قمة المصالحة
قمة الكويت الاقتصادية والتضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة ، افتتحها سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد أمس بإعلانه « مبادرة تنموية برأسمال ملياري دولار لتوفير الموارد المالية اللازمة للمشاريع التنموية في إدارة الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي ».. تساهم فيها الكويت بنصف مليار..
هذا الى جانب تأكيده تماسكا عربيا ضد الجرائم الإسرائيلية: « المبادرة العربية للسلام التي اعتمدت وتكرر التأكيد عليها في مؤتمرات قمة لنا ، تمثل الاساس لموقفنا العربي الواضح والصريح ».
والتأمت القمة العربية أمس بحضور على مستوى عال ، إذ شارك فيها الغالبية العظمى للرؤساء العرب ، ووصفت أجواؤها بأنها « مصالحة عربية ».
وافتتحت القمة الهادفة الى تعزيز التكامل الاقتصادي العربي بحضور قادة 17 دولة عربية وفي ظل انقسامات على خلفية الوضع في غزة .
وأكد سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد في كلمته أمام القادة العرب أن « العدوان الإسرائيلي يعتبر بحق جريمة من جرائم الحرب ، وضد الانسانية وانتهاكا صارخا لمبادئ الانسان.. ما يستوجب الوقف الفوري ومحاسبة المسؤولين عنه».
دعا العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله ، إلى” إنهاء كافة الخلافات بين الأشقاء العرب بدون استثناء “.
وقال إن “مبادرة السلام العربية لن تبقى طويلا على الطاولة” ، مشيرا إلى أن “إسرائيل أمام خيارين: الحرب أو السلام”.
وأعلن عن ” تبرع الشعب السعودي بمليار دولار للفلسطينيين”، وجاء ذلك في كلمته بالجلسة الافتتاحية للقمة العربية الاقتصادية الأولى بالكويت.
وكان مقدرا لهذه القمة ألا تكون سياسية , إلا أن الحرب على غزة وما تلاها من إعلان وقف لاطلاق النار ما يزال هشا بعد مقتل أكثر من 1300 فلسطيني عدا الدمار الكبير الذي حل بغزة , باتت بندا رئيسيا على جدول أعمال القادة العرب الذين فشلوا في التوافق على عقد قمة طارئة مخصصة للحرب في القطاع .
ومما لاشك فيه أن الإسلام دين الوحدة , الذي جمع بين الأمم والشعوب المختلفة الأجناس واللغات والألوان , بما قرره من حكم الأخوة الإسلامية , قال سبحانه وتعالى في ذلك ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) (الحجرات 13) .
والرسالة المحمدية كانت للناس كافة ، لا لإقليم ولا لجنس ولا لطائفة من الناس , بل كانت عامة للخلق في الدعوة والهداية , خوطب بها الناس جميعا إبان نزول الوحي , وذلك الخطاب دائم إلى يوم القيامة , قال تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) (الأنبياء : 107) .
وقال : ( إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ) (التكوير : 27 ) .
وقال : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) (سبإ : 28) .
وغيرها من الآيات , ومحمد صلى الله عليه وسلم هو آخر لبنة في صرح النبوة كما , كما قال سبحانه ( مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ) ( الأحزاب 40 ) , فلا نبي بعده , فرسالته خاتمة الرسالات السماوية .
وقد أتم الله تعالى علينا نعمته بإكمال دينه , فقال : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ) ( المائدة 4 ) .
وقال سبحانه : ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ” ( النحل 89) , وهذه من أكبر نعم الله تعالى على الأمة حيث أكمل لهم دينهم فلا يحتاجون إلى دين غيره , ولا إلى نبي غير نبيهم صلى الله عليه وسلم , فلا حلال إلا ما أحله الله ورسوله ، ولا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله ، ولا دين إلا ما شرعه الله .
وأمرنا جل وعلا بالاعتصام بكتابه ، فقال ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ ) ( آل عمران 103) , وحبل الله تعالى هو كتابه , ومثله السنة , التي حوت كلام نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم .
وقال سبحانه ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) (النساء 59) .
فأوضح لنا القرآن السبيل التي يجب أن نسلكها عندما تختلط السبل , وتفترق الطرق , وتكثر الآراء , أن نفزع إلى كتابه سبحانه وإلى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم , وأكد هذا بقوله : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) (الحشــر 7) .
وقد جعل الله تعالى القدوة الكاملة للأمة في شخص النبي صلى الله عليه وسلم , فقال : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ) ( الأحزاب 21 ) .
فالواجب علينا جميعا أن نقرأ كتاب الله تعالى , ونقف سنة رسوله صلى الله عليه وسلم , وسيرته , وأن نتدبرهما للعمل بما فيهما من الأحكام , والاعتقاد بما فيهما من العقائد , والتصديق بما فيهما من الأخبار .
فنسأل الله تعالى أن يهدينا جميعا الصراط المستقيم , صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ….
وأن يقينا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن…
وأن يجعلنا من مفاتيح الخير ومغاليق الشر … إنه سميع الدعاء .
والله أعلم .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .