حكم استعمال المسباح ( المسبحة )
حكم استعمال المسباح ( المسبحة )
السؤال : ( 31 )
ما حكم استعمال المسباح ( المسبحة ) للتسبيح ؟
الجواب :
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه .
وبعد :
فالتسبيح بالمسباح أو المسبحة من الأمور المحدثة في الإسلام ، ولم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عمل بها أصحابه ، وبيانا لذلك نقول :
أولا : قد اتفق أهل العلم على أن التسبيح باليد أفضل من التسبيح بالمسبحة .
ثانيا : قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسبح بيده ، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سبّح بخرز ، أو سبح بحصى أو غيره ، ولا عن أحد من أصحابه كذلك ، بل ثبت عنهم إنكاره كما سيأتي .
فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَعقد التسبيح – قال ابن قدامة أحد الرواة -: بيمينه " رواه أبو داود .
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : " يا نساء المؤمنات : عليكنَّ بالتهليل ، والتسبيح ، والتقديس ، ولا تغفلن فتنسين الرحمة ، واعْقدن بالأناملِ فإنهن مسؤولاتٌ مستنطقات " رواه أحمد وأبو داود والترمذي ، وحسّن إسناده النووي في الأذكار ، وجوّد إسناده الحافظ العراقي في تخريج الإحياء .
وقوله : " واعْقدن بالأناملِ " إرشادٌ منه صلى الله عليه وسلم لطريقة عدّ التسبيح ، وأنه يكون بالأنامل التي هي الأصابع لا بغيرها .
ثم بين السبب لذلك بقوله : " فإنهن مسؤولاتٌ مستنطقات " يعني : أنهن يشهدن بذلك لصاحبهن يوم القيامة ، كما قال الله تعالى في مثل ذلك ( يومَ تشهدُ عليهم ألسنتُهم وأيديهم وأرجلُهم بما كانوا يعملون ) النور : 24 .
وعلى المسلم والمسلمة التعوّد على ذلك ، واحتساب الأجر في الاتباع للرسول صلى الله عليه وسلم ، والحذر من البدع .
وقال الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله :
لا نعلم أصلاً فِـي الشرع المطهر للتسبيح بالمسبحة ، فالأولى عدم التسبيح بها ، والاقتصار على المشروع في ذلك وهو التسبيح بالأنامل انتهى.
وقال علامة الشام الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة (1/110) عند بيانه لضعف حديث : " نٍعم المذكّر السُبحة " : ثم إن الحديث من حيث معناه ، باطلٌ عندي لأمور :
الأول : أن السبحة بدعة لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، إنما حدثت بعده صلى الله عليه وسلم ، فكيف يعقل أن يحض صلى الله عليه وسلم أصحابه على أمر لا يعرفونه ؟ والدليل على ما ذكرت ما روى ابن وضاح في " البدع والنهي عنها" عن الصلت بن بهرام قال : مرّ ابن مسعود بامرأة معها تسبيحٌ تسبح به فقطعه وألقاه ، ثم مرّ برجل يسبح بحصا فضربه برجله ، ثم قال : لقد سَبقتم ، ركبتم بدعة ظلما ، ولقد غلبتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما .
وسنده صحيح إلى الصلت ، وهو ثقة من اتباع التابعين .
الثاني : أنه مخالفٌ لهديه صلى الله عليه وسلم ، قال عبد الله بن عمرو: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه .
وقال أيضا (1/117) : ولو لم يكن في السبحة إلا سيئة واحدة ، وهي أنها قضت على سنة العدّ بالأصابع أو كادت ، مع اتفاقهم على أنها أفضل ، لكفى ، فإني قلما أرى شيخا يعقد التسبيح بالأنامل !
ثم إن الناس قد تفننوا في الابتداع بهذه البدعة ، فترى بعض المنتمين لإحدى الطرق يطوق عنقه بالسبحة ! وبعضهم يعدُّ بها وهو يحدثك أو يستمع لحديثك ! وآخِر ما وقعت عيني عليه من ذلك منذ أيام ، أنني رأيت رجلا على دراجة عادية يسير بها في بعض الطرق المزدحمة بالناس وفي إحدى يديه سبحة !
يتظاهرون للناس بأنهم لا يغفلون عن ذكر الله طرفة عين ، وكثيرا ما تكون هذه البدعة سببا لإضاعة ما هو واجب ، فقد اتفق لي مرارا – وكذا لغيري – أنني سلمت على أحدهم فرد عليّ السلام بالتلويح ، دون أن يتلفظ بالسلام ، ومفاسد هذه البدعة لا تحصى ، فما أحسن ما قال الشاعر:
وكلُّ خيرِ في اتباعٍ مَنْ سَلف
وكلُّ شرِ في ابتداعٍ منْ خلف
والله تعالى أعلم انتهى .
وفيما ذكرنا كفاية .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين