – بعض المسائل المتعلقة بالصيام وأحكامه ، وألحقنا بها بعض الأخطاء الشائعة في شهر الصيام ، ثم بعض الأحاديث الضعيفة …
رجونا بذلك عموم النفع للمسلمين في هذا الشهر المبارك ، وأن يكون لنا نصيب من قوله عليه الصلاة والسلام : ” من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه ، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا .. ” رواه مسلم .
ومن أعان على نشر ذلك ، وبلَّغه لغيره من إخوانه وأقربائه وجيرانه ، له نصيب أيضا إن شاء الله تعالى .
فاللهم نسألك أن تُعلِّمنا ما ينفعنا ، وأن تنفعنا بما علمتنا ، وأن تزيدنا علما ، إنك أنت العليم الحكيم .
وصلى الله على خاتم النبيين ، وآله وصحبه أجمعين ،،،
وكتبه :
محمد الحمود النجدي
الكويت – شعبان – 1421 هـ
سؤال وجواب في الشهر الكريم
(1) السؤال : ما الحكم في الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة اللذان لا يقدران على الصيام ؟
الجواب :
بالنسبة للشيخ الكبير والمرأة العجوز اللذان لا يقدران على الصيام فإنهما يفطران ويطعمان عن كل يوم مسكيناً ، فقد روى البخاري في التفسير ( 8 / 135 ) – فتح الباري – عن عطاء أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول : ( وعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةُ طَعَامُ مِسْكِين ) قال ابن عباس : ليست بمنسوخة ، وهو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما ، فليطعما مكان كل يوم مسكيناً فالعاجز عجزا لا يرجى زواله – بكبر سنه أو بمرض مزمن – الواجب عليه الإطعام عن كل يوم مسكيناً.
والإطعام هو نصف صاع من الطعام أي ما يعادل 1,250 كيلو وربع من الرز ، وإذا طبخه وأطعمه الفقير كان أفضل ، فقد ثبت أن أنس رضي الله عنه أنه ضعف قبل موته فأفطر ، وأمر أهله أن يطعموا مكان كل يوم مسكيناً رواه الدار قطني ( 2/207 ) وفي رواية : أنه ضعف عن الصوم عاماً فصنع جفنة ثريد ، ودعا ثلاثين مسكينا فأشبعهم . وإسنادها صحيح ، وانظر الإرواء ( 4/21 ) .
تنبيه : هذا إذا لم يختلطا ( يخرفا ) فإنه إذا أصابهما الخرف ، فلا شيء عليهما ، لا صيام و لا إطعام ، لسقوط التكليف عنهما .
(2) السؤال : ما الحكم في الحامل والمرضع إذا أفطرتا في رمضان ؟
الجواب :
الحامل والمرضع إن أفطرتا خوفا على أنفسهما قضتاه فقط ، لأنهما في حكم المريض ، فالحامل قد يشق عليها الصيام بسبب الحمل لاسيما في أيام الحر والعطش وكذا المرضع ، فيجوز لهما الفطر مراعاة لحالهما ، ويجب عليهما القضاء كالمريض لقوله تعالى: ( فَمَنْ كاَنَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَر) .قال الإمام أبو محمد بن قدامة بعد ذكره الحكم السابق : لا نعلم فيه بين أهل العلم اختلافا . ( المغنى 4 / 394 ).
أما إذا أفطرتا خوفا على ولديهما فعليهما القضاء والإطعام ، أما القضاء فمن أجل الإفطار ، وإما الإطعام فلأنهما أفطرتا وهما مطيقتان للصيام ، وقد قال تعالى ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطيقونه فدية طعام مسكين ) قال ابن عباس : (( كانت رخصةً للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة ، وهما يطيقان الصيام ، أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكيناً ، والحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا )) رواه أبوداود .
وأما حديث (( إن الله تعالى وضع الصوم عن المسافر وعن المرضع والحبلى )) رواه أبو داود ( 2408 ) فالمراد به : وضع عنهم وجوب الأداء – أي الصوم في الوقت – ولكن لابد من القضاء .
قال ابن قدامة : المراد بوضع الصوم وضعه في مدة عذرهما .انتهى . فما دامت الحامل أو المرضع مطيقةً للقضاء وجب عليهما ، ولا تنتقل إلى الإطعام إلا عن العجز عن القضاء .
(3) السؤال : ما الحكم في رجل تعمد الفطر في رمضان ؟
الجواب :
من تعمد الإفطار بغير عذر آثم ، مرتكب لكبيرة من الكبائر ، لانتهاكه حرمة الشهر العظيم . والواجب عليه التوبة إلى الله تعالى بالندم على ما فرط ، والعزم على الصيام ما بقي من الشهر . ولا كفارة عليه على الصحيح من أقوال أهل العلم ، لأنه لم يأت نص في وجوب الكفارة على من تعمد الإفطار بالأكل والشرب ، ولا يصح قياسه على المجامع في نهار رمضان ، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يوجب الكفارة إلا على من وطئ امرأته عامدًا ، فمن أوجب الكفارة على غيره فقد شرع ما لم يأذن به الله تعالى .
وأما القضاء ففيه خلاف ، والراجح أنه لا قضاء على من تعمد الفطر ، وبه قال ابن مسعود – كما في البخاري (4/160)- ولأن الله تعالى قال ( فَمَنْ كاَنَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر ) وليس هو من هؤلاء ، ولا نص في وجوب القضاء عليه ، بل هو كتارك الصلاة متعمداً .
والله أعلم .
انظر المحلى لابن حزم ( 6/180 ) وفتح الباري ( 4/161 ) ومجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية .
(4) السؤال : نحن في بداية هذا الشهر المبارك ، ما هي نصيحتكم ؟
الجواب :
رمضان شهر مبارك كما قال عليه الصلاة والسلام ، أي كثير الخير والفضل ، ففي هذا الشهر ، وفي ليلة القدر منه بالخصوص ، نزل أعظم الكتب وأشرفها ، قال تعالى: ( شَهْرُ رَمَضاَنَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنّاسِ وَ بَيِّناَتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقاَنِ ) ( البقرة 185) .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدارسه جبريل عليه السلام القرآن كل ليلة كما في الصحيحين .
وقال تعالى عن الليلة التي نزل فيها القرآن : ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) ( القدر : 2) ، وهي في العشر الأواخر من هذا الشهر .
وقال صلى الله عليه وسلم عنها : “.. وفيه ليلة هي خير من ألف شهر ، من حُرم خيرها فقد حُرم ” رواه أحمد والنسائي بسند صحيح .
أي : من تشاغل عنها وحُرم العبادة فيها ، فهو المحروم الحقيقي .
وقال عليه الصلاة والسلام : ” إذا كان أول ليلة من شهر رمضان ، صُفدت الشياطين ومردة الجن ، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب ، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادى منادٍ كل ليلةٍ : يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة ” رواه الترمذي وابن ماجة وابن حبان بسند حسن .
فالمنادي يناديه لعمل كل خير ، والبعد عن كل شر ، والعمرة فيه تعدل الحجة ، كما ثبت في الصحيحين وغير ذلك من العبادات . فينبغي للعبد أن يسعى في تحصيل هذه الفضائل ما استطاع ، وأن لا يضيع وقته فيما لا ينفع ولا يفيد ، فإنه شهر سريع الانقضاء ، ويأتي في السنة مرة واحدة ، فالسعيد من وفق لاغتنامه ، والمغبون في هذا الشهر من باع ساعاته وأيامه ولياليه بكثرة أشغال الدنيا ، والتوسع في الأعمال المباحة والسهر فيما لا فائدة فيه ولا عائدة .
فمن الناس من يضيعه بكثرة متابعة التلفاز ، وما فيه من التمثيليات والأفلام والبرامج ، وأكثرها مما يصدُّ عن ذكر الله تعالى ، ويوقع في النظر إلى ما لا يحل من الصور والمناظر ، وسماع المعازف في شهر القرآن !
ومن الناس من يضيع ليالي شهر الصيام بمجالس اللغو ، ويعكف على القيل و القال، ولعب الورق حتى الفجر ؟؟!
فأين هؤلاء من قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ” من لم يدع قول الزور والعمل به ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ” رواه البخاري ( 4/116) .
وعن أبى المتوكل الناجي قال : كان أبو هريرة وأصحابه إذا صاموا جلسوا في المسجد، وقالوا : نطهر صيامنا . رواه ابن أبى شيبة كما في المحلى ( 6/177 ) وسنده صحيح .
أما النساء : فكثير منهن من تنام إلى الظهر ، ثم تقوم للعمل في المنزل والمطبخ حتى المغرب ، ثم بعد الإفطار تشتغل بالزيارات غير الضرورية ، وكثرة الخروج إلى الأسواق .
فماذا أخذ هؤلاء من خير رمضان ؟ وماذا اغتنموا من أوقاتهم ؟ وأين هم من اجتهاد سلف الأمة ونبيها عليه أفضل الصلاة والتسليم ؟!!
(5) السؤال : إذا خرج دم من فم الإنسان وهو صائم ، فما الحكم ؟
الجواب :
إذا سال فم الصائم دما فعليه أن يلفظه ولا يبتلعه ، وكذا لو خرج إلى فمه قيء ، لأن الفم في حكم الظاهر . والأصل حصول الفطر بكل واصل من الفم إلى الجوف ، لكن يعفى عن الريق لعدم إمكان التحرز منه ، فما عداه يبقى على الأصل . انظر المغني ( 4/ 356 ) .
وإن ابتلع شيئاً مع ريقه دون أن يشعر أو يقصد ، فلا شيء عليه .
————————————————–
(1) انظر الفتح ( 1 / 164 ) .
(6) السؤال : هل يجوز استعمال السواك ومعجون الأسنان في وقت الصيام ؟
وهل يجوز استعمال القطرة في وقت الصيام ؟
الجواب :
السواك قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الترغيب فيه مطلقا ، بقوله صلى الله عليه وسلم : ” لولا أن أشق على أمتي ، لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ” متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ” لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء ” رواه مالك والشافعي عنه أيضا .
ولم يخص منه وقت الصوم ، ولذا فهو مستحب في كل حال .
وقد قال الإمام أحمد : لا بأس بالسواك للصائم . ( المغني 4/359 ) .
واستحب أحمد وإسحاق ترك السواك بالعشي ، قال أحمد : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” خلوف فم الصائم ، أطيب عند الله من ريح المسك ” لتلك الرائحة ، لا يعجبني للصائم أن يستاك بالعشي .
وقد أجاب العلماء : بأن هذه الرائحة مصدرها المعدة لخلوها من الطعام ، فلا يغيرها السواك .
أما استعمال معجون الأسنان فإنه لا يفطر إذا كان لا يبتلعه ، لكن ينبغي أن لا يفعله الصائم إلا إذا دعت الحاجة إليه ، لخشية وصوله إلى الحلق ، ويستغني عنه بالسواك .
وأما استعمال ” القطرة ” أثناء الصيام فلا حرج فيه ، لأنه ليس بطعام ولا شراب ، ولا في حكم الطعام والشراب ، ولأن العين ليست منفذًا للجوف ، فلم يفطر بالداخل منها كما لو دهن رأسه .
وقد ثبت عن أنس رضي الله عنه أنه كان يكتحل وهو صائم . رواه أبوداود
(7) السؤال : هل القيء يفطر الصائم ؟
الجواب :
روى أهل السنن : من حديث أبى هريرة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء ، ومن استقاء عمدًا فليقض ” .
وهذا الحديث نص في المسألة : فمن ذرعه القيء ، أي : خرج من غير اختيار منه ، فلا شيء عليه ، ومن استقاء عمدا فعليه القضاء ، وهذا قول عامة أهل العلم .
قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على إبطال صوم من استقاء عامدا . وقليل القيء وكثيره سواء ، ولا فرق بين كون القيء طعاما أو مرارا أو بلغما أو دما أو غيره ، لأن الجميع داخل تحت عموم الحديث والمعنى . ( المغني 4/369 ).
(8) السؤال : ما حكم أخذ الإبر في نهار رمضان ؟
الجواب :
الإبر على نوعين :
(ا) إبر مغذية : وهو إبر المغذي المسماة ” بالجلوكوز ” ، يكتفي بها الإنسان عن الطعام والشراب ، فهذه مفطرة ، لأنها بمعنى الأكل والشرب ، فلها حكمهما .
(ب) إبر دواء غير مغذية : فهذه غير مفطرة ، سواء أخذها عن طريق العضل أو في الوريد ، لأنها ليست أكلا ولا شراباً ، ولا بمعنى الأكل والشرب ، فلا يثبت لها حكمهما .
وانظر رسالة ” حقيقة الصيام لشيخ الإسلام ابن تيمية ” ففيها كلام موسع .
(9) السؤال : ما حكم البخور أثناء الصيام ؟
الجواب :
إذا وصل البخور وبخار القدر للحلق باستنشاق ، سواء كان المستنشق صانعه أو غيره ، فإنه يفطر عند بعض العلماء ، كما في الشرح الكبير لأحمد الدردير (1/525) .
قال : لأن دخان البخور وبخار القِدْر ، كل منهما جسم يتكيف به الدماغ ، ويتقوى به ، أي : تحصل له قوة كالتي تحصل من الأكل .
قال : وأما الدخان الذي لا يحصل به غذاء للجوف ، كدخان الحطب ، فإنه لا قضاء في وصوله للحلق ولو تعمد استنشاقه ، لأنه لا يحصل به قوة كالتي تحصل له من الأكل .
وخالفهم آخرون ، فقالوا : إن هذا ليس بطعام ولا شراب ، ولا بمعنى الطعام والشراب فليس هو من المفطرات .
وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية كما في حقيقة الصيام .
والأحوط للمسلم ترك استنشاق البخور أثناء الصيام حفاظا على صيامه ، واحترازا من الوقوع في المفطرات .
والله أعلم .
(10) السؤال : من أدركه رمضان وعليه قضاء من رمضان الماضي ، ماذا يصنع ؟
الجواب :
من عليه صوم من رمضان فله تأخيره ما لم يدخل رمضان الثاني ، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت : كان يكون عليَّ الصوم من رمضان ، فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان .قال يحيى – وهو ابن سعيد الأنصاري أحد رواة الحديث : الشغل من النبي أو بالنبي صلى الله عليه وسلم .
وعند مسلم : وذلك لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه البخاري (4/189) ومسلم (2/802-803).
ولا يجوز تأخير القضاء إلى حلول رمضان من غير عذر ، لأن عائشة رضي الله عنها لم تكن تؤخره عن شعبان ، ولو كان ذلك ممكنا لأخَّرتْه .
ولأن الصوم عبادة متكررة ، فلم يجز تأخيرها كالصلوات المفروضة .
فإن أخره إلى رمضان آخر ، فإن كان لعذر فليس عليه إلا القضاء ، وإن كان أخَّر لغير عذر فعليه مع القضاء إطعام مسكين كل يوم .
قال ابن قدامة : وبهذا قال ابن عباس وابن عمر وأبو هريرة ومجاهد وسعيد بن جبير ، ومالك والثوري و الأوزاعي والشافعي وإسحاق . ( المغني 4/400 ) .
وهو مذهب أحمد أيضا والجمهور .
ونقل الطحاوي عن يحيى بن أكثم قال : وجدته عن ستة من الصحابة ، لا أعلم لهم فيه مخالفا . ( الفتح 4/190 ).
وروى عبد الرزاق : عن عوف بن مالك سمعت عمر يقول : من صام يوما من غير رمضان وأطعم مسكينا ، فإنهما يعدلان يوما من رمضان .
(11) السؤال : ما الحكم فيمن يصوم ولا يصلي ؟
الجواب :
هذا من العجيب الغريب !! أن يصوم الإنسان ولا يصلي في شهر رمضان !شهر الطاعة والقرآن ، شهر المغفرة والرحمة والعتق من النار ! وكيف يقبل الله تعالى صيام من يتعمد ترك الصلاة المفروضة وهي أعظم من الصيام ، بل هي أعظم من العبادات مطلقا بعد الشهادتين ؟!.
وقد قال صلى الله عليه وسلم : ” من ترك صلاة العصر ، حبط عمله ” رواه البخاري عن بريدة رضي الله عنه .
ومعنى ” حبط عمله ” : أي بطل ، هذا في صلاة واحدة ، فكيف بمن ترك الصلوات الخمس ؟!.
وقال عليه الصلاة والسلام : ” بين الرجل وبين الشرك والكفر ، ترك الصلاة ” رواه مسلم .
وهل يقبل الله تعالى من مشرك أو كافر عملا صالحا ؟ قال تعالى : ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ يَخَافُ ظُلْمًا وَلاَ هَضْمًا ) ( طه :112 ) .
وقال سبحانه ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ كُفْرَانَ لِسَعْيِه وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ) ( الأنبياء :94 ) .
فيشترط لجميع العبادات الإسلام كما هو معلوم .
(12) السؤال : ما حكم أخذ تحاليل الدم نهار رمضان ؟
الجواب :
أخذ عينة من الدم لا يفطر المريض ، وليس هي في حكم الحجامة .
وإن قيل : إنها في حكمها ، فإنها تكره إذا كان المأخوذ من الدم كثيرا ، لما روى البخاري (4/174) : عن ثابت البناني قال : سُئل أنس بن مالك رضي الله عنه : أكنتم تكرهون الحجامة للصائم ؟ قال : لا ، إلا من أجل الضعف .
وزاد شبابة حدثنا شعبة قال : على عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
والله أعلم .
(13) السؤال : كم عدد ركعات صلاة التراويح ؟
الجواب :
قيام رمضان من السنن المؤكدة ، والتي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين ، وحثهم عليها بقوله : ” من قام رمضان إيمانا واحتسابا ، غفر له ما تقدم من ذنبه ” متفق عليه .
قال الإمام ابن القيم رحمه الله : ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع قيام الليل حضرًا ولا سفرًا ، وكان إذا غلبه نوم أو وجع ، صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة . ( زاد المعاد في هدي خير العباد ).
أما عدد ركعاتها : فقد روى الشيخان : عن عائشة رضي الله عنها قالت : ” ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة ، يصلي أربعا ، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي ثلاثا “.
وقولها ” فلا تسأل عن حسنهن ” أي : أنهن في غاية الحسن والطول .
وجاء أيضا فيهما : أنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة ، ويوتر من ذلك بخمس ، لا يجلس في شيء إلا في آخرهن . فقد قام النبي صلى الله عليه وسلم الليل بإحدى عشرة ركعة وثلاث عشرة ركعة ولم يمنع من الزيادة على ذلك .
بل قد أخرج الحاكم ( 1/304 ) والبيهقي ( 3/31 ، 32 ) : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لا توتروا بثلاث تشبهوا بصلاة المغرب ، ولكن أوتروا بخمس أو سبع ، أو تسع أو بإحدى عشرة ركعة ، أو أكثر من ذلك ” وإسناده صحيح .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” قيام رمضان لو يوقّت النبي صلى الله عليه وسلم فيه عددا معينا ، بل كان هو يصلي صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة ، ولكن كان يطيل الركعات ، فلما جمعهم عمر على أُبي بن كعب كان يصلي بهم عشرين ركعة ، ثم يوتر بثلاث ، وكان يخفف القراءة بقدر ما زاد من الركعات ، لأن ذلك أخف على المأمومين من تطويل الركعة الواحدة ، ثم كان طائفة من السلف يقومون بأربعين ركعة ، ويوترون بثلاث ، وآخرون قاموا بست وثلاثين ، وأوتروا بثلاث ، وهذا كله سائغ ، فكيفما قام في رمضان من هذه الوجوه فقد أحسن ، والأفضل يختلف باختلاف أحوال المصلين ، فإن كان فيهم احتمال لطول القيام ، فالقيام بعشر ركعات وثلاث بعدها ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي لنفسه في رمضان وغيره هو الأفضل ، وإن كانوا لا يحتملونه فالقيام بعشرين هو الأفضل ، وهو الذي يعمل به أكثر المسلمين ، فإنه وسط بين العشر والأربعين ، وإن كان بأربعين وغيرها جاز ذلك ، ولا يكره شيء من ذلك ، وقد نص على ذلك غير واحد من الأئمة كأحمد وغيره ، ومن ظن أن قيام رمضان فيد عدد مؤقت عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يزاد فيه ولا ينقص منه ، فقد أخطأ “.
فالراجح ما قاله جمهور العلماء : من أن صلاة الليل ، ومنها ” التراويح ” في رمضان لم تقيد بعدد معين ، فلا ينكر على من زاد على إحدى عشرة ولا على من اقتصر عليها ، فالكل سنة ، ولا يجوز أن تكون مثار فتنة واختلاف بين المصلين ، بل عليهم التطاوع والاتفاق ، وإخلاص العمل لله تعالى ، وإتقانه وإحسانه ما استطاعوا ، ويا حبذا لو ختموا المصحف فيها ولو مرة واحدة ، لأنه منهاج المسلمين وكتاب عقيدتهم .
والله أعلم .
(14) السؤال : بعض الناس يصلي مع الإمام أربع ركعات ثم ينصرف ، ما رأيكم في هذا الأمر ؟
الجواب :
من صلى مع الإمام أربع ركعات أو أكثر ، ثم انصرف قبل الإمام ، فقد فاته خير عظيم ، وهو ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ” إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حُسب له قيام ليلة ” رواه النسائي ( 1292 ).
فمن استعجل الانصراف إلى بيته ، أو غيره ، ولم يوتر مع الإمام ، فاته هذا الثواب الجزيل ، وهو أن يحسب له قيام ليلة كاملة .
وبعض الناس يقول : أريد تأخير الوتر إلى آخر الليل ! وهذا خطأ !
بل الأفضل له أن يوتر مع الإمام ليكتب له قيام الليل كله ، فإن قام من آخر الليل فله أن يصلي ما شاء ، لكن دون أن يوتر مرة أخرى ، لقوله عليه الصلاة والسلام : ” لا وتران في ليلة ” . رواه الترمذي ( 473 ) والنسائي ( 1585 ) من حديث طلق بن علي رضي الله عنه .
(15) السؤال : هل يجوز إخراج زكاة الفطر من أول الشهر ؟
وهل يجوز إخراجها نقدًا ؟
الجواب :
السنة المستحبة في زكاة الفطر أن تؤدَّي قبل خروج الناس إلى صلاة العيد ، لما روى البخاري ( 3/367 ) : من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : ” فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر ، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير ، من المسلمين . وأمر بها أن تؤدَّي قبل خروج الناس إلى الصلاة “.
قال أهل العلم : أما وقت وجوبها : فغروب الشمس ليلة الفطر ، لأنه وقت الفطر من رمضان .
ويجوز أن تدفع قبل العيد بيوم أو يومين أو ثلاثة ، لما روى مالك في الموطأ : عن نافع : أن ابن عمر كان يبعث زكاة الفطر إلى الذي كان يجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة .
وأخرجه الشافعي عنه واستحسنه ، أي : التعجيل قبل الفطر .
أما مقدارها : فصاع من الطعام ، من التمر أو شعير أو زبيب أو حنطة أو أرز أو أقط ، أو من غالب قوت البلد .
والصاع أربعة أمداد ، والمد ملءُ كفَّي الرجل وهو يعادل اليوم ( اثنين كيلو ونصف تقريبا من الرز أو أقل قليلا ).
وظاهر الأدلة على أنه لا يجوز إخراج البدل النقدي عن زكاة الفطر ، وهذا قول أكثر العلماء ، ولم يجوز إخراج المال إلا أبو حنيفة رحمه الله تعالى ، ولم يثبت ذلك عن أحدٍ من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ( وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ) .
لا سيما وأن إخراجها طعاما أمر متيسر لا حرج فيه .
(16) السؤال : بعض الناس تراه محافظا على الصلاة في رمضان ، ويتركها بعده !! بماذا تنصحونه ؟
الجواب :
نقول : يا عبد الله ! كن ربانيا ولا تكن رمضانيا ؟!
فإن الأعمال التي يتقرب بها العبد في شهر رمضان إلى الله ، لا تنقطع بانقضاء شهر رمضان ، بل هي باقية ومطلوبة واجبة بعد انقضائه ما دام حيًّا ، فإن عمل المؤمن لا ينقضي حتى يأتيه أجله .
قيل لبشر الحافي : إن قوما يتعبدون ويجتهدون في رمضان فحسب !
فقال : بئس القوم لا يعرفون لله حقا إلا في شهر رمضان ، إن الصالح الذي يتعبد ويجتهد السنة كلها .
وقال الحسن رحمه الله : إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلاً دون الموت ، ثم قرأ ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ )( الحجر : 99 ) .
وقال تعالى ( وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا ) ( النحل :92 ).
لأن من ترك الصلاة والعبادة بعد رمضان يكون قد نقض غزله ، وهدم بنيانه !
والصالحون من هذه الأمة يجتهدون في إتمام العمل وإكماله وإتقانه ، ثم يهتمون بعد ذلك لقبوله ، ويخافون من رده ، وهؤلاء الذين قال الله فيهم ( والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة ) المؤمنون : 60 .
أي : خائفة من رد الأعمال الصالحة ، وعدم قبولها .
وقال السلف : من عمل طاعة من الطاعات وفرغ منها ، فعلامة قبولها : أن يصلها بطاعة أخرى ، وعلامة ردها : أن يعقب تلك الطاعة بمعصية .
فلنسأل الله تعالى جميعا الثبات على دينه ، ولنستعذ بالله عز وجل من الحور بعد الكور ، ومن أن نرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله .
(17) السؤال : ما صحة حديث : ” إذا انتصف شعبان فلا تصوموا ” ؟
وإذا كان صحيحا فما توجيهه ؟
الجواب :
الحديث صحيح ، رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن ، من رواية العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه ، وقد أكثر مسلم من إخراج أحاديثه والاحتجاج به ، وقد صححه جماعة من الحفاظ . انظر المحلى لابن حزم ( 6/453) والمداوي لعلل الجامع الصغير (1/322) وصححه العلامة الألباني ، انظر صحيح الجامع وصحيح السنن ( 2337 ) .
أما معناه : فقال الخطابي : ويشبه أن يكون حديث العلاء أثبت معنى كراهة صوم يوم الشك ليكون في ذلك اليوم مفطراً ، أو يكون استحب إجماع الصائم في بقية شعبان يتقوى بذلك على صيام الفرض في شهر رمضان ، كما كره للحاج الصوم بعرفة ليتقوى بالإفطار على الدعاء اهـ .
وقيل بعدم الجواز ، سواء يوم الشك وما قبله من النصف الثاني ، إلا أن يصل صيامه ببعض النصف الأول ، أو يوافق عادة له ، وهو الأصح عند الشافعية . فيض القدير ( 1/304 ) .
قلت : وكذا لو كان على الإنسان قضاء من رمضان ، فإنه لا مانع أن يقضي بعد منتصف شعبان ، لحديث عائشة رضي الله عنها : ” كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فلا أقضيه إلا في شعبان “. رواه البخاري وغيره .
وهذا عام في شعبان كله ، والله أعلم .
(18) السؤال : ما هو الافضل في شهر رمضان بخصوص صلاة القيام هل صلاتها في المنزل في جو من الهدوء او جماعة في المسجد ؟
الجواب :
جرت سنة المسلمين من عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى يومنا هذا ، على أن صلاة التراويح والقيام تكون جماعة في رمضان في المساجد ، كما في الموطأ (1/114-115) والصحيحين وغيرهم .
وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم القيام برمضان بالصحابة ليلتين أو ثلاثا ، ثم ترك ذلك خشية أن يكتب عليهم .
فأحياه عمر الفاروق رضي الله عنه في زمنه ، لاشتغال المسلمين في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه بحروب الردة .
وعليه مضى عمل السلف والخلف .
ويجوز لحافظ القرآن أن يصلي ببيته ، وإن كان الأفضل له صلاته بالمسجد الذي بقرب بيته .
وأما المرأة فإنها تفعل الأصلح لها ولقلبها ، فإن رأت أن صلاتها ببيتها أخشع لها ، وأنفع لها ، صلت ببيتها ، وإن رأت أن صلاتها بمسجدها أفضل لها صلت فيه ، مع ترك الزينة والتعطر والتبرج عند الخروج ، والاختلاط بالرجال .
والله سبحانه أعلم ،،،
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
(19 ) السؤال : حامل في الشهر الثالث ، معها نزيف والجنين متوفى ، ماحكم الصيام والصلاة في هذه الحالة ؟
الجواب :
فالنزيف من الحامل لا يمنع الصلاة والصيام ،،،
أما إذا حصل الاجهاض ، وسقط الجنين ، فلا تصلي حتى ترى
الجفاف أوالبياض ، لأنها في حكم النفساء .
والنفاس أقصاه أربعون يوما ، كما ثبت ذلك في حديث أم سلمة رضي
الله عنها ،،،
والله تعالى أعلم ،،،
(20) السؤال : من المعروف أن في يوم الجمعة هناك ساعة واحدة ، يستجاب فيها الدعاء ، هل ليلة القدر عبارة عن وقت مفتوح من غروب الشمس الى طلوع الفجر للدعاء والعبادة ؟
الجواب :
نعم ليلة القدر تبدأ من غروب الشمس إلى طلوع الفجر ، كبقية الليالي ، وهو أمر لا خلاف فيه .
وإنما الخلاف في تعيين ليلة القدر ، متى هي ؟
وقد قال صلى الله عليه وسلم : ” التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ” متفق عليه .
فمن قام الليالي العشر كلها ، فإنه يدرك هذه الليلة المباركة بلا ريب .
ولعل من الحكمة العظيمة أن يخفي الله تعالى وقت هذه الليلة بالضبط ، ليجتهد المسلمون في إحياء الليالي العشر كلها ، بالصلاة والدعاء وغيرها من الطاعات ، وليتبين الصادق المحب للعبادة عن غيره .
والله تعالى أعلم ،،،
(21) السؤال : في شهر رمضان المبارك هل تصفد كل الشياطين ، أم المردة منهم فقط ؟
الجواب :
فقد روى البخارى في صحيحه ( 1899) : عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء ، وغلقت أبواب جهنم ، وسلست الشياطين ” .
فقوله : سلسلت الشياطين ، أي : قيدت بالأصفاد وهي الأغلال ، وهو حقيقة على ظاهره ، ويعم جميع الشياطين .
وجاء في رواية السنن : ” إذا كان أول ليلة من رمضان ، صفدت الشياطين ومردة الجن ” .
وهذا فائدة أن التصفيد عام للجميع للمردة وغيرهم ، إذ لا يمتنع عليه منهم أحد ، فالعطف للجمع .
والتصفيد فيه تقليل شرهم وخبثهم ، وتزينهم للمعاصي والآثام ، وهذا مشاهد ومحسوس ، ولا يعني ألا تقع معصية ولا شر ، لأن لذلك أسبابا غير الشياطين
كالنفوس الشريرة والعادات القبيحة ، والشياطين الإنسية .
انظر الفتح للحافظ ابن حجر وغيره .
والله تعالى أعلم ،،،
( 22) السؤال : شخص صام يوم دين عليه قضاء رمضان وأفطر في هذا اليوم ، أي لم يكمل صيامه لأنه اشتهى أن يأكل مع زملائه ، هل يؤثم ؟
الجواب :
نعم يأثم ، لأنه لا يجوز له الفطر في صيام القضاء ، لأنه صيام واجب ، إلا بعذر المرض ، أو التعب الشديد الذي يبيح الفطر .
وليس هو كصيام التطوع الذي يكون فيه المسلم مخيرا ، بين إتمامه أو الفطر فيه .
لكن لا يلزمه إلا أن يقضي يوم رمضان فقط .
والتوبة من الفطر في القضاء .
والله سبحانه أعلم
( 23) السؤال : ماهي مبطلات الصيام باختصار ؟
الجواب :
مبطلات الصيام على وجه الاختصار هي :
1- 2 الأكل والشرب .
3- الجماع .
4- الاستمناء .
5- القيء متعمدا .
6- الردة والكفر ، والعياذ بالله .
7- عدم تبييت النية قبل الفجر .
8- العزم على الفطر .
9- التردد في النية .
10-11- الحيض والنفاس .
والله سبحانه أعلم ،،،
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
( 24 ) السؤال : الذي يحفظ القرآن ما هو أفضل له في شهر رمضان : هل مواصلة حفظه ، أم التلاوة من المصحف ؟
الجواب :
الأفضل له الجمع بين الأمرين ، لئلا يفوته شيء من الخير ، ولئلا ينسى ما حفظه .
فيجعل مثلا النهار لتلاوة القرآن ، والليل للحفظ والمراجعة , فيحوز الفضل كله .
أو يجعل النهار للحفظ ، ويقوم بالليل بما حفظ في النهار من الآيات .
وقد ورد في الحديث : ” وإذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره ، وإذا لم يقم به نسيه ” رواه مسلم .
بعد قوله صلى الله عليه وسلم : ” إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة ، إذا عاهد عليها أمسكها ، وإذا أطلقها ذهبت ” .
والله تعالى أعلم ،،،
( 25) السؤال : يعرض في رمضان الكثير من المسلسلات عن السيرة وفيها تصوير وتمثيل الصحابة ! مثل مسلسل خالد بن الولد رضي الله عنه وغيره ، ما حكم مشاهدة هذا المسلسلات ؟
الجواب :
فالصحيح من أقوال العلماء المعاصرين ، حرمة هذا العمل ، وهو تمثيل الصحابة ، ومن باب أولى حرمة تمثيل الأنبياء والمرسلين !
وقد صدرت بهذا فتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية ، وعلى رأسها : الشيخ ابن باز والشيخ عبد الرازق عفيفي، والشيخ عبد الله بن غديان والشيخ عبد الله بن قعود ، بل صدرت فتوى من هيئة كبار العلماء بالسعودية بذلك .
وهو ما اختاره جماعة من علماء الأزهر أيضا .
واستند العلماء في فتواهم الى مجموعة من الأدلة ، منها :
1- ما قد ينتج عن تمثيل أشخاصهم من الامتهان والاستخفاف بهم ، والنَّيل منهم ؛ إذ يقوم بدورهم -غالبا- أناس بعيدون كثيرا عن التدين والالتزام بأوامر الله ؛ وهو ما قد يولد السخرية من الصحابة والدين وتعاليمه ، مع ما في ذلك من ظهور سب الصحابة بتمثيل دور المشركين معهم .
وهو ما قالته لجنة الإفتاء والبحوث وهيئة كبار العلماء بالسعودية .
2- أن المفاسد المترتبة عليه أكثر من المصالح ، وما كانت مفسدته أرجح فهو ممنوع ، فإن قال البعض : إن في تمثيل حياتهم إظهارا للأخلاق والسلوكيات الحميدة ، فهذا مجرد افتراض ينفيه واقع التمثيل . وهو ما قالته لجنة الإفتاء والبحوث وهيئة كبار العلماء بالسعودية ، وعدد من علماء الأزهر.
3- أن تمثيل الصحابة إنزال لمكانتهم العالية ، التي وهبهم الله تعالى إياها في قرآنه ، وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم .
وهو رأي هيئة كبار العلماء بالسعودية ، والمفهوم من كلام عدد من علماء الأزهر .
4- أن غرض التكسب والتربح سيطغى على تقديم الصورة الصحيحة ؛ وهو ما يدفع القائمين بالإنتاج والتمثيل في التلاعب في سيرتهم ، والتجارة بما يناسب الربح والاتجار بعيدا عن الدقة العلمية. وهو مستند هيئة كبار العلماء بالسعودية.
5- ما حدث من قيام البعض من تمثيل الصحابة وسبهم وقذفهم والاجتراء عليهم ، بل استخدام الحبكة الفنية ومهارات الإخراج في التلفيق والتشويق بهدف الإقناع والتصديق .
6- أنه لم يتبق لنا في عالم الأسوة والقدوة إلا الصحابة ، فمن الأولى أن نبتعد عما يسيء إليهم ، وإن كان هناك إفلاس في موضوعات جيدة في الفن ، فلتكن بعيدة عن هؤلاء الصحابة… وهو ما ذهب إليه الدكتور أحمد عمر هاشم .
7- أن القدرة على تمثيل الصحابة بأشخاصهم عمل صعب فنيا ؛ إذ أن الله تعالى وهب الصحابة قدرات خاصة كي يكونوا أهلا لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وهذا لا يمكن تصوره في العمل الفني.. ولا يجوز التعرض بالتمثيل لهم ، استنادا لقوله صلى الله عليه وسلم “خير الناس قرني …” متفق عليه .
8- أن هؤلاء الكتاب والفنانين ينقصهم أدنى فنيات وأدوات كتابة التاريخ ، فضلا عن كتابة السيرة التي لا يمكن معالجة حياة هؤلاء بعيدا عنها ؛ فهم جزء لا يتجزأ من السيرة النبوية الشريفة التي لا يصح كتابتها أو الخوض فيها دون معرفة بالصحيح من الضعيف والمكذوب منها .
9- القول بتحريم تمثيل الصحابة مستند على قاعدة درء المفاسد ، واتقاء الشبهات ؛ فالقول بتجسيد حياتهم تمثيلا قول محفوف بالأخطار العظام ، وإذا سلمت شخصية فلن تسلم أخرى ، وإذا وجدنا من يفهم ويعلم سيرتهم اليوم ، فلن نجده غدا ، بل وستظل تصورات الفنانين لأشخاصهم نهبا لكل شارد ووارد ؛ فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه .
وغير ذلك مما ذكره أهل العلم من الأدلة القاضية بتحريم هذا الأمر ,,,
والله سبحانه أعلم ,,,
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه
( 26) السؤال : هل تركيب اللولب في أثناء الصيام يفطر ؟ وكذا الفحص للنساء ؟
الجواب :
تركيب اللولب لا يفطر ، لأنه ليس طعاما يستفيد منه الجسم ولا شرابا ، إنما هو حلقة أو أداة توضع في الرحم لمنع الحمل .
ومثله الفحص للرحم بالسونار ، بإدخال الأداة بالرحم للفحص ، ليس من المفطرات .
والله تعالى أعلم ،،،
( 27 ) السؤال : هل يجوز استخدام كريمات لترطيب البشرة ، وكذلك دهان الفكس والأدوية التي تكون على شكل كريمات في نهار رمضان ؟
الجواب :
لا حرج في استعمال الكريمات أو الزيت على البشرة والجسم ، أو الشعر إذ ليس هو طعام ولا شراب ، ولا في معنى الطعام والشراب .
والله تعالى أعلم ،،،
( 28 ) السؤال : أنني بت ليلة رمضان على أساس أنني غير طاهرة ، وفي الصباح شربت الماء ولكني طهرت في الصباح أعلم أنه علي صيام ذلك اليوم ، وهل علي كفارة أو أي شيء آخر ؟
الجواب :
لا يصح الصيام إلا بنية على طهر قبل الفجر ، فمن طهرت قبل الفجر ولم تنو ، فإنه لا يصح صومها .
ومن رأت الطهر بعد الفجر ، فلا يصح صيامها كذلك ، ولو لم تأكل شيئا ، لحديث : ” من لم يجمع الصيام قبل الفجر ، فلا صيام له ” رواه أبوداود ( 2454 ) باب النية في الصيام .
ومن أفطرت بعذر أول النهار ، فلها أن تفطر بقية اليوم .
ومثلها المسافر لو قدم البلد مفطرا له أن يفطر بقية يومه ، كما قاله ابن مسعود رضي الله عنه .
وغيره وهو الصحيح من أقوال أهل العلم ،،،
والله سبحانه أعلم
(29 ) السؤال : سمعت أن ليلة العيد لها فضل كبير لمن تعبد بها ، وأن سبب هذا الفضل هو أن أغلب الناس في تلك الليلة قد ودعوا رمضان وانشغلوا بالعيد والتجهيز له إلا من رحم الله ؟
فهل هذا الكلام صحيح ؟ وهل لهذه الليلة اسم خاص ؟ وما فضلها ؟؟
الجواب :
لا يصح في إحياء ليلة العيد حديث .
وأما حديث :” من أحيا ليلة الفطر والأضحى ، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب ” .
رواه الطبراني ، وهو حديث ضعيف جدا .
وقال الإمام ابن القيم في ” زاد المعاد ” في هديه صلى الله عليه وسلم ليلة النحر :
ثم نام صلى الله عليه وسلم حتى أصبح ، ولم يحي تلك الليلة ، ولا صح عنه في إحياء ليلتي العيدين شيء .
وانظر التعليق على ضعيف الترغيب للشيخ الالباني (666 – 667 -668) وقد حكم عليها بالوضع .
لكن ينبغي المحافظة على الأعمال الصالحة قدر المستطاع ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ” أحب الأعمال الى الله أدومها وإن قل “. متفق عليه
وإن كان المسلم يزيد من عمله في رمضان وغيره من مواسم العبادات ،،،
والله سبحانه أعلم .
( 30 ) السؤال : هل يجوز أن أصلى مع الراديو على موجة المسجد الكبير حيت تذاع الصلاة ، يعني أن اتابع صلاتي معهم عن طريق سمعي وانا بالمنزل ؟
لعدم مقدرتي على الذهاب للمسجد ، فأنا أقوم بأداء صلاة التهجد وأنا في المنزل ..
الجواب :
لا تصح الصلاة خلف المذياع والتلفاز لعدم اتصال الصفوف ، وهو شرط لصحة صلاة الجماعة .
إذ لا بد أن يكون المأموم خلف الإمام في المسجد نفسه .
وصلى في بيتك ما تستطعين ، وقد صح في الحديث : ” أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد ” .
ولك أن تؤمني على دعاء الإمام إذا دعا .
والله سبحانه أعلم ،،،
( 31 ) السؤال : أوقات شهر رمضان مباركة ، وكثير من الناس – مع الأسف – يقضون معظم أوقاتهم أمام القنوات الفضائية المثقلة بالبرامج السيئة ، لإلهاء الناس مع ما فيها من فجور وعري ، فهل الذنوب تتضاعف في هذا الشهر ؟
الجواب :
لا شك أن الذنوب والمعاصي في رمضان أشد منها في غيره ،،،
وذلك أن رمضان شهر وقت شريف ، وزمان فاضل ، فهو شهر الصيام ، وشهر تنزل فيه القرآن ، كما قال الله ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ) البقرة : 185.
وهو الشهر الذي تفتح فيه أبواب الجنة ، وتغلق فيه أبواب النار ، وتصفد فيه الشياطين ، دعاة الشر ، ومزيني المعاصي والمنكرات لبني آدم .
وهو الشهر الذي يدعو فيه داع كل ليلة : يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر . كما جاء في الأحاديث الصحيحة .
فمن القبيح بالعبد بعد ذلك أن يقع في المعصية ، ويستسهل فعلها ، فالوقت وقت الطاعات والعبادات والقربات ، من قراءة القرآن ، والصلوات والدعوات ، والصدقات ، وإطعام الطعام من الصائمين ، والفقراء والاعتكاف ، والعمرة وغيرها من أعمال البر .
وأما المضاعفة وتعني أن الشيء يكون ضعفين ، وان تكون السيئة بسيئتين ، فلا أعلم لها دليلا واضحا .
وذلك لا يعني أنها ليست أشد في رمضان من غيره ، كما سبق ذكره
والله تعالى أعلم ،،،
( 32 ) السؤال : هل يجوز لي الوضوء من غير مضمضة في رمضان خشية الافطار ؟
فقد سمعت ان المضمضة من السنة النبوية الشريفة وليس من فروض الوضوء الأساسية ؟
الجواب :
ترك المضمضة أثناء الصيام خلاف السنة الصحيحة الثابتة ، وإذا كان ذلك بسبب الوسوسة فلا يجوز .
وقد قال جماعة من أهل العلم بوجوب المضمضة والاستنشاق ، لدخولهما في غسل الوجه المأمور به في قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ) المائدة : 3.
وفعل النبي صلى الله عليه وسلم شرح وبيان للآية بلا شك .
وهو قول قوي .
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه حديث صحيح أنه ترك المضمضمة والاستنشاق في وضوئه ولو مرة واحدة ، فدل على وجوبهما في الوضوء .
هذا هو الراجح عندي .
والله تعالى أعلم
( 33 ) السؤال : هل يفطر من يقول : أنا فاطر!! على سبيل المزاح بدون أن يأكل أو يشرب ؟
الجواب :
الصيام هو الامساك مع النية الجازمة .
والنية محلها القلب ، فإذا قالها وهو لا ينوي بها قطع النية للصوم ، فإنه لا يفطر .
لكن قولها ولوعلى وجه المزاح مما لا ينبغي ، لأن الصيام عبادة جليلة ، وركن من أركان الاسلام ، لايجوز التلاعب به .
والله تعالى أعلم ،،،
( 34 ) السؤال : ما هي كفارة من زنى في شهر رمضان ؟!
الجواب :
أولا : لا شك في قبح هذا العمل ، وشناعة هذه الجريمة ، في الشهر المبارك !!!
فإن شهر رمضان من الشهور الشريفة المعظمة ، التي اختارها الله تعالى زمانا
للصيام ، واختار ليلة القدر منه بداية لنزول القرآن الكريم ، ولذلك الحسنة
فيه أعظم من الحسنة في غيره من الأيام والشهور ، كما أن السيئة فيه أقبح
من السيئة في غيره من الشهور ،،،
وهو شهر يعظمه حتى الأطفال ، فكيف بالمسلم البالغ ؟!!
وفي الحديث القدسي : ” يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ” .
ولأن هذا الشهر تصفد فيه الشياطين – أي تقيد – كما جاء في الأحاديث الصحيحة ، فكأنه لم يبق للانسان عذر في ارتكاب المحرمات ، إلا هوى النفس وشرها وميلها لمخالفة خالقها وباريها .
ولأن الصوم يضيق مجاري الدم التي هي مجاري الشيطان من ابن آدم ، فإنه يجري من ابن آدم مجري الدم ، فتسكن وساوس الشيطان ، وتنكسر حدة الشهوة والغضب ، ولهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم الصوم وجاء ، لأنه يقطع شهوة النكاح .
وإذا كان الصائم يتقرب الى الله بترك الشهوات المباحة ، فكيف يقع في الشهوات
المحرمة على كل حال ، وفي وقت وحين ؟!!
والصائم في عبادة وطاعة وإن كان نائما على فراشه ، فكيف يقع منه ذلك ؟!!
ومما يجب التنبيه عليه ، ما يقع فيه كثير من الصائمين هداهم الله ، من زنا الجوارح ، كزنا العينين ! واللسان والأذنين !!
كما نبه النبي صلى الله عليه وسلم إليه فقال : ” … فالعينان زناهما النظر ، والأذنان زناهما الاستماع ، واللسان زناه الكلام ، واليد زناها البطش ، والرجل زناها الخطا ، والقلب يهوى ويتمنى ، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه ” رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
ثانيا : لا كفارة في هذا الفعل ، إلا التوبة والندم والاستغفار ، ثم العمل الصالح .
فنعوذ بالله من سخطه والنار ، ونسأله سبحانه أن يحفظنا جميعا بالإسلام ، قائمين وقاعدين وراقدين ، إنه سميع مجيب .
والله تعالى أعلم ،،،
( 35 ) السؤال : ما حكم القرقيعان في رمضان ؟
الجواب :
القرقيعان عيد مخترع ومبتدع ، ليس له أصل في الشرع ! ولا يجوز المشاركة فيه .
ولا يقال هو : عادة ! بل الصحيح : هو احتفال وعيد متكرر كل عام ، وفي منتصف شهر الصيام .
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمة الله – كما في الصارم المسلول – :
العيد شريعة ، ولا شريعة إلا ماشرعه الله .
وبين أن العيد يجمع أمورا :
1- أنه يعود كل عام .
2- أنه يجتمع له الناس .
3- أنه يصنع له حلوى أوطعام .
4- أنه يلبس له ملابس زينة أو ملابس معينة خاصة .
وهذا كله موجود في القرقيعان لمن تأمل !
وعلى هذا لا يجوز الاحتفال به أو المشاركة فيه .
وهذا يجري في كل عيد يخترعه البشر .
وبهذا أفتت اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية .
والله تعالى أعلم ،،،
( 36 ) السؤال : هل يجوز تقديم زكاة الفطر لخدم المنازل ؟
الجواب :
زكاة الفطر تدفع طعاما ، عند عامة أهل العلم ، ولا تدفع نقدا .
والخدم معلوم أن طعامهم وشرابهم ومبيتهم على كفيلهم .
ولذا فلا يصح دفع زكاة الفطر إليهم .
لكن يمكن دفع بعض زكاة المال اليهم ، لمن كان منهم مسلما محافظا على صلاته ، وله عائلة يعولها ، لأنهم عادة فقراء محتاجون .
والله تعالى أعلم ،،،
( 37 ) السؤال : هل الدعاء في آخر النهار في رمضان ، أفضل من أول النهار ؟
الجواب :
الصحيح أنه لا فرق بين أول النهار وآخره في قبول دعاء الصائم ، لأنه في عبادة مستمرة الى الغروب ،،،
قال صلى الله عليه وسلم : ” ثلاث دعوات مستجابات : دعوة الصائم
ودعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ” رواه البيهقي في شعب الايمان .
أما حديث ” للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة ” وفي لفظ ” دعوة لا ترد ” .
فهو حديث ضعيف .
رواه الطيالسي وابن ماجة وابن السني وغيرهم ، انظر الإرواء ( 921 ) .
والله تعالى أعلم ،،،
(38 ) السؤال : السؤال : ما حكم صيام من استيقظ بنهار رمضان ووجد نفسه أنه قد احتلم أثناء نومه ؟
الجواب:
صيامه صحيح ، لأن الإحتلام أمر قهري ليس بيده ، فلا يفسد صيامه بالإحتلام .
وعليه أن يغتسل ويتم صومه ، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: ” سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاماً ؟ قال: “يغتسل ” وعن الرجل يرى أنه قد احتلم ولم يجد بللاً ؟ قال : ” لا غسل عليه ” قالت أم سلمة : يا رسول الله ، هل على المرأة ترى ذلك غسل ؟ قال: ” نعم ، إن النساء شقائق الرجال”. رواه أبو داود والترمذي .
والله تعالى أعلم
( 39 ) السؤال : ما هي الأذكار الصحيحة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم عند الإفطار ؟
الجواب:
ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال : ” ذهب الظمأ ، وابتلت العروق ، وثبت الأجر إن شاء الله “.
رواه أبو داود والنسائي في الكبرى والدارقطني والحاكم .
وقال الدارقطني: تفرد به الحسين بن واقد ، وإسناده حسن ا هـ.
وهو كما قال .
وأما حديث: ” كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال : اللهم لك صمنا ، وعلى رزقك أفطرنا ، اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم “.
فرواه الدارقطني : عن ابن عباس رضي الله عنهما ، والطبراني عن أنس رضي الله عنه ، وأسانيده ضعيفة جداً ، وأشار إلى ضعفه ابن القيم في « زاد المعاد » بقوله : ولا يثبت .
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص : سنده ضعيف.
( 40 ) السؤال : كيف تكون زكاة الذهب للأسرة المكوّنة من : الأم والزوجة والابنة ، هل تكون جميعاً ، أي : يجمع ذهب الأسرة كلها ثم تخرج زكاته جميعاً ، أو تكون زكاة كل واحدة على حدة ، ولا يجمع مع بعضه ؟
الجواب :
إذا كانت ملكية الذهب تعود إلى شخص واحد ، فإنه يجمع ولا يفرق وتخرج زكاته ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ” ولا يجمع بين متفرق ، ولا يفرق بين مجتمع ، خشية الصدقة ” رواه أحمد ( 1/11-12 ) وأبوداود ( 1567 ) والنسائي ( 5/ 29 ) .
فالمال الواحد يضم بعضه إلى بعض ، سواء تقاربت البلدان أو تباعدت .
فإذا كانت الأم هي التي تملك ذهب ابنتها ، فإنها تضم ما عندها من الذهب إلى ذهبها ، وتخرج زكاته .
وأما إذا تعددت الملكية ، فإن زكاة كل واحدة منهن على حدة ، ولا يجمع بعضه الى بعض.
( 41 ) السؤال : رجل شرب ماء بعد أذان الفجر بخمس دقائق ، بعد أن تأكد أن السماء سوداء فما الحكم ؟
الجواب:
فقد قال الله تعالى: ( وكُلوا واشربوا حتى يَتَبين لكُم الخيطُ الأبيضُ منَ الخيطِ الأسودِ من الفجرِ ) [ البقرة: 187] .
أي : أن طلوع الفجر هو غاية الأكل والشرب ، ولا يجوز الأكل والشرب بعده ، وطلوع الفجر يعرف بأذان المؤذن الثاني إذا كان يؤذن في الوقت ، كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها: ” إن بلالاً كان يؤذن بليلِ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” كُـلووا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر ” رواه البخاري (4/136).
فإذا أذن المؤذن الأذان الثاني ، وكان يؤذن في الوقت ، وجب الإمساك عن الطعام والشراب ، وهذا قول جمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين وغيرهم .
لكن قد جاءت الرخصة فيمن سمع الأذان وهو يتسحر ، وذلك فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده ، فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه “.
رواه أبو داود: (2350) وأحمد (9468) وهو صحيح.
فإذا كان السائل قد أكل بعد انتهاء الأذان بخمس دقائق ، فإنه يلزمه قضاء هذا اليوم على الأحوط .
وأما رؤيته للسماء وأنها كانت سوداء ، فلا يعتد بها ، لأنه لا يمكن تميز الخيط الأبيض من الخيط الأسود في المدن التي تنتشر فيها الإضاءة والأنوار .
والله أعلم
( 42 ) السؤال : هل يجوز اعتكاف الفتيات في مصلى البيت ؟
الجواب :
جمهور أهل العلم على أن المرأة في هذا كالرجل ، لا يصح اعتكافها إلا في المسجد ، فلا يصح اعتكافها في مسجد بيتها ، لأن الله تعالى قال : ( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْـمَسَاجِدِ ) (البقرة: 187) .
ولأن مسجد البيت ليس بمسجد حقيقة ولا حكماً ، فيجوز تبديله ونوم الجنب فيه ، ولو جاز الاعتكاف فيه لفعلته أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ، وقد ثبت عنهن أنهن كن يعتكفن في مسجده صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة . رواه أبو داود (2473) والبيهقي واللفظ له.
فإذا كان المصلى المذكور يصلى فيه الصلوات الخمس ، ولا يستبدل ، بل هو مخصص للصلاة دائماً ، فإنه يجوز الاعتكاف فيه ، وإلا فلا.
والله أعلم.
( 43 ) السؤال : هل يجوز دفع الزكاة مقدماً ؟
وهل يجوز دفعها على أقساط شهرية عن طريق استقطاع شهري ؟
الجواب :
أولا: يجوز تعجيل الزكاة قبل وجوبها لحولين فأقل ، لما روى أحمد (1/ 104) وأبو داود (1624) والترمذي (673) وابن ماجة (1795) وغيرهم : عن علي رضي الله عنه : أن العباس سأل النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحل ، فرخص له في ذلك .
وفي حديث أبي هريرة مرفوعاً: “… وأما العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي عليَّ ومثلها ” يعني: الزكاة . متفق عليه.
ومعناه كما قال العلماء: أن العباس رضي الله عنه قد عجَّل زكاته سنتين.
ثانيا : الأصل في إخراج الزكاة : الفورية .
فالواجب إخراج الزكاة كاملة فوراً ، وعدم تأجيلها دون عذر ، أو لمصلحة الفقير والمسكين ، كأن يكون غائباً أو بعيداً فينتظر قدومه .
لكن إن كانت الزكاة مبلغاً كبيراً ، وأراد أن يخرجها معجلة على دفعات ، فأرجو أن لا يكون به بأس.
والله أعلم.
( 44 ) السؤال : أنا تاجر وعندي بضاعة وحال عليَّها حوْل ، وأريد أن أخرج زكاة مالي ، ولكن بضاعتي قليلة ومشتتة في أكثر من مكان ويصعب عليَّ حسابها في الوقت الحالي ، لأني مشغول جداً ، فهل يجوز لي أن أقدِّر البضاعة ثم أدفع الزكاة أم لابد من الحساب ؟
وهل أحسب البضاعة بقيمة شرائها بالجملة أو بقيمة بيعها بالمفرد .
الجواب:
فإن عروض التجارة هي: ما يُعدُّ للبيع والشراء بقصد الربح ، تجب فيها الزكاة في قول أكثر أهل العلم ، ونصوا عليه في كتبهم .
قال الإمام البخاري رحمه الله في الصحيح (3/307 – الفتح ) : باب صدقة الكسب والتجارة ، لقوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ماكسبتم ) البقرة : 267 .
كما بوب غيره من أهل الحديث في كتبهم : باب زكاة التجارة ، من كتاب الزكاة .
وروى الطبري : عن مجاهد في هذه الآية قال : من التجارة الحلال .
وهو قول الفقهاء السبعة ، والأئمة الأربعة .
ونص عليه الفقهاء في مدوناتهم كما في المغني لابن قدامة (4/ 248 ) ومطالب أولي النهي (2/96) وغيرهما .
وحكى الإمام ابن المنذر الإجماع عليه .
فمن ملك منها شيئاً للتجارة ، وحال عليه الحول ، وبلغت قيمته نصاباً من النقود (وهو ما يساوي 85 جراماً من الذهب الخالص) وجب عليه إخراج زكاته ، وهو (2،5%) كزكاة النقود .
فالتاجر المسلم إذا حل موعد زكاته ، عليه أن يضم ماله كله بعضه إلى بعض : رأس المال والأرباح والمدخرات والديون المضمونة ، ثم يزكيها.
وتقويم السلع يكون : بسعرها الذي تباع به في السوق عند وجوب الزكاة.
هذا هو قول جمهور الفقهاء.
والله سبحانه أعلم ،،،
( 45 ) السؤال : كيف يخرج الطالب الذي يدرس في أمريكا زكاة الفطر عنه وعن زوجته وابنه ، مع العلم أنه لم يجد أو لم يهتد لمسلم يمكن أن يأخذ هذه الزكاة .والمسؤلون عن المسجد في منطقته قالوا : إن عليهم أن يخرجوا (8 دولارات)للشخص فما الحكم في هذه المسألة ؟ أم يطلب من أهله في الكويت أن يخرجوا الزكاة عنه ؟
وهل يجوز أن يدفعها لغير مسلم إن طمع بتأليف قلبه ؟
الجواب :
فقد روى البخاري (3/367) ومسلم : عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ” فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير ، من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة “.
وعن أبي سعيد الخدري قال : كنـا إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نخرج زكاة الفطر عن كل صغير وكبير حر ومملوك صاعاً من طعام أو صاعاً من أقط أو صاعاً من شعير أو صاعاً من تمر أو صاعاً من زبيب..».
رواه البخاري (3/371) ومسلم .
فالواجب في صدقة الفطر صاع من القمح ، أو الشعير أو التمر أو الزبيب أو الأقط أو الأرز أو الذرة ، أو العدس ، أو نحو ذلك مما يعتبر قوتاً في زماننا ، كالحليب المجفف والجبن لأنه قريب من الأقط.
قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم ، يرون من كل شيء صاعاً ، وهو قول الشافعي وإسحاق .
ولا يجزيء إخراج القيمة في قول جمهور أهل العلم .
بل سئل الإمام أحمد عن عطاء الدراهم في صدقة الفطر ، فقال :أخاف أن لا يجزئه ، خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل له : قوم يقولون : عمربن عبدالعزيز كان يأخذ القيمة ؟! قال : يدعون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون : قال فلان ! قال ابن عمر رضي الله عنهما : ” فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير ، …(وأطِيعوا وأطيعوا الرسُولَ ).
(المغني 4/295)
ووقتها المستحب : قبل الخروج لصلاة العيد، لحديث ابن عمر السابق: « وأمر لها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ».
ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : ” فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين ، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات “. رواه أبو داود وابن ماجة .
وجمهور الفقهاء على أنه يجوز تعجيل زكاة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين.
قال نافع : وكان ابن عمر رضي الله عنهما يعطيها الذين يقبلونها ، وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين. رواه البخاري (3/375).
وفي الموطأ : عن نافع : ” أن ابن عمر كان يبعث زكاة الفطر إلى الذي يجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة ” وأخرجه الشافعي عنه وقال: هذا حسن .
ويدل على ذلك أيضاً : ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة قال: وكَّلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان » الحديث .
وفيه: أنه أمسك الشيطان ثلاث ليال وهو يأخذ من التمر ، فدل على أنهم كانوا يعجلونها ، قاله الحافظ ابن حجر (الفتح 3/377).
ولا بأس أن يوكل الإنسان غيره في أن يخرج عنه زكاة الفطر لسفره ونحوه.
أما مصرفها : فقد بينه ما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: ” فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين…الحديث “.
قال ابن القيم رحمه الله : وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تخصيص المساكين بهذه الصدقة، ولم يكن يقسمها على الأصناف الثمانية قبضة قبضة ، ولا أمر بذلك ، ولا فعله أحد من أصحابه ولا من بعدهم ، بل أحد القولين عندنا : أنه لا يجوز إخراجها إلا على المساكين خاصة .
وهذا القول أرجح من القول بوجوب قسمتها على الأصناف الثمانية انتهى .
( زاد المعاد 2/22) .
وهو ما اختاره شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى .
والجمهورعلى أنها تصرف لفقراء المسلمين ومساكينهم ، ولا يعطى فقراء أهل الذمة منها شيئاً.
والله اعلم
( 46 ) السؤال : ما حكم من نزل منه المذي وهو صائم ؟ وقد فكر في زوجته في أثناء ذلك أو قبلها ؟
الجواب:
الصحيح من أقوال العلماء أن خروج المذي من الصائم لا يفطر ، لأنه خارجٌ لا يوجب الغسل ، أشبه البول ، وهو قول الجمهور أبي حنيفة والشافعي والحسن والشعبي والأوزاعي .
وذهب آخرون : إلى أنه يفطر لأنه خارج تخلله الشهوة كالمني ، وهو قول مالك وأحمد .
(انظر المغني: 4/361).
والصحيح القول الأول كما ذكرنا ، والأحوط الابتعاد عن أسبابه ، لما روت عاشة رضي الله عنها: ” إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم ، وكان أملككم لإربه “.
رواه البخاري (3/39) ومسلم (2/777)
والإرب: بفتح الراء ، أي حاجة النفس ووطرها ، وبالتسكين: العضو.
وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم فرخص له ، فأتاه آخر فسأله فنهاه ، فإذا الذي رخص له شيخ ، وإذا الذي نهاه شاب.
أخرجه أبو داود (2387) .
فهذا الفعل مباحٌ -وهو المباشرة أو القبلة – لمن قَدِرَ على ضبط نفسه ، وأمِنَ من عاقبته ، وأما من كانت له شهوة مفرطة فلا يجوز له ذلك ، خشية أن ينزل منه المني أو أن يجامع فيفسد صومه .
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
( 47 ) السؤال : ما حكم وقراءة القرآن للحائض والنفساء ؟ وكذا مسها للقرآن ؟
الجواب:
فالقول الراجح في هذه المسألة : هو جواز قراءة القرآن للحائض ، وهو قول للشافعي قديم ، واختيار البخاري والطبري وابن المنذر وابن حزم وابن تيمية رحمهم الله تعالى ، وقد استدلوا لذلك بأدلة ، منها : أن الله تعالى أمر بتلاوة كتابه فقال : ( كِتَابٌ أنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الأَلْبَابِ ) (ص: 29) .
وقال: ( أَفلاَ يتَدبَّرُونَ القُرآنَ ولَوْ كَانَ مِن عِندِ غير اللهِ لوجدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً) (النساء: 82) .
وهذه أوامر مطلقة ، فمن منع منها في بعض الأحوال كلف أن يأتي بالدليل .
واستدلوا : بما رواه مسلم (117) عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه.
ولفظ ” الذكر ” يشمل قراءة القرآن وغيره .
قال ابن حجر: ” لأن الذكر أعم من أن يكون بالقرآن أو بغيره ، وإنما فرق بين الذكر والتلاوة بالعرف ” (الفتح: 1/ 408).
فإذا كان الجنب لا يمنع من قراءة القرآن ، وهو حدث أكبر، فالحائض من باب أولى ، لأن الجنابة من كسب العبد ويمكنه رفعها ، والحيض ليس من كسب المرأة ولا يمكنها رفعه ، وقد يطول فتطول مدة الغفلة والبعد عن ذكر الله تعالى ، وتتعرض لنسيان ما حفظت.
وكان ابن عباس رضي الله عنهما : يقرأ القرآن وهو جنب ، فقيل له في ذلك ، فقال : ما في جوفي أكثر من ذلك . رواه ابن المنذر (2/ 98) والبخاري (1/ 407) تعليقا بصيغة الجزم.
وأما ما احتج به المانعون من الأحاديث ، فكله ضعيف لا يثبت ، كحديث: ” لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن ” رواه الترمذي (131) وابن ماجة وغيرهما من طرق ضعيفة كلها .
وحديث: ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئنا القرآن ما لم يكن جنباً ” رواه أحمد (1/83) وفي سنده : عبد الله بن سلمة ، قال البخاري : لا يتابع في حديثه . وضعفه الدارقطني .
فأحاديث نهي الحائض عن قراءة القرآن لا يصح منها شيء .
وإنما صح عنه صلى الله عليه وسلم منع الحائض من الصلاة والصيام ، وصح عنه أيضا صلى الله عليه وسلم منع المحدث من مس المصحف ، في قوله صلى الله عليه وسلم: ” لا يمس القرآن إلا طاهر » رواه الطبراني والدارقطني والحاكم .
وفي مسائل إسحاق بن راهويه لأحمد ( ص5): قال: قلت : ( أي: لأحمد ) : هل يقرأ الرجل على غير وضوء ؟ قال: نعم ، ولكن لا يقرأ في المصحف ما لم يتوضأ.
قال إسحاق : كما قال ، لما صح قول النبي عليه السلام : ” لا يمس القرآن إلا طاهر ” ، وكذلك فعل أصحاب النبي عليه السلام والتابعون انتهى .
ومما صح في ذلك عن الصحابة : ما رواه مصعب بن سعد بن أبي وقاص أنه قال: كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص ، فاحتككت ، فقال سعد : لعلك مسست ذكرك ؟ قال : فقلت : نعم ، فقال : قم فتوضأ فقمت فتوضأت ، ثم رجعت .
رواه مالك (1/ 42 رقم 59) وعنه البيهقي .
وقال الألباني : وسنده صحيح (الإرواء 122) .
فيمكن للحائض أن تقرأ القرآن من حفظها ، أو من كتاب تفسير ، أو تقرأ من المصحف بحائل كقفازين ونحوهما ، كما قال أهل العلم .
ويستحب لها الوضوء قبله لتخفيف الحدث .
والله أعلم .
( 48 ) السؤال : ما رأيكم في دعاء ختم القرآن الكريم ?
الجواب :
لم يرد دليل صحيح من السنة ـ فيما نعلم ـ يعيِّن دعاء يقال عند ختم القرآن العظيم ، لكن قد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه حثَّ على الدعاء عند قراءة القرآن عموماً ، فقال: ” اقرءوا القرآن وسلوا الله به ، قبل أن يأتي قوم يقرءون القرآن فيسألون به الناس ” رواه أحمد والطبراني والبيهقي في الشعب من حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما.
فينبغي للمسلم إذا قرأ القرآن أن يدعو بعده بخير الدنيا والآخرة ، فيسأل الله تعالى الجنة ويستعيذ به من النار، ويسأله قضاء الحاجات ، ومغفرة الذنوب… ونحو ذلك . وثبت عن أنس رضي الله عنه : أنه إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا ، رواه أبو داود .
وأما الدعاء المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فلم نجده فيما بين أيدينا من كتبه ـ حسب علمنا ـ وهو لا يتضمن محذوراً .
ولكن يلاحظ عليه : أنه يخلو من الأدعية النبوية الثابتة .
ثانيا : أنه طويل ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ” يستحب الجوامع من الدعاء ، ويدع ما سوى ذلك ” رواه أبو داود (1482) وابن حبان (2412) من حديث عائشة رضي الله عنها.
والله أعلم ،،،
( 49 ) السؤال : بالنسبة للدين هل يزكى الدين كل سنة وإن طالت السنين ولم يسدد ؟ وإن كان لا يزكى إلا بعد استلامه ، فكيف يزكى إن كان مضى عليه أكثر من سنة ؟
وسؤال آخر : كيف تزكى الأسهم ؟ والأسهم التي ليس لها قيمة ، أي ليست معروضة في السوق _ البورصة _ كيف تزكى ، وإذا عرضت في السوق بعد سنين ؟
الجواب :
فالدَّين الذي على الغني القادر على السداد والمعترف به ، تجب عليك فيه الزكاة كل عام ، كماله الموجود بيده .
أما الدَّين الذي على الفقير أو العاجز عن السداد ، فلا تجب فيه الزكاة إلا إذا قبضته ، فيزكيه عن سنة واحدة فقط .
أما الأسهم : فإذا كانت مستثمرة أي: أن صاحبها يجني أرباحها كل سنة ، ولا يعرضها للبيع ، فإنه يزكي الأرباح إذا قبضها ، ومر عليها سنة.
وأما إذا كان يبيع ويشتري الأسهم ، فإنه يحسب مقدار ما عنده من الأسهم بقيمتها في السوق في نهاية كل سنة ، ثم يزكيها.
والأسهم التي ليس لها قيمة ، ينتظر بها حتى يعلن عن قيمتها ، وتطرح في السوق للتداول ، ثم يزكيها إذا مر عليها حول .
والله أعلم
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
( 50) السؤال : هل إذا رأى أهل البلد الهلال وثبتت عندهم الرؤية يلزم البلد المجاور لهم أو البلاد الإسلامية كلها أن يصوموا أو يفطروا برؤيتهم ؟ أم أن لكل أهل بلد رؤية خاصة بهم ؟ أفتونا مأجورين .
الجواب :
فقد قال الله تعالى : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) ( البقرة : 185 ) أي : من شهد استهلال الشهر ، وهي رؤية الهلال فليصم .
كما قال صلى الله عليه وسلم : ” صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن غُم عليكم فأكملوا شعبان ثلاثين ” . متفق عليه من حديث أبي هريرة .
وقال صلى الله عليه وسلم : ” صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، وانسكوا لها ، فإن غُم عليكم فأتموا ثلاثين ، فإن شهد شاهدان مسلمان ، فصوموا وأفطروا ” رواه أحمد والنسائي عن رجال من الصحابة .
ومعنى قوله : ( وانسكوا لها ) : أي تقربوا إلى الله تعالى بالصوم في رمضان ، والإفطار في أول شوال وبالأضحية وأعمال الحج في وقتها – الفتح الرباني ( 9/264 ) وانظر التيسير شرح الجامع الصغير ، للمناوي ( 2/96 ).
فبرؤية الهلال يجب على المسلمين صوم رمضان ، وبرؤيته يجب عليهم الإفطار ، وكذا إثبات شهر ذي الحجة .
ويستفاد من الحديثين : أنه إذا رؤي الهلال ببلدة ، لزم جميع بلاد المسلمين الصوم ، وهو مذهب الأئمة مالك وأبي حنيفة وأحمد والليث بن سعد ، وحكاه ابن المنذر عن أكثر الفقهاء .
وقال ابن قدامة في المغني ( 4/ 328 ): وإذا رأى الهلال أهل بلد ، لزم جميع البلاد الصوم . وهذا قول الليث وبعض أصحاب الشافعي .
وقال بعضهم : إن كان بين البلدين مسافة قريبة ، لا تختلف المطالع لأجلها كبغداد والبصرة ، لزم أهلها الصوم برؤية الهلال في أحدهما ، وإن كان بينهما بعد ، كالعراق والحجاز والشام ، فلكل أهل بلد رؤيتهم .
وروي عن عكرمة أنه قال : لكل أهل بلد رؤيتهم ، وهو مذهب القاسم ، وسالم ، وإسحاق ، لما روى كريب ، قال : قدمت الشام ، واستهلَّ عليَّ هلال رمضان ، وأنا بالشام ، فرأينا الهلال ليلة الجمعة ، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر ، فسألني ابن عباس ، ثم ذكر الهلال ، فقال : متى رأيتم الهلال ؟ قلت : رأيناه ليلة الجمعة ، فقال أنت رأيته ليلة الجمعة ؟ قلت : نعم ، ورآه الناس ، وصاموا وصام معاوية ، فقال : لكن رأيناه ليلة السبت ، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه . فقلت : ألا تكتفي برؤية معاويه وصيامه ؟ فقال : لا ، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . ( رواه مسلم ) .
قال ابن قدامة : ولنا قول الله تعالى : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) ( البقرة : 185 ) .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي لما قال له : آلله أمرك أن تصوم هذا الشهر من السنة ؟ قال : ” نعم ” وقوله للآخر لما قال له : ماذا فرض الله عليَّ من الصوم ؟ قال: ” شهر رمضان ” متفق عليه .
وأجمع المسلمون على وجوب صوم شهر رمضان ، وقد ثبت أن هذا اليوم من شهر رمضان ، بشهادة الثقات ، فوجب صومه على جميع المسلمين ، ولأن شهر رمضان ما بين الهلالين ، وقد ثبت أن هذا اليوم منه في سائر الأحكام من حلول الدين ، ووقوع الطلاق والعتاق ، ووجوب النذور ، وغير ذلك من الأحكام ، فيجب صيامه بالنص والإجماع ، ولأن البينة العادلة شهدت برؤية الهلال ، فيجب الصوم ، كما لو تقاربت البلدان .
فأما حديث كريب فإنما دل على أنهم لا يفطرون بقول كريب وحده ، ونحن نقول به ، وإنما محل الخلاف وجوب قضاء اليوم الأول ، وليس هو في الحديث . فإن قيل : فقد قلتم إن الناس إذا صاموا بشهادة واحد ثلاثين يوما ، ولم يروا الهلال ، أفطروا في أحد الوجهين ، قلنا : الجواب عن هذا من وجهين ، أحدهما : أننا إنما قلنا يفطرون إذا صاموا بشهادته ، فيكون فطرهم مبنيا على صومهم بشهادته ، وههنا لم يصوموا بقوله ، فلم يوجد ما يجوز بناء الفطر عليه .
الثاني : أن الحديث دل على صحة الوجه الآخر . انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة – كما في الفتح الرباني ( 9/271 ) معقبا على حديث كريب عن ابن عباس : ويمكن أنه أراد بذلك هذا الحديث العام يعني قوله صلى الله عليه وسلم : ” لا تصوموا حتى تروا الهلال ، ولا تفطروا حتى تروه ” لا حديثا خاصا بهذه المسألة ، وهو الأقرب عندي . انتهى .
وقال في فتوى له – كما في مجموع الفتاوى ( 25/105 ) – بعد أن حكى الاختلاف : فالصواب في هذا – والله أعلم – ما دل عليه قوله : ” صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون ، و أضحاكم يوم تضحون ” فإذا شهد شاهد ليلة الثلاثين من شعبان أنه رآه بمكان من الأمكنة ، قريب أو بعيد ، وجب الصوم .
وكذلك إذا شهد بالرؤية نهار تلك الليلة إلى الغروب ، فعليهم إمساك ما بقي ، سواء كان من إقليم أو إقليمين .
والاعتبار ببلوغ العلم بالرؤية في وقت يفيد ، فأما إذا بلغتهم الرؤية بعد غروب الشمس ، فالمستقبل يجب صومه بكل حال ، لكن اليوم الماضي : هل يجب قضاؤه ؟ فإنه قد يبلغهم في أثناء الشهر أنه رؤي بإقليم ، ولم ير قريبا منهم ، الأشبه أنه إذا رؤي بمكان قريب ، وهو ما يمكن أن يبلغهم خبره في اليوم الأول فهو كما لو رؤي في بلدهم ولم يبلغهم .
إلى أن قال : فالضابط : إن مدار هذا الأمر على البلوغ ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ” صوموا لرؤيته ” فمن بلغه أنه رؤي ، ثبت في حقه من غير تحديد بمسافة أصلا …
وقال ( ص 111 ) : فتلخص : أنه من بلغه رؤية الهلال في الوقت الذي يؤدي بتلك الرؤية الصوم ، أو الفطر ، أو النسك ، وجب اعتبار ذلك بلا شك ، والنصوص وآثار السلف تدل على ذلك .
ومن حدَّد ذلك بمسافة قصر أو إقليم ، فقوله مخالف للعقل والشرع .
ومن لم يبلغه إلا بعد الأداء ، وهذا مما لا يقضي كالعيد المفعول والنسك ، فهذا لا تأثير له ، وعليه الإجماع الذي حكاه ابن عبد البر . وأما إذا بلغه في أثناء المدة : فهل يؤثر في وجوب القضاء ؟ وفي بناء الفطر عليه ، وكذلك في بقية الأحكام : من حلول الدين ، ومدة الإيلاء وانقضاء العدة ، ونحو ذلك ، والقضاء ، يظهر لي أنه يجب ، وفي بناء الفطر عليه نظر .
فهذا متوسط في المسألة ، وما من قول سواه إلا وله لوازم شنيعة ، لاسيما من قال بالتعدد ، فإنه يلزمه في المناسك ، ما يعلم به خلاف دين الإسلام ، إذا رأى بعض الوفود أو كلهم الهلال ، وقدموا مكة ، ولم يكن رؤي قريبا ، ولما ذكرناه من فساده صار متنوعا .
والذي ذكرناه يحصل به الاجتماع الشرعي ، كل قوم على ما أمكنهم الاجتماع عليه ، وإذا خالفهم من لم يشعروا بمخالفته لافراده من الشعور بما ليس عندهم لم يضروا هذا ، وإنما الشأن من الشعور بالفرقة والخلاف .
وتحقيق ذلك العلم بالأهلة ، فقال 🙁 هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) ( البقرة: 189 ) إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى .
وقال الشوكاني رحمه الله تعالى في نيل الأوطار : ( 4/268 ) : واعلم أن الحجة إنما هي في المرفوع من رواية ابن عباس لا في اجتهاده الذي فهم عنه الناس ، والمشار إليه بقوله هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هو قوله ” فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين “.
والأمر الكائن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هو ما أخرجه الشيخان وغيرهما بلفظ : ” لا تصوموا حتى تروا الهلال ، ولا تفطروا حتى تروه ، فإن غُم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ” .
وهذا لا يختص بأهل ناحية على جهة الافراد ، بل هو خطاب لكل من يصلح له من المسلمين ، فالاستدلال به على لزوم رؤية أهل بلد لغيرهم من أهل البلاد أظهر من الاستدلال به على اللزوم ، لأنه إذا رآه أهل بلد فقد رآه المسلمون فيلزم غيرهم ما لزمهم … إلى آخر كلامه .
وهو اختيار العلامة صديق حسن خان في الروضة الندية (1/533-534 ) .
لكن قال العلامة الألباني رحمه الله في تمام المنة ( ص 398 ) : وهذا أمر متيسر اليوم للغاية كما هو معلوم ، ولكنه يتطلب شيئا من اهتمام الدول حتى تجعله حقيقة واقعية إن شاء الله تبارك وتعالى . وإلى أن تجتمع الدول الإسلامية على ذلك ، فإني أرى على شعب كل دولة أن يصوم مع دولته ، ولا ينقسم على نفسه ، فيصوم بعضهم معها ، وبعضهم مع غيرها ، تقدمت في صيامها أو تأخرت ، لما في ذلك من توسيع دائرة الخلاف في الشعب الواحد ، كما وقع في بعض الدول العربية منذ بضع سنين والله المستعان . والله أعلم .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .