حكم الأضحية خارج البلد
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، واله وصحبه ومن اهتدى بهداه .
وبعد :
فقد انتشرت فتوى مفادها ان من ذبح أضحيته خارج البلد فليست بأضحية وإنما هي صدقة ؟!
والجواب :
أن هذا القول خطأ من وجوه كثيرة يأتي بيانها ، وقبل ذلك نقول : لا شك أنّ السنة النبوية : أنّ المسلم مأمورٌ بنفسه أن يصلي العيد ، ثم يذبح أضحيته بيده ، ويأكل منها ويطعم ، عملا بقول الله تعالى ( فصل لربك وانحر ) الكوثر : 2 .
ولحديث أنس رضي الله عنه : ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ، ذبحهما بيده ، وسمّى وكبّر . متفق عليه .
وأما ذبح الأضاحي خارج البلد ، فعبادةٌ صحيحة لا شك فيها ، لأدلة كثيرة ، منها :
1- أنّ شهود الأضحية أمرٌ مستحب ، ولا نعلم أحدا قال بوجوبه !
وأما حديث : ” يا فاطمة ، قومي إلى أضحيتك فاشهديها ، فإن لك بأول قطرة تقطر من دمها ، أن يغفر لك ما سلف من ذنوبك ” .
فهو حديث ضعيف ، رواه أبو القاسم الأصبهاني وضعفه الألباني في الترغيب والترهيب .
وإن صحّ فهو محمولٌ على الاستحباب كما لا يخفى .
2- أن الأكل منها مستحبٌ أيضا ، وليس بواجب عند عامة أهل العلم ، لقوله تعالى ( فكُلُوا منها وأطعموا البائس الفقير ) الحج : 28 .
قال مالك : أحب أن يأكل من أضحيته . وعن الليث مثله .
قال مجاهد : قوله ( فكُلُوا منها ) هي كقوله ( فإذا حلّلتم فاصطادوا ) ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض ) .
( انظر تفسير ابن كثير ) .
3- أن التوكيل بذبح الأضحية والهدي ، جائز عند العلماء كافة .
بل النبي صلى الله عليه وسلم أهدى مائة بدنة بحجة الوداع
ذبح منها بيده الشريفة ٦٣ بدنة ووكّل عليا رضي الله عنه بذبح الباقي ، وهو ٣٧ بدنة.
ولا يزال الحجيج يوكّلون بذبح الهدي ، ولا يشهدونه ، بل هناك شركات مرخصة في هذا الشأن ، ولم يمنع منه أحدٌ من أهل العلم هناك !
وباب الوكالة من محاسن الشريعة الإسلامية ، ومظاهر يسرها وتخفيفها على المكلفين ، فلله الحمد والمنة .
4- كان النبي عليه الصلاة والسلام يَبعث بالهدي من المدينة ليذبح بمكة ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهدى من المدينة ، فأفتل قلائد هديه ، ثم لا يجتنب شيئا مما يجتنب المحرم . رواه مالك في الموطأ ومسلم في صحيحه .
وهذا مشابه جدا لما تفعله اللجان الخيرية اليوم من التوكل عن المضحين ، وذبح الأضاحي بمختلف البلاد الإسلامية .
5- من مقاصد الأضحية إطعام الفقراء والمحتاجين ، فقد ثبت أن النبي عليه الصلاة والسلام منع من إدخار الأضاحي فوق ثلاثة أيام في اول الإسلام ، كما في صحيح مسلم ، ثم سمح به لما وسع الله على المسلمين .
ولا يخفى حاجة كثير من المسلمين اليوم في شتى الأقطار وجوعهم وبعدهم عن أكل اللحم .
ففي التضحية عندهم نفع عظيم .
6- أيضا في التضحية عندهم تواصل وتكافل وأخوة إسلامية وزيادة لها.
7- في ذبح الأضاحي عندهم إحياء للسنة النبوية ، وحث على العمل بها .
8 – أن كثيرا من المسلمين عندنا لا يجدون ثمن الهدي في بلادنا لارتفاع ثمنها ، لكنهم يقدرون عليها في البلاد الأخرى ، فلماذا يحرمون من فضلها وثوابها ؟!
9- أن الحكم ببطلان عبادة ما ، لا بد له من دليل واضح صريح ، يبطل تلك العبادة ، وإلا لا يجوز الحكم بذلك ، لأن الأصل صحتها .
هذا ما تيسر كتابته الآن .
ونسأل الله أن يوفق الجميع لفعل الخيرات ،،،
إنه سميع الدعاء .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين…
وكتبه
د . محمد الحمود النجدي