أرشيف الفتاوى

الاستشفاء بترجمة القرآن !!

السـؤال : هل يمكن أن يترجم القـرآن إلى اللغة الإنجليزية مثلا ، ويقرأ على وجه طلب الرقية به والاستشفاء ؟

الجــواب :

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين ، وآله وصحبه أجمعين .

وبعد :

فلا يمكـن ترجمة القرآن ترجمة تماثله في تأثيره على النفوس والقلوب والأرواح ، بحيث يحصل بالترجمة الشفاء للصدور والأبدان ، كما قال الله تعالى عن كلامه العظيم ، وكتابه المبين ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ) الإسراء : 82.

فالشفاء الحسي حاصل بنفس كلمات الله تعالى لا بغيرها ، وهي كلماته التامة التي لا ننقص فيها بوجه من الوجوه ، قال سبحانه ( وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم ) الأنعام : 115.
فقوله ( لا مبدل لكلماته ) لأنها محفوظة ومحكمة بأعلى درجات الحفظ والإحكام ، فلا يمكن تغييرها ، ولا اقتراح ما هو أحسن منها .

فالقرآن العظيم مشتمل على الشفاء والنور والبركة ، لأنه كلام الله تعالى ، وكلام الله سبحانه صفة من صفاته العظيمة ، الموصوفة بالكمال والجمال والجلال ، والتي لا يمكن مماثلتها ، ولا الإتيان بما يشاكلها ، قال الله سبحانه ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) الشورى : 11.

كذلك لا يوجد ما يماثل القرآن الكريم من الكلام في علو الأسلوب ، وجمال السبك ، وإحكام النظم ، ودقة التعبير ، ولا ما يقوم مقامه في الإعجاز ، اللغوي أو الخبري أو العلمي أو التشريعي ، ولا في تحقيق جميع مقاصده الأصلية والفرعية ، من إفادة العقائد والأحكام والآداب والأخلاق .

وقد تحدى الله سحانه الإنس والجن بكتابه ، فقال ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) الإسراء : 88 .

وأما تفسير القرآن وشرحه ، فإنه يجوز أن يعبر العـالم عما فهـمه من معاني القرآن حسب وسعه وطاقـته ، لقومه أو لغيرهم بلغتهم ، ليبين لأهلها ما خاطبهم الله به من العقائد والشرائع ، ويبلغهم دعوة الإسلام ، وهداية القرآن ، وما استنبطه مـن الأحكام والعبـر والمواعظ ، لكن لا يعتبر شرحه ذلك بغير اللغة العربية قرآنا ، ولا يـنزل منـزلة القرآن من جميع النواحي ، بل هو نظير تفاسـير القرآن باللغة العربية ، في توضيح وتقـريب المعاني ، والمـساعدة على الفهم واستنبـاط الأحكام  .

ولهذا فإنه يجوز للمحدث والكافر مس ترجـمة معاني القرآن بغير اللغة العربية ، كما يجوز مس التفاسير باللغة العربية .

والله تعالى أعلم
وصلى الله على نبينا محمـد ، وآله وصحبه وسلم

زر الذهاب إلى الأعلى