الأضحية وأحكامها
الأضحية مشروعة بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين .
1- حكمها : قال كثير من العلماء إنها سنة مؤكدة .
والراجح وجوبها على المقتدر ماليا ، لقوله تعالى: { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } ( الكوثر :2 ) .
فخص هاتين العبادتين بالذكر لأنهما أفضل العبادات ، وأجل القربات .
وقال سبحانه ( ليذكروا اسم الله على مارزقهم من بهيمة الأنعام ) الحج : 34.
ولقوله صلى الله عليه وسلم : « من وجد سعةً ولم يضحِّ فلا يقرُبنَّ مصلاَّنا » رواه أحمد وابن ماجة .
ولحديث مخنف بن سليم قال : كنا وقوفا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة فقال : ياأيها الناس ، إن على كل أهل بيت في كل عام أضحية وعتيرة ، أتدرون ما العتيرة ؟ هي التي يسميها الناس الرجبية “. رواه أصحاب السنن ، وحسنه الألباني .
وقد ونسخت العتيرة بقوله عليه الصلاة والسلام : ” لا فرع ولا عتيرة ” متفق عليه .
وبقيت الأضحية على أهل كل بيت كل عام .
وعن جندب بن سفيان البجلي قال : شهدت النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر قال : ” من ذبح قبل أن يصلى فليعد مكانها أخرى ، ومن لم يذبح فليذبح ” رواه الشيخان .
وهو ظاهر في الوجوب ، لا سيما مع الأمر بالإعادة ، فتأمل !
والقول بالوجوب ، قول أبي حنيفة ومالك ورواية عن أحمد وقول الأوزاعي والليث واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية .
وعن أنس رضي الله عنه قال:« ضحَّى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ، ذبحهما بيده وسمى وكبر ، ووضع رجله على صفاحهما » رواه البخاري .
ويستحب للإمام وغيره أن يذبح بالمصلى ، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذبح أضحيته بالمصلى . وكان ابن عمر يفعله . رواه البخاري وأبوداود ( 2811) .
ويكفي أن يضحي المسلم عن نفسه وأهل بيته بواحدة :
فعن عطاء بن يسار قال: سألت أبا أيوب الأنصاري : كيف كانت الضحايا فيكم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : كان الرجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته ، فيأكلون ويطعمون ، ثم تباهى الناس ، فصار كما ترى . رواه الترمذي وصححه وابن ماجة و صححه الألباني .
2- وقتها : وقت ذبح الأضحية من بعد صلاة العيد إلى آخر أيام التشريق ، وهو اليوم الثالث عشر ، وذبحها في اليوم الأول بعد الصلاة أفضل .
ويستمر وقت الذبح نهارا وليلا ، لأن الليل داخل في وقت الذبح على الصحيح .
3- صفة ذبحها: إن كانت من البقر والغنم أضجعها على جنبها الأيسر موجهة إلى القبلة ، ويقول عند الذبح : بسم الله والله أكبر ، اللهم هذا منك ولك ، اللهم هذا عني وعن أهل بيتي ، أو عن فلان إذا كانت أضحية موصي بها أو موكلا بها ، أو ما شابه ذلك .
وإن كانت الأضحية من الإبل ، نحرها قائمة معقولة يدها اليسرى .
لحديث ابن عمر رضي الله عنهما : أنه أتى رجلاً قد أناخ بدنته ينحرها ، فقال: «ابعثها قياماً مقيدة ، سنة محمد صلى الله عليه وسلم » رواه البخاري.
ويحرم بيع شيء منها حتى من شعرها وجلدها أو جلالها – ما يوضع على ظهرها – ، ولا يعطي الجزار أجرته منها شيء .
وله إعطاؤه على وجه الصدقة والهدية .
لقول علي رضي الله عنه : « أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه، وأن أتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها ، وأن لا أعطي الجزار منها ، قال : « نحن نعطي الجزار من عندنا » رواه البخاري و مسلم واللفظ له .
4- ما يجزئ في الأضحية :
أ) لا تجزئ إلا من الإبل والبقر والغنم والمعز ، لقوله تعالى ( ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) الحج : 34 .
وأفضلها الإبل ثم البقر ، فالغنم .
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : ” من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا ” متفق عليه .
والإبل والبقر تجزىء عن سبعة وأهل بيوتهم ، لحديث جابر رضي الله عنه قال : نحرنا مع رسول الله رضي الله عام الحديبية البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة .رواه مسلم .
ب) وتجزئ الشاة عن الواحد وأهل بيته وتستحب الزيادة .
أما المباهاة فيها فمكروه ، لقول أبي أيوب رضي الله عنه : كان الرجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه ، وعن أهل بيته ، فيأكلون ويطعمون ، حتى تباهي الناس ، فصار كما ترى . رواه الترمذي وابن ماجة .
ج ) وأقل ما يجزئ في الضأن ما له نصف سنة ، ومن الماعز ماله سنة ، ومن البقر ما له سنتان ، ومن الإبل ما له خمس سنوات .
د) أربع لا تجوز في الأضحية ، كما في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أربع لا تجوز في الأضاحي : العوراء البيِّن عورها ، و المريضة البيِّن مرضها ، والعرجاء البيِّن ظلعها ، والكسيرة ـ و في لفظ ـ و العجفاء التي لا تنقي » رواه الخمسة و صححه الألباني .
ظلعها: عرجها ، الكسيرُة : المنكسرة الرِّجل التي لا تقدر على المشي ، العجفاء: المهزولة ، لا تنقي: لا مخ لها لضعفها وهزالها .
5- يسن له الأكل منها : لقوله تعالى ( فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ) الحج : 28 .
ولقوله صلى الله عليه وسلم : ” .. فكلوا وادخروا وتصدقوا ” رواه مسلم .
قال العلماء : يأكل منها ثلثا ، ويهدي ثلثا ، ويتصدق بثلثها .
6- ما يجتـنبه المضحي : إذا دخلت العشر حَرُم على من أراد أن يضحي أخذ شيء من شعره أو ظفره أو جلده ، حتى يذبح أضحيته .
لحديث أم سلمة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إذا دخلت العشرُ، و أراد أحدُكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئاً » .
وفي رواية « ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي » رواهما مسلم .
وهذا النهي خاص بصاحب الأضحية، أما المضحى عنهم من الزوجة والأولاد فلا يعمهم النهي ، ومن أخذ شيئاً من شعره أو ظفره في العشر متعمداً فلا يمنعه ذلك من الأضحية ، وأضحيته صحيحة ، ولا كفارة عليه ، ولكن عليه أن يتوب إلى الله تعالى .
6- الأضحية عن الميت :
أ) تصح الأضحية عن الميت إذا كانت إنفاذاً للوصية ، وترك مالاً لذلك.
ب) أما أن يفرد الميت بأضحية تبرعاً فهذا ليس من السنة ، وقد مات عم النبي صلى الله عليه وسلم حمزة وزوجته خديجة ، و ثلاث بنات له متزوجات ، وثلاثة أبناء صغار ، ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أنه أفردهم أو واحداً منهم بأضحية.
ج) و إن ضحى الرجل عنه وأهل بيته ونوى بهم الأحياء والأموات شملهم جميعاً .
7- الأضحية للمسافر : يستحب للمسافر ألا يترك الأضحية إذا قدر عليها ، لما روى مسلم : عن ثوبان رضي الله عنه قال : ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : ” ياثوبان ، أصلح لنا لحم هذه الشاة ” قال : فما زلت أطعمه منها ، حتى قدمنا المدينة ” .
وبوب عليه أبوداود (2814) : باب في المسافر يضحي .
نسأل الله أن يتقبل منا ومن جميع المسلمين ، إنه سميع عليم .
والحمد لله رب العالمين.