أرشيف الفتاوى

المشايخ والقنوات الفضائية

السؤال :

لاحظنا في الفترة الأخيرة ظهور بعض المشايخ والدعاة على القنوات الفضائية المحلية ، مع ما في هذه القنوات من المنكرات الواضحة والمعروفة ، فما توجيهكم في مثل هذا الأمر ، هل يغلب ظهورهم للمصلحة أم ينكر عليهم ؟

الجواب :

فالذي نراه – والله تعالى أعلم – أن ظهور المشايخ في الكثير من القنوات المحلية ، يجلب المنفعة ، ويدفع بعض المضرة ، لمن يتابعون تلك القنوات ، وله أثر كبير على العديد من الناس ، ويمكن أن نوجز ذلك بما يلي :

أولا : تأثر الكثيرون بدروس ومحاضرات أهل العلم والدعوة ، ووعظهم وتذكيرهم بالله تعالى ، وهذا بشهادة ما لا يحصى من المسلمين .

ثانيا : دخولهم في هذه القنوات فيه مصلحة مطلوبة شرعا ، وهي : تخفيف الشر إذا لم يمكن منعه بالكلية ، فشريعة الله تدعو لذلك في أحكامها ، وهذا معروف لدى العلماء والفقهاء .
حيث إن هذه القنوات قد ابتلي بها كثير من المسلمين ، ودخلت في منازلهم ، فيراها الكبير والصغير ، وأصبحت شيئًا مفروضًا عليهم كما يقولون ، فإذا كانت كلها شرا محضا ، ظهر أثر ذلك الشر على من يقتنيها ، لكن إذا زاحمها الخير ، كان هذا مما يخفف ما فيها من الشرور المفاسد والفتن .

ثالثا : إبداء النصيحة للمسلمين جميعا ، للحاكم والمحكوم ، للآباء والأمهات ، وللشباب والفتيات ، والأمر يالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وهو من واجبات ديننا ، وهو على العلماء والدعاة أوجب ، قال تعالى ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) ( آل عمران : 104).

رابعا : استعمال هذه القنوات في الدعوة إلى الله عز وجل ، وتعليم الجهال أحكام شريعتهم الغراء ، في المواسم المختلفة ، على مدى العام ، والرد على استفساراتهم وأسئلتهم ، وتقديم الحلول لمشكلاتهم .

خامسا : ما في ظهورهم من الدعاية لأهل العلم ، لا سيما الثقات منهم ، وارتباط الناس وسؤالهم ، والرجوع إليهم عند الحاجة .

هذه مصالح متحققة في نظرنا ، وفتوى مشايخنا الكبار ، كالشيخ ابن باز ، والشيخ ابن عثيمين رحمهما الله ، والشيخ صالح الفوزان ، والشيخ عبد الله بن جبرين : على إباحة خروج الدعاة في التلفاز المحلي ، بل وحث بعضهم الدعاة والوعاظ على ذلك .

وفي المقابل : رأى البعض أنه يترتب على ظهور المشايخ فيها مفسدة ، وهي : أن ذلك يكون حجة لأهل الفساد في استعمالها والنظر إليها ، والدعاية وجذب الناس للمشاهدة والاستماع ، ويتعللون بأنها لو كانت محرمة لما ظهر فيها هؤلاء العلماء ؟!

فنقول :

أولا : أنه لو سلمنا بهذه المفسدة ، فإنها لا تقارن بالمصالح الكثيرة المتقدمة .

الثاني : أن هذه القنوات موجودة في كثير من البيوت المسلمة ، شئنا أم أبينا ، فلا يمنعها عدم ظهور المشايخ فيها .

الثالث : أنه إذا تركها مشايخ أهل السنة والجماعة ، تسلط عليها أهل البدع والأهواء ، أما أهل التشدد والتنطع ، وإما أهل التساهل والتمييع لدين الله !
فكان من الضروري ظهورهم فيها .

هذا ما تيسر بيانه هاهنا .

والله تعالى أعلم

وصلى الله على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه

زر الذهاب إلى الأعلى