أرشيف الفتاوى

حكم لحم الضبع

حكم لحم الضبع

السؤال : ما حكم لحم الضبع ؟

الجواب :

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه .
وبعد :

فللعلماء في أكل الضبع قولان :

الاول : التحريم ، واليه ذهب أبو حنيفة ، بناء على أنها من ذوات الأنياب التي جاء تحريمه في حديث : " كل ذي ناب من السباع " رواه مسلم .

الثاني : الإباحة واليها ذهب الأئمة الثلاثة ، وكان الشافعي يقول : مازال الناس يأكلونها ويبيعونها بين الصفا والمروة من غير نكير .

وهذا القول هو الصحيح ، لما صح في الحديث الذي رواه الترمذي ( 851 ) وابن ماجة ( 3085 ) : عن ابن أبي عمار قال : قلت لجابر بن عبدالله : الضبع صيد هي ؟ قال : نعم . قال قلت : آكلها ؟ قال : نعم . قال قلت : أقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم .
واما رأي الامام ابي حنيفة فيجاب عنه بأن المراد ذوات الانياب من السباع وهي ليست من السباع .
قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، وصححه الألباني .

قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله : أما الضبع فانها مباحة في مذهب مالك والشافعي وأحمد ، ومحرمة في مذهب ابي حنيفة ، لأنها عند ابي حنيفة من ذوات الأنياب ، والأولون استدلوا بانها صيد وأمر بأكلها انتهى.

وقد يقول قائل: إذا لم يكن الضبع من السباع ، فمم يكون ؟

ومن أحسن من أجاب على هذا الإشكال العلامة ابن القيم في كتابه " إعلام الموقعين " (2 /134) حيث قال رحمه الله :

فصل : الفرق بين الضبع وغيره من كل ذي ناب يوافق القياس :
قال : وأما قولهم وحرم كل ذي ناب من السباع ، وأباح الضبع ولها ناب ؟!

فلا ريب أنه حرم كل ذي ناب من السباع – وإن كان بعض العلماء خفي عليه تحريمه فقال بمبلغ علمه – وأما الضبع فروي عنه فيها حديث صححه كثير من أهل العلم بالحديث ، فذهبوا إليه وجعلوه مخصصاً لعموم أحاديث التحريم ، كما خَصت العرايا لأحاديث المزابنة .

ثم قال : وبحمد الله إلى ساعتي هذه ، ما رأيت في الشريعة مسألة واحدة كذلك – أعنى شريعة التنزيل لا شريعة التأويل – ومن تأمل ألفاظه صلى الله عليه وسلم الكريمة ، تبين له اندفاع هذا السؤال ، فإنه إنما حرم ما اشتمل على الوصفين : أن يكون له ناب ، وأن يكون من السباع العادية بطبعها ، كالأسد والذئب والنمر والفهد .
وأما الضبع فإنما فيها أحد الوصفين ، وهو كونها ذات ناب ، وليست من السباع العادية ، ولا ريب أن السباع أخص من ذوات الأنياب ، والسبع إنما حرم لما فيه من القوة السبعية التي تورث المغتذي بها شبهها ، فإن الغاذي شبيه بالمغتذي ، ولا ريب أن القوة السبعية التي في الذئب والأسد والنمر والفهد ، ليست في الضبع حتى تجب التسوية بينهما في التحريم ، ولا تعد الضبع من السباع لغة ولا عرفا ، والله أعلم اهـ

والله تعالى أعلم
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم

زر الذهاب إلى الأعلى