موضوع الساعة

في الشريعة الرؤية لا الحساب

  الحمد لله الذي أكمل لنا الشريعة والدين ، وامتن بتلك النعمة على المسلمين ، فقال سبحانه ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) المائدة .
وصلى الله وسلم على نبيه المصطفى الأمين القائل : ” إنه لم يكن نبي قبلي ، إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم ” رواه مسلم ( مختصر 1199 ) .

وبعــد :

ففي كل سنة تثار مسألة رؤية الهلال والحساب لدى الفلكيين بالتقاويم ، وما يحصل من التعارض بينهما مما يجعل بعض العامة من المسلمين يتشككون بعبادتهم وصيامهم وعيدهم !!
ويلبس عليهم أحيانا بعض أهل البدع والضلال !
وهذه المسألة من الأمور التي لا يجوز الخلاف فيها ، لأن أمرها محسوم منذ عصر النبوة إلى يومنا هذا .
فلم يعتمد المسلمون في عصر ما على الحساب والتقويم في إثبات دخول الشهر أو خروجه ، ولا في الحج أيضا ، بل الاعتماد كان ولا يزال دوما قائما على رؤية الهلال .

قال الجصاص رحمه الله في أحكام القرآن : ” فالقائل باعتبار منازل القمر وحساب المنجمين ، خارج عن حكم الشريعة ، وليس هذا القول مما يسوغ الاجتهاد فيه ، لدلالة الكتاب ونصِّ السنة وإجماع الفقهاء على خلافه ” أحكام القرآن (1/280) .

ومثله قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” فإنا نعلم بالاضطرار من دين الإسلام : أن العمل في رؤية هلال الصوم أو الحج أو العدة أو الإيلاء ، أو غير ذلك من الأحكام المعلقة بالهلال بخبر الحاسب أنه يرى أو لا يرى لا يجوز ، والنصوص المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كثيرة ، وقد أجمع المسلمون عليه ، ولا يعرف فيه خلاف قديم أصلاً ، ولا خلاف حديث .
إلا أن بعض المتأخرين من المتفقهة الحادثين بعد المائة الثالثة ، زعم أنه إذا غم الهلال جاز للحاسب أن يعمل في حق نفسه بالحساب ، فإن كان الحساب دل على الرؤية صام وإلا فلا ، وهذا القول وإن كان مقيدا بالإغمام ومختصا بالحاسب ، فهو شاذ مسبوق بالإجماع على خلافه ، فأما اتباع ذلك في الصحو أو تعليق عموم الحكم العام به فما قاله مسلم  . مجموع فتاوى ابن تيمية (ج 25/ ص 132 ـ 133) .اهـ
وقال : ” ولا ريب أنه ثبت بالسنة الصحيحة واتفاق الصحابة : أنه لا يجوز الاعتماد على حساب النجوم ، كما ثبت عنه في الصحيحين أنه قال : ” إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ، صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته ” .

والمعتمد على الحساب في الهلال ، كما أنه ضال في الشريعة ، مبتدع في الدين ، فهو مخطىء في العقل وعلم الحساب ، فإن العلماء بالهيئة يعرفون أن الرؤية لاتنضبط بأمر حسابي ، وإنما غاية الحساب منهم إذا عدل أن يعرف كم بين الهلال والشمس من درجة وقت الغروب مثلا ، لكن الرؤية ليست مضبوطة بدرجات محدودة ، فإنها تختلف باختلاف حدة النظر وكلاله ، وارتفاع المكان الذي يتراءى فيه الهلال وانخفاضه ، وباختلاف صفاء الجو وكدره ، وقد يراه بعض الناس لثمان درجات وآخر لا يراه لثنتي عشر درجة  “. مجموع الفتاوى ( 25/ 207) .
والله تعالى الهادي للصواب ،،،
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه

 

زر الذهاب إلى الأعلى