أرشيف الفتاوى

حكم نقل الميت لبلد آخر

السؤال :

ما حكم نقل الميت إلى بلاده إذا مات خارج بلده ؟

الجواب :

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وآله وصحبه
ومن اهتدى بهداه ،،،
وبعد :

فإن السنَّة العمليَّة التي جرى عليها العمل في عهد النَّبي صلى الله عليه وسلم ، وفي عهد أصحابه رضي الله عنهم : أن يُدفن الموتى في مقابر البلد الذي ماتوا فيه ، سواء كانوا من أهله أو لم يكونوا ، وأن يُدفن الشهداء حيث قتلوا ، كما دفن النبي صلى الله عليه وسلم من قتل من أصحابه بدر عند ذلك المكان ، ومن قتل في أحد عند جبل أحد وهكذا .
ولم يثبت في حديث ولا أثر صحيح أن أحداً من الصحابة نقل إلى غير مقابر البلد الذي مات فيه ، أو مكان قريب منه ، فضلا أن ينقل إلى بلده الأصلي .
فهذه هي السنة النبوية ، والتي جرى عليها سلف الأمة ومن بعدهم .

وهي تحقيق لما حثَّ عليه الشرع المطهر من التعجيل بدفن الميت ، بقوله صلى الله عليه وسلم : ” أسرعوا بالجنازة ، فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه ، وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم ” متفق عليه .

ومن أجل هذا قال جمهور الفقهاء : لا يجوز أن ينقل الميت قبل دفنه إلى غير البلد الذي مات فيه إلا لغرض صحيح ، وسبب يسوغ ذلك ، مثل أن يُخشى من دفنه حيث مات من الاعتداء على قبره من قبل الكفار أو الأعداء ، أو انتهاك حرمته لخصومة ، أو استهتار أهل ذلك المكان وعدم مبالاة بقبره ، فيجب نقله إلى حيث يؤمن عليه من ذلك .

ويجوز أن ينقل إلى بلده تطييباً لخاطر أهله فيروه قبل دفنه أو يقوموا بتغسيله وتكفينه ، وليتمكنوا من زيارته .

لكن يشترط أن لا يخشى عليه التغير من التأخير الطويل ، وأن لا تنتهك حرمته أثناء النقل ، فإن لم يكن هناك داعٍ ، أو لم توجد هذه الشروط : لم يجز نقله .

وكذلك يشترط ألا يكون هناك إسراف بإنفاق أموال طائلة للنقل ، من غير ضرورة ولا حاجة شرعية تدعو إلى إنفاقها في إجراءات النقل ، مما قد يضر بحقوق الورثة ، خصوصا إذا فقراء محتاجين .

وإنفاق مثل هذه الأموال عليهم ، أو في المصارف الشرعيَّة وأعمال البر والخيرات التي ينبغي أن ينفق فيها هذا المال وأمثاله ، أولى من إنفاقها في تكاليف النقل  .

والله تعالى أعلم

زر الذهاب إلى الأعلى