موضوع الساعة

تحرير دولة الكويت الظالمين نعمة من الله عظيمة

ونصر عزيز ضد الظلم والعدوان

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه ،
وبعد :
فإن ما من الله به علينا من نعمة تحرير الكويت من أيدي الغاصبين الظالمين والمعتدين ، من أعظم نعم الله سبحانه على أهل الكويت وغيرهم من المسلمين ، ومن محبي الحق والعدل ، فجدير بجميع المسلمين أن يشكروا الله تعالى على ذلك ، بالقلب واللسان والجوارح ، بأن يستقيموا على دينه ، وأن يكثروا من شكره وذكره وحسن عبادته ، وأن يحذروا أسباب غضبه لما من الله به سبحانه عليهم من هزيمة المعتدين ، ونصر المظلومين ، وإجابة دعاء المسلمين .

وقد وعد الله سبحانه عباده بالنصر المبين ، والعاقبة الحميدة إذا هم نصروا دينه ، واستقاموا عليه واستنصروا به ، ولجأوا إليه سبحانه ، وأعدوا العدة لعدوهم ، وأخذوا حذرهم من سخطه ، كما قال عز وجل في كتابه المبين : ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ) الأنفال .
وقال ( وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) .

وقال سبحانه : ( وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) الحج .

وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) محمد .
والآيات في هذا المعنى كثيرة ، وكلها تدل على وجوب الالتجاء إلى الله سبحانه في جميع الأمور ، والاستعانة به وحده والاستنصار به ، والاستقامة على دينه والحذر من أسباب غضبه سبحانه ، كما تدل الآيات على أنه عز وجل هو الذي بيده النصر لا بيد غيره ، كما قال سبحانه : ( وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ) .
وقال عز وجل: ( إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) آل عمران .
وقال سبحانه : ( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ) البقرة .
ولكنه سبحانه مع ما وعد به عباده من النصر ، علق نصرهم سبحانه على أسباب عظيمة ، وهي نصر دينه بإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر، والاستقامة على الإيمان، والعمل الصالح .
فالواجب على جميع المسلمين في الكويت وغيرها ، أن يأخذوا بهذه الأسباب ، وأن يستقيموا عليها ، وأن يتواصوا بها أينما كانوا ؛ لأن الأخذ بها والاستقامة عليها ، من أعظم الأسباب للنصر في الدنيا ، والأمن ورغد العيش والسعادة في الدنيا والآخرة والفوز بالجنة ، والكرامة وحسن العاقبة في جميع الأمور ، كما أوضح ذلك سبحانه في الآية الكريمة السابقة من سورة النور ، وهي قوله تعالى عز وجل : ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ) الآية .

وكما بين ذلك أيضا سبحانه في قوله عز وجل في سورة الصف : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ () تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ () يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ () وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ  ) .

ففي هذه الآيات الكريمات ، أوضح سبحانه أن الإيمان بالله ورسوله ، وأصل الإيمان وأساسه هو توحيد الله والإخلاص له وترك الإشراك به ، كما قال عز وجل في كتابه العظيم : (  وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ  ) الاسراء .
قضى أي : أمر وأوصى .
وقال تعالى : (  فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ () أََلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ  ) .
وقال سبحانه : (  وَمَا أُمِرُوا إِلا َّلِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ).
ويشمل الإيمان كذلك : أداء ما أوجب الله من الطاعات ، وترك ما حرم الله من المعاصي  .
ثم الجهاد في سبيله ، وهو أولا جهاد النفس والهوى والشيطان ، ثم جهاد الكفار والمنافقين حسب الاستطاعة ، وهو من درجات الإيمان العالية ، وذلك كله هو سبب المغفرة لجميع الذنوب ، والفوز بالجنة والمساكن الطيبة فيها ، كما أنهما هما السبب في حصول النصر والفتح القريب .

فجدير بأهل الإسلام أينما كانوا أن يأخذوا بهذه الأسباب ويتواصوا بها ويستقيموا عليها أينما كانوا ؛ لأنها هي سبب عزهم ونصرهم وأمنهم في الدنيا وأمانهم ، وهي سبب فوزهم ونجاتهم في الآخرة ، وهي أيضا سبب السلامة والربح والفوز بأنواع الكرامة وأنواع السعادة في هذه الدنيا ، كما قال الله عز وجل : ( وَالْعَصْرِ سورة العصر () إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ سورة العصر () إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) .

ومن أعظم شعب الإيمان ، ومن تحقيق شهادة ألا إلـه إلا الله وأن محمدا رسول الله : تحكيم شرع الله بين عباده في كل شئونهم ، كما قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم في سورة المائدة : (  وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ  )الآية ، ثم قال بعد ذلك سبحانه: (  وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ) إلى أن قال سبحانه : ( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ).

وقال سبحانه في سورة النساء: ( فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ).

فأوضح سبحانه في هذه الآيات الكريمات أن الواجب على جميع الأمة في كل زمان ومكان أن يحكموا شرع الله في جميع ما شجر بينهم واختلفوا فيه  ، وفي جميع شئونهم الدينية والدنيوية ، وحذر سبحانه من اتباع الهوى وطاعة أعداء الله في عدم تحكيم شريعته والاعراض عن كتابه ، وأخبر سبحانه أن حكمه هو أحسن الأحكام ،  وبين سبحانه أنه لا إيمان لمن لم يحكم رسوله صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور، وينشرح صدره لذلك ويسلم له تسليما .

والله المسئول سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين ، ويمنحهم الفقه في دينه ، ويوزعهم شكر نعمه الظاهرة والباطنة ، وأن يعين قادتهم على مرضاته ، ، ويهيء لهم الباطنة الصالحة ، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ، ويخذل أعداء الإسلام أينما كانوا ، وأن يعيذنا والمسلمين جميعا من مضلات الفتن وأسباب النقم ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، إنه هو السميع العليم .

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه .

زر الذهاب إلى الأعلى