أرشيف الفتاوى

تارك الصلاة

تارك الصلاة

السؤال : ما هو القول  الصحيح في تارك الصلاة ؟

الجواب :

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه ،،،
أما بعد:

فأولا : قد اتفق العلماء على كفر تارك الصلاة جحودا لها ، ولا خلاف بينهم  في ذلك .

واختلفوا فيمن أقرّ بوجوبها ، ثم تركها تكاسلاً وإهمالا .

 فذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه لا يكفر، وأنه يحبس حتى يصلي .

وذهب مالك والشافعي رحمهما الله إلى أنه : لا يكفر ، ولكن يقتل حدّا إن أصر على تركها .

والمشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أنه يكفر ويقتل ردة ، وهذا هو المنقول عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وحكى عليه إسحاق بن راهوية الإجماع ، كما نقله المنذري في الترغيب والترهيب وغيره .

 ومن الأدلة على ذلك :

قول الله تعالى ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) إلى قوله ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ) التوبة : 5 .
قال الإمام ابن قدامة : فأباح قتلهم ، وشرَط في تخلية سبيلهم التوبة ، وهي الإسلام وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، فمن ترك الصلاة متعمدا ، لم يأت بشرط تخليته ، فيبقى على وجوب القتل . المغنى ( 3/352) .
ما راوه الجماعة إلا البخاري والنسائي : عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بين الرجلِ وبين الكفر ، تركُ الصلاة " .
وقال صلى الله عليه وسلم : " نُهيت عن قتل المصلين " رواه أبو داود .
فجعل الصلاة حداً بين الإسلام والكفر ، فمن صلى دخل في حد الإسلام .
 
وما رواه بريدة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من تركَ صلاة العصر ، فقد حبِط عمله " رواه البخاري وأحمد والنسائي .

وما رواه أصحاب السنن : من حديث بريدة بن الحُصيب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " العهدُ الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تَرَكها فقد كفر" .
وما رواه البخاري في الأدب ( 18) : من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعا : " لا تُشرك بالله وإنْ قطعتَ أو حُرّقت ، ولا تتركن الصلاة متعمدا ، ومن تركها متعمداً برئت منه الذمة .. " وحسنه الألباني .

وقد أجمع الصحابة على الحكم :
فقد روى الترمذي : عن عبد الله بن شقيق قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفرٌ إلا الصلاة .

 وقال الإمام محمد بن نصر المروزي : سمعت إسحاق يقول : صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة عمدا من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر.

وقال الإمام ابن حزم : روينا عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ومعاذ بن جبل ، وابن ‏مسعود ، وجماعة من الصحابة ‏‎-‎‏ رضي الله عنهم ‏‎-‎‏ وعن ابن المبارك ، وأحمد بن حنبل ، ‏وإسحاق بن راهوية رحمة الله عليهم ، وعن تمام سبعة عشر رجلاً من الصحابة ، والتابعين ‏رضي الله عنهم ، أن من ترك صلاة فرض عامداًً ذاكراً حتى يخرج وقتها ، فإنه كافر ‏ومرتد ، وبهذا يقول عبد الله بن الماجشون صاحب مالك ، وبه يقول عبد الملك بن حبيب ‏الأندلسي وغيره .

 انظر ( الفصل (3/274) لابن حزم ، والمحلى (2/326) ونقله الآجري في ‏الشريعة ، وابن عبد البر في التمهيد (4/225) .

قال ابن قدامة : لا يجب قتله حتى يترك ثلاث صلوات ، ويضيق وقت الرابعة عن فعلها ، لأنه قد يترك الصلاة والصلاتين لشبهة ، فإذا تكرر ذلك ثلاثا تحقق أنه تارك لها رغبة عنها ، ويعتبر أن يضيق الرابعة عن فعلها لما ذكرنا ( المغني 3/354 ) .

والله أعلم .

زر الذهاب إلى الأعلى