الجمع في الغبار
الجمع في الغبار
السؤال :
هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الصلاتين بسبب الريح الشديدة أو الغبار ؟
الجواب :
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه .
أما بعد :
فلم يثبت دليل صريح على أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين صلاتين بسبب ريح شديدة أو غبار ، وإنما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر
، والمغرب والعشاء بالمدينة في غير سفر . وإنما لمطر
ففي صحيح البخاري : من حديث جابر بن زيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعاً وثمانيا ، الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء . فقال أيوب السختياني لجابر: لعله في ليلة مطيرة ، قال : عسى .
وفي صحيح مسلم : عن ابن عباس أيضاً قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعاً بالمدينة في غير خوف ولا سفر . قال أبو الزبير: فسألت سعيداً : لم فعل ذلك؟ فقال : سألت ابن عباس كما سألتني ، فقال : أراد أنْ لا يُحرج أمته.
وهذا الجمع قيل إنه بسبب المطر ، كما قال جابر بن زيد . وقد حمله بعض أهل العلم على أنه جمع صوري !! وهو أداء الأولى من الصلاتين في آخر وقتها ، مع تعجيل الثانية في أول وقتها ؟!
والصحيح : أنه لا دليل على ذلك صريحا .
وإنما الحديث دلّ على جواز الجمع عند المشقة والحاجة في الحضر ، بشرط عدم اتخاذه عادة .
وأهل العلم قد صرحوا بذلك .
قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم : وذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة ، لمن لا يتخذه عادة . انتهى
ويجوز الجمع أيضاً عند بعض أهل العلم بسبب حصول الريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة .
قال ابن قدامة في المغني ( 3/134 ) : فأما الريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة ففيها وجهان : أحدهما : يبيح الجمع ، قال الآمدي : وهو أصح ، وهو قول عمر بن عبد العزيز؛ لأن ذلك عذر في الجمعة والجماعة ، بدليل ما روى نافع عن ابن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي مناديه في الليلة المطيرة ، أو الليلة الباردة ذات الريح : صلوا في رحالكم .
( رواه ابن ماجة واللفظ له ، وأبو داود وأحمد ، وصححه الألباني ) .
قال : والثاني : لا يبيحه لأن المشقة فيه دون المشقة في المطر ، فلا يصح قياسه عليه ، ولأن مشقتها من غير جنس مشقة المطر، ولا ضابط لذلك يجتمعان فيه ؛ فلم يصح إلحاقه به . انتهى
ولا يخفى قوة الوجه الأول .
وأنه يجوز الجمع بين الصلاتين إذا وجدت المشقة
والحرج على المصلين .
والله أعلم .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين