صفات اليهود في القرآن الكريم والسنة النبوية ( 7 )
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين
وآله وصحبه والتابعين ،،،
ذكرنا فيما مضى شيئا من صفات اليهود في القرآن الكريم والسنة النبوية ، وها نحن نستكمل ما ورد من صفاتهم في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وأقوال سلف الأمة ، وهي خير مصدر يعرفنا بشخصية اليهود وتركيبهم النفسي ، وهي وقفات موجزة مع سمات شخصيتهم :
9- التطاول والاعتداء باللسان على الأنبياء والمرسلين :
فالذين فعلوا ما سبق من الأفاعيل ، لا يستنكر عليهم مثل هذه الخصلة القبيحة ،
حيث لا يتورعون عن سب أنبياء الله ورسله ، والكذب عليهم ودس القصص الخبيثة عن الرسل وأهليهم ، حتى في كتبهم المقدسة !!! .
فمن ذلك :
تقولهم على نبي الله عيسى وأمه مريم عليهما السلام ، كما قال تعالى عنهم : ( وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما * وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) { النساء : 156، 157}.
قال ابن عباس والجمهور في قوله ( وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما ) : يعني أنهم رموها بالزنا !!
قال ابن كثير رحمه الله ( 1/410) : وهو ظاهر من الآية ، أنهم رموها وابنها بالعظائم ، فجعلوها زانية وقد حملت بولدها من ذلك ! زاد بعضهم وهي حائض ! فعليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة .
(وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله ) أي هذا الذي يدعي لنفسه هذا المنصب قتلناه ! وهذا منهم من باب التهكم والاستهزاء ، كقول المشركين ( يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون ) انتهى
ومن ذلك : أنهم كانوا يخاطبون الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بما لا يليق ولا يجوز من الألفاظ ، واتخذوا من سلاح المراوغة والمخادعة ولي اللسان بالقول ، سبيلا لإيذاء النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا يلوون ألسنتهم بالكلام السيئ ، كما حكا القرآن الكريم ، عنهم ذلك ونهى المؤمنين عن مخاطبة الرسول صلى الله عليه وسلم بمثل ألفاظهم ، قال الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم ) ( البقرة : 104) .
فقولهم ( راعنا ) يوهمون السامع أنهم يقصدون المراعاة والإمهال ، أو تدبير المصالح ، وهم يريدون في الحقيقة الرعونة !! وهي الحمق والخفة ! عاملهم الله بما يستحقون ، فنهى الله تعالى المؤمنين عن استعمال هذه الكلمة ، حتى لا يتخذها اليهود وسيلة إلى إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم والتنقيص من شأنه .
قال الحافظ ابن كثير( 1/96) : نهى الله تعالى عباده المؤمنين أن يتشبهوا بالكافرين في مقالهم وفعالهم ، وذلك أن اليهود كانوا يعانون من الكلام ما فيه تورية لما يقصدونه من التنقيص – عليهم لعائن الله – فإذا أرادوا أن يقولوا : اسمع لنا ، يقولون : راعنا ، ويورون بالرعونة انتهى .
وهذه الآية كقوله تعالى ( من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا واطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا ) النساء : 46 .
فحالهم في العلم ما ذكر من تحريف الكتاب .
وأما حالهم في العمل والانقياد ، فإنهم يقولون ( سمعنا وعصينا ) أي سمعنا قولك وعصينا أمرك ! وهذا غاية في الكفر والعناد ، والشرود عن الانقياد .
وكذلك يخاطبون الرسول عليه الصلاة والسلام بأقبح خطاب وأبعده عن الأدب ، فيقولون (واسمع غير مسمع ) قصدهم : اسمع منا غير مسمع ما تحب ، بل ما تكره ! ( انظر تفسير السعدي ) .
ثم أرشد الله تعالى المؤمنين إلى ما يقولون بدل هذه الكلمة فقال تعالى ( وقولوا انظرنا واسمعوا ) أي : لا تقولوا هذه الكلمة وهي ( راعنا ) لئلا يتخذها اليهود ذريعة لسب نبيكم صلى الله عليه وسلم وقولوا مكانها ( انظرنا ) أي : انتظرنا وتأن بنا ، من نظر بمعنى انتظر ، كقوله تعالى ( انظرونا نقتبس من نوركم ) .
فالآية الكريمة تنبه إلى استعمال الأدب الجميل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتجنب ما يوهم التنقص ، وألفاظ الجفاء .
ثم بين تعالى مصير اليهود جزاء تعديهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ( وللكافرين عذاب أليم ) جزاء أليم جزاء كفرهم وتطاولهم وسفاهتهم .
ومن سوء أدبهم مع نبينا صلى الله عليه وسلم : ما روى البخاري ومسلم وغيرهما : من حديث : أنس بن مالك رضي الله عنه قال : مر يهودي برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : السام عليك ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” وعليك ” فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” تدرون ما يقول ؟ قال : ” السام عليك ” قالوا يا رسول الله ، ألا نقتله ؟ قال : ” لا “. قال : ” إذا سلم عليكم أهل الكتاب ، فقولوا : وعليكم “.
روى الترمذي في سننه (1236) والنسائي : عن عائشة رضي الله عنها قالت كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبان قطريان غليظان ، فكان إذا قعد فعرق ثقلا عليه ، فقدم بزٌ من الشام لفلان اليهودي ، فقلت : لو بعثت إليه فاشتريت منه ثوبين إلى الميسرة ، فأرسل إليه فقال – أي اليهودي – : قد علمت ما يريد ، إنما يريد أن يذهب بمالي أو بدراهمي !! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” كذب ، قد علم أني من أتقاهم لله ، وآداهم للأمانة “.
ومن ذلك : أنهم طلبوا من الرسول محمد عليه الصلاة والسلام أن ينزل عليهم كتابا من السماء يقرؤونه .
قال الله تعالى ( يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ) {النساء : 153}.
قال ابن جريج : وذلك أن اليهود والنصارى أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : لن نتابعك على ما تدعونا إليه ، حتى تأتينا بكتاب من عند الله إلى فلان أنك رسول الله ، وإلى فلان أنك رسول الله !! قال الله جل ثناؤه ( يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة ) . رواه ابن جرير ( 7/ 640 ) .
ثم قال ابن جرير : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن أهل التوراة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسأل ربه أن ينزل عليهم كتابا من السماء آية معجزة جميع الخلق أن يأتوا بمثلها ، شاهدة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدق ، آمرة لهم باتباعه .
وجائز أن يكون الذي سألوه من ذلك كتابا مكتوبا ينزل عليهم من السماء إلى جماعتهم … انتهى