صفات اليهود في القرآن الكريم والسنة النبوية ( 1 )
الحمد لله رب العالمين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ،،،
وبعد :
فاليهود ألد أعداء أمة الإسلام ، بنص كتاب الله تعالى وخبره الصادق ، وحكمه العادل ، إذ يقول سبحانه ( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ) ( المائدة آية 82 ) .
فهؤلاء الطائفتان أشد أعداء الإسلام والمسلمين على الإطلاق ، وأكثرهم سعيا في الإضرار بهم ، والكيد لهم ، وذلك لشدة كفرهم وبغضهم وعنادهم للمسلمين ، وحسدهم وبغيهم عليهم .
وقد تجلى ذلك بوضوح في حربهم الآخيرة على إخواننا في غزة ، وما حصل منهم من بغي وحصار ظالم ، ثم عدوان وحشي أحرق الأخضر واليابس ، ولم يفرق فيه بين صغير وكبير ، ولا رضيع وعجوز ، ولا مدني ومقاتل ، بل استهدف الجميع بقتل شبه جماعي ، وإبادة بلا هوادة ، بل تم تدمير المساجد بيوت الله على رؤوس المصلين في أثناء صلاتهم ، وضرب المدارس بما تؤوي من الأهالي والأطفال ، والمساكن وهي مليئة بالعوائل الفارة من جحيم القصف بالصواريخ الهائلة ، التي مزقت أجسادهم ودفنتهم تحت الركام ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم .
لذا كان من الضروري للمسلم أن يتعرف على صفات هذه الزمرة المجرمة المذكورة في الكتاب الكريم والسنة المطهرة ، لأنهم أعداؤه مدى الدهر وأبد الأيام ، مهما حاولوا الظهور بغير ذلك وزخرفوا ، وخادعوا البسطاء والجهلة بدينهم ، ومهما دعوا إلى السلم والسلام فإنهم كذابون دجالون ، فأفعالهم تكذب أقوالهم ، والأيام خير شاهد .
وإذا رجعت إلى القرآن الكريم ، تجد أنهم ذكروا كثيرا بصفاتهم وأخلاقهم وأحوالهم ، وفي قصصهم تجيء الآيات تلو الايات ، بل سورة في القرآن باسمهم وهي سورة بني إسرائيل ( وهي الإسراء ) وما ذاك إلا لشدة خطرهم وضررهم وبيان صفاتهم .
وكذلك لأجل أن يحذر المسلم الوقوع فيما وقعوا فيه ، من الأخلاق والمخالفات والمعاصي ، فيصيبه ما أصابهم من العقوبات والمصائب والبلايا .
وذلك أن سنة الله تعالى في خلقه واحدة ، لا تتبدل ولا تتغير ، ( سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا ) فمن أطاع الله ورسوله كانت له السعادة والفلاح والنجاح والنجاة ، والعز والنصر والتمكين في الدنيا والآخرة ، ومن عصى وتمرد وعاند واستكبر ، عومل بنقيض ذلك من الشقاء والبلاء ، والذلة والاندحار ، وتسلط الأعداء …
والتاريخ القديم والحديث ، والحس والواقع خير شاهد على صدق القرآن ، وما أخبر به الرسول الأمين صلوات الله عليه وسلامه .
وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم محذرا : ” لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود ، فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل ” أخرجه ابن بطة بإسناد جيد .
وأخبر أن طوائف من أمته ستتبع أخلاق اليهود والنصارى وتعمل بعملهم ، فيعاقبهم الله كما عوقبوا ، فقال صلى الله عليه وسلم : ” لتتبعن سنن الذين من قبلكم ، شبرا بشبر وذراعا بذراع ، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه ، قالوا : اليهود والنصارى ؟ قال : ” فمن ؟ ” متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
وفي رواية الحاكم : عن ابن عباس مرفوعا : ” لتركبن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر ، وذراعا بذراع ، حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتم ، وحتى لو أن أحدهم جامع أمه بالطريق لفعلتموه ” وصححه الألباني في الصحيحة ( 1348) .
فمن صفات اليهود في القرآن الكريم :
1. معرفة الحق وكتمانه ، والتواصي فيما بينهم على ذلك ، قال تعالى ناهيا لهم عن هذا الخلق السيء ( ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ) ( البقرة : 42) .
فنهاهم عن شيئين : عن خلط الحق بالباطل ، وعن كتمان بيان الحق الذي يعرفونه ، لأن المقصود من العلم أن يهتدي به الضالون ، وتقوم به الحجة على المعاندين ، ويتميز به الحق من الباطل .
وقال : ( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) ( البقرة : 76) .
وهذا حال منافقي أهل الكتاب ، أنهم يظهرون بألسنتهم للمسلمين خلاف ما يبطنون .
ومن أعظم ذلك : كتمانهم صفة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل ، ومحوهم لها ، وتبديلهم أوصافه ، قال سبحانه ( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون * الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ) ( البقرة : 142) .
وقال ( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل … ) الأعراف : 157 .
فاليهود يجدون اسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصفته مكتوبة عندهم في التوراة والإنجيل ، وكان ينبغي أن يكون هذا من أعظم الدواعي إلى الإيمان به وتصديقه واتباعه ، بل كانوا يبشرون ببعثته قبل أن يبعث ، كما قال الله عنهم ( ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين ) البقرة : 89 .
وعن عاصم بن عمر بن قتادة عن رجال من قومه قالوا : إن مما دعانا إلى الإسلام مع رحمة الله تعالى وهداه لنا : لما كنا نسمع من رجال يهود – وكنا أهل شرك أصحاب أوثان ، وكانوا أهل كتاب عندهم علم ليس لنا – وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور ، فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون قالوا : إنه قد تقارب زمان نبي يبعث الآن نقتلكم معه قتل عاد وإرم ، فكنا كثيرا ما نسمع ذلك منهم ، فلما بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم أجبناه حين دعانا إلى الله تعالى ، وعرفنا ماكانوا يتوعدوننا به ، فبادرنا إليه فآمنا به ، وكفروا به ففينا وفيهم نزل الآيات من البقرة ( ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين ) البقرة : 89 . أخرجه ابن إسحاق في السيرة وغيره ، وهو حديث حسن .
ومن صفته عندهم ، ماأخرجه الإمام البخاري في صحيحه : عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قرأت في التوراة صفة النبي صلى الله عليه وسلم ” محمد رسول ، عبدي ورسولي ، سميته المتوكل ، ليس بفظ ولا غليظ ، ولا صخاب في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة السيئة ، بل يعفو ويصفح ، ولن أقبضه حتى أقيم به الملة العوجاء ، بأن يقولوا : لا إله إلا الله ” .
فهم كانوا يعرفون أن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله ، ويتيقنون ذلك كما يتيقنون أبنائهم بحيث لا يشتبهون عليهم بغيرهم من الناس ، ولكن أكثرهم كتموا هذه الشهادة وكفروا بالنبي الأمي العربي صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : إن الصفات الموجودة في كتبهم ، لا تنطبق على محمد صلى الله عليه وسلم !! وليس هو المراد بها ؟!