أقبل شهر رمضان .. شهر البركة والخيرات
الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين ، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغرِّ الميامين،،،
وبعد :
فقد أقبل علينا شهر رمضان ، شهر البركة والخيرات ، واكتساب الفضل والحسنات ، والزيادة في الدرجات ، والتنافس في القربات من أنواع الصلوات والتلاوات والصدقات .
وقد كان صلى الله عليه وسلم يُبشر أصحابه بقدوم شهر الخير فيقول : « أتاكم شهرُ رمضان ، شهرٌ مبارك ، فَرَض الله عليكم صيامه ، تُفتح فيه أبواب الجنة، وتُغلق فيه أبواب الجحيم ، وتُغَلُّ فيه مردةُ الشياطين ، وفيه ليلةٌ هي خيرٌ من ألف شهر ، من حُرم خيرها فقد حُرم » رواه أحمد والنسائي بسند صحيح.
فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه شهر مبارك ، أي كثير البركة والخير ، وأنه قد فُرض على المسلمين صيامه ، وأنه تفتح فيه أبواب الجنة لما يفتح الله على عباده من فعل الطاعات والخير وذلك من أسباب دخول الجنة .
وقوله « وتغلق فيه أبواب الجحيم » لما يحدث فيه من صرف الهمم عن المعاصي والشر ، الذي يؤدي إلى النار .
والصيام أجره لا يعلمه إلا الله سبحانه ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « كلُّ عملِ ابن آدم له ، والحسنةُ بعشر أمثالها إلى سَبعمائة ضعف ، قال الله تعالى : ” إلا الصَّوم فإنه لي وأنا أجزي به ، إنه تَرَكَ شهوتَه وطعامَه وشَرابَه من أجلي ، للصائم فرحتان ، فرحةٌ عند فطره ، وفرحةٌ عند لقاء ربِّه ، ولخلوفُ فمِ الصائم أطيبُ عند الله من ريح المِسّك ». متفق عليه.
فاستثنى النبي صلى الله عليه وسلم الصوم من الأعمال المضاعفة ، فالأعمال كلها تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، إلا الصيام فإنه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد ، بل يُضاعفه الله عز وجل أضعافاً كثيرة بغير حَصْر ، فإنَّ الصيام من الصبر ، وقد قال الله تعالى ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) ( الزمر: 10) .
ولأن الصوم سرٌّ بين العبد وربه ، فلا يدخله الرياء ، فاختص الله تعالى نفسه بالإثابة عليه.
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمَّى شهر رمضان « شهر الصَّبر » رواه أحمد وغيره .
والصبر ثلاثة أنواع : صبرٌ على طاعة الله ، وصبر عن محارم الله ، وصبر على أقدار الله المؤلمة ، وتجتمع الثلاثة في الصوم ، فإنه فيه صبراً على طاعة الله، وصبراً عما حرَّم الله على الصائم من الشهوات ، وصبراً على ما يحصل للصائم فيه من ألم الجوع والعطش وضعف النفس ، وهذا الألم الناشئ من أعمال الطاعات يثاب عليه صاحبه ، كما قال تعالى في المجاهدين: ( ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأٌ ولا نصبٌ ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين ) (التوبة: ١٢٠) .
فالله الله أيها المسلمون في اغتنام فُرصِ هذا الشهر الكريم ، فإنه موسمُ سرعان ما ينقضي ، فالعامل الرشيد من استعد له ، واهُتَبَل فرصته…
اللهم وفقنا فيه لما تحب وترضى… إنك سميع قريب مجيب…