الدروس في مجالس العزاء
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه
وبعد :
نقول أولا : تعزية أهل الميت سنّة مؤكدة ، فعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” من عزى أخاه المؤمن في مصيبة ، كساه الله حلة خضراء يحبر بها يوم القيامة ، قيل : يارسول الله ، ما يحبر ؟ قال : يغبط ” أخرجه الخطيب وابن عدي وحسنه الألباني .
وعزى النبي صلى الله عليه وسلم ابنته بقوله : ” إن لله ما أخذ وله ما أعطى ، وكل شيء عنده إلى أجل مسمى ، فلتصبر ولتحتسب ” . متفق عليه
وهي من أحسن صيغ التعزية وأجمعها .
قال العلامة الألباني : ويعزيهم بما يظن أنه يسليهم ، ويكف من حزنهم ، ويحملهم على الرضا والصبر ، مما يثبت عنه صلى الله عليه وسلم إن كان يعلمه ويستحضره ، وإلا فبما تيسر له من الكلام الحسن الذي يحقق ولا يخالف الشرع . أحكام الجنائز ( ص 206 ) .
فمجالس التعزية بالشكل الذي يجري اليوم ، نحسب أنها من المصالح المرسلة المناسبة للعصر والظروف الحالية للناس ، فإنهم لا يستطيعون أن يتواصلوا ، ويعزي بعضهم بعضا ، إلا بمثل هذه المجالس ، فيصبر بعضهم بعضا ، ويذكر بعضهم بعضا.
ولا نرى مانعا من تذكير أهل المجلس بكلمات تنفعهم وتصبرهم ، وتسليهم عن مصابهم ، خاصة إذا كانوا مقصرين في جنب الله تعالى ، فالوقت مناسب لذلك ، والقلوب متوجهة ، والموعظة مؤثرة .
وقد حدث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وهم ينتظرون الدفن حول القبر ، بما يحصل للعبد المؤمن والفاجر عند احتضاره وما يكون بعد موته من نعيم للأبرار ، وعذاب للفجار .
أما شغل هذه المجالس بقراءة القرآن أوالذكر ، والناس داخلون وخارجون ، والقهوة تصب وتدار على الجالسين ، فإن في ذلك استهانة واضحة بكتاب الله عزّ وجلّ .
أما الطعام الذي يدعى إليه الأقارب والناس غير المحتاجين بهذه المناسبة ، فبدعة سيئة يجب اجتنابها ، ولا سيما إن كان الطعام من مال الميت .
وقد سئل العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله : هل يجوز حضور مجلس العزاء والجلوس معهم ؟
إذا حضر المسلم وعزى أهل الميت فذلك مستحب ، لما فيه من الجبر لهم والتعزية ، وإذا شرب عندهم فنجان قهوة أو شاي أو تطيب ، فلا بأس كعادة الناس مع زوارهم .
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – المجلد الثالث عشر.