الساكت عن الحق شيطان أخرس
قال الإمام ابن القيم رحمه الله :
فتارك حقوق الله التي عليه ، أسوأ حالا عند الله ورسوله من مرتكب المعاصي ؛ فإن ترك الأمر أعظم من ارتكاب النهي من أكثر من ثلاثين وجها ، ذكرها شيخنا رحمه الله في تصانيفه .
ومن له خبرة بما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ، وبما كان عليه أصحابه ، رأى أن أكثر من يشار إليهم بالدين هم أقل الناس دينا ، والله المستعان .
وأي دين ، وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك ، وحدوده تضاع ، ودينه يترك ، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب عنها ، وهو بارد القلب ، ساكت اللسان ؟ شيطان أخرس ؟!
كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق ، وهل بلية الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياساتهم ، فلا مبالاة بما جرى على الدين ؟ وخيارهم المتحزن المتلمظ ، ولو نوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله بذل وتبذل وجد واجتهد ، واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة بحسب وسعه .
هؤلاء – مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم – قد بُلوا في الدنيا بأعظم بلية تكون وهم لا يشعرون ؛ وهو موت القلوب ؛ فإنه القلب كلما كانت حياته أتم ، كان غضبه لله ورسوله أقوى وانتصاره للدين أكمل ” .