أرشيف الفتاوى

ضرب الزوجة في الشريعة

ضرب الزوجة في الشريعة

 

السؤال :

ما حكم من يضرب زوجته ،ويستضعفها ويظلمها ، وتتضرر المرأة منه ؟

الجواب :

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه
وبعد :

فنذكر نقاطا موجزة حول حكم ضرب الرجل للمرأة شرعا ، وما يدخل في سوء العشرة بين الزوجين :

1-لا يستعمل الضرب إلا بعد عدم استجابتها للوعظ والهجر في الفراش ، فلا يجوز له الضرب قبل ذلك ، قال تعالى ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم، فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ) ثم قال سبحانه ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجرون في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان عليا كبيراً ) [النساء :34].

وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع : " ألا واستوصوا بالنساء خيراً ، فإنما هن عوان عندكم ، ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك ، إلا أن يأتين بفاحشةٍ مبينة ، فإنْ فعلن فاهجروهن في المضاجع ، واضربوهن ضربا غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً ، ألا إن لكم على نساءكم حقا ، ولنسائكم عليكم حقا … الحديث) أخرجه الترمذي ، وقال حديث
حسن صحيح ، وهو كما قال .

وخرج الإمام أبوداود في سننه : من حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال: " أن تطعمها إذا
طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت ، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ، ولا تهجر إلا في البيت ".
وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة .

2- فيجوز للرجل ضرب المرأة إذا عصته وصارت ناشزا .
وإنْ كان الأفضل له ترك الضرب ، وينبغي على الرجل مراعاة اختلاف الأعراف وأحوال النساء في ذلك.
 
3- يشترط في الضرب أن يكون خفيفا غير مبرح ، وضابطه أن لا يكسر عظما ، ولا يجرح لحما ، ولا يؤثر في الجلد ، وأن يكون في غير الأماكن الحساسة من البدن كالوجه والرأس ونحوهما.

4- الحكمة التي من أجلها أبيح استعمال الضرب هي : تأديب المرأة وزجرها عن النشوز والعصيان وإصلاحها ، وليس لأجل الإنتقام أو التشفي أو التسلط ، فينبغي على الرجل مراعاة القصد ، والأثر المترتب على ذلك .

5- إذا صلح حال المرأة أو استجابت له حرم عليه ضربها لأن السبب المبيح للضرب زال.

6- تجب طاعة المرأة لزوجها مطلقا ولو كان فاسقا ولا تسقط طاعته لمعصيته إلا إذا أمرها بمعصية فلا تطيعه .

7- الزوج الذي يضرب امرأته في غير نشوزها ، أو يضربها ضربا مبرحا ، ظالم وآثم ومرتكب لمحرم .
ويحق للمرأة أن تحكّم أهلها ، أو أن ترفع أمره للحاكم ليعزره ، أو يفرق بينهما للضرر .

8- إذا كان الزوج لا يصلي ، أو لا يصوم في رمضان ، أو فاسقا يشرب الخمر أو يدمن المخدرات ، أو معروفا بالمجون والانحراف الخلقي ، أبيح للمرأة طلب الفسخ أو الخلع من القاضي ، ولا يجوز لها الاستمرار معه وهوعلى هذه الحال حتى يتوب لله تعالى .

9- في حال نشوز الرجل عن المرأة ، أو ظلمه أو فسقه أو سوء خلقه ، أو وجود المشاكل المستمرة بينهما ، نظرت المرأة واستخارت واستشارت أهل الفضل والحكمة من أهلها وغيرهم : ما الأصلح لها : هل الإستمرار أو الإنفصال ، ووازنت بين المصالح والمفاسد ، وحال أولادها ووضعها الإجتماعي والنفسي .

10- لا بد من العلم بأن الشريعة الإسلامية الغراء قد جاءت بحفظ حقوق الزوجين ، واحترام كل منهما للآخر ، ووضعت العصمة والقرار في يد الرجل ، لأنه أعقل وأقوى ، وأكثر أهلية من المرأة ، وبعيد النظر في عواقب الأمور غالبا ، ولو ترك القرار النهائي بيد المرأة ، لهدمت كثير من البيوت لأتفه الأسباب .

11 – ولا بد من الإشارة إلى أنه ينبغي لكل من الزوجين مراعاة جانب الرأفة والرحمة مع الآخر ، وأن يتجنبنا الخلاف ما استطاعا إلى ذلك سبيلاً .
وأيضا فإنه مما يعين على دوام العشرة الزوجية : التغاضي عن بعض الأخطاء التي لا يخلو منها البشر ، والتي لا تخل بأمور الشرع ، فالكمال البشري عزيز .

12 – وحبذا لو أن كلا الزوجين تدارسا طرفا من الهدي النبوي في العشرة الزوجية ن كما في كتاب " زاد المعاد " للإمام ابن القيم رحمه الله ، وباب حق الزوج على المرأة ، وباب الوصية بالنساء ، من كتاب رياض الصالحين .
جعلنا الله جميعاً من عباده الصالحين ، وأصلح أحوالنا أجمعين .
والله أعلم

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .

زر الذهاب إلى الأعلى