بيان جمعية إحياء التراث الإسلامي
حول أحداث الأخيرة بالكويت
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، ولا عدوان إلا على الظالمين .
وبعد :
فقد أقلقنا ما يجري ببلدنا الحبيب الكويت ، في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان ، الذي أنزل الله تعالى فيه القرآن العظيم ، ذكراً حكيما لنا ، ومنهاجا بيناً ، وصراطا مستقيما ، من أحداث تبعثُ على الأسى والخوف في نفوسنا جميعا ، فالأمن نعمة عظيمة ، امتن الله تبارك وتعالى بها على عبادة في غير ما موضع من كتابه ، فقال : ( وآمنهم من خوف ) قريش : 4.
ونحن في الكويت بحمد الله تعالى ننعم بنعمة الأمن والاستقرار ، فلا يجوز العبث بهذه النعمة ، أو العمل على ما يؤدي للإخلال بها أو ضياعها ، فإن هذا من عدم شكرها ، والسعي في زوالها .
وإننا لنؤكّد في ظلّ هذه الظروف ، على أن المخرج من الخلاف والاختلاف ، هو أولاً : طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، كما قال سبحانه ( وما اختلفتم فيه من شيءٍ فحكمه إلى الله ) .
ثم طاعة أولي الأمر في النظم والإجراءات المشروعة المعمول بها في البلاد ، كما أمرنا ربنا جل شأنه بذلك ، فقال ( يا أيُها الذينَ آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأُولوا الأمر منكم ) النساء : 59.
ومن طاعة الله ورسوله : لزوم جماعة المسلمين ، والسعي في جمع كلمتهم على الحق والعدل ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، والجدال بالتي هي أحسن ، الذي يخلو من الغلظة والشدة ، بل بالكلمة الحسنة ، والرفق واللين .
ثانيا : ترك الخصام والتنازع والاختلاف ، المؤدي للفرقة بين المسلمين ، كما أمرنا الله تعالى بقوله : ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهبَ ريحكم واصبروا إنّ الله مع الصابرين ) الأنفال : 46 .
وقال : ( واعتصموا بحبلِ الله جميعاً ولا تفرقوا ) آل عمران : 103.
ويجب السعي في الصلح بين المتنازعين والمختلفين ، والجلوس بين الأطراف المختلفة ، وتحكيم أولي العلم والحكمة والخبرة في ذلك .
ثالثا : تركُ أسباب الشرور والفتن ، والفوضى والاضطراب ، المتمثل بالخروج الى الشوارع بالمظاهرات ، وسدّ وإغلاق الطرقات ، وتعطيل مصالح الناس وأذيتهم ، والإضرار بمصالح الدولة .
وما فيه من فتح الباب لكل مفسد بالدخول في هذه التجمعات ، والسعي بالفساد فيها ، والتحريش بين المتجمعين فيها من الناس ورجال الأمن ، ووقوع الصدام ، كما حصل غير مرة .
ولا يخفى ما جاء من التشديد في القرٱن الكريم ، والسّنة النبوية ، من تحريم دماء المسلمين وأرواحهم وأعراضهم وأموالهم ، قال تعالى : ( قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ ما حرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً ) إلى أن قال : ( ولا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتي حرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بالْحَقِّ ذَلكُم وصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) الأنعام : 151 .
والنَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قد حذّر أمته أشد التحذير من ذلك ، فقال : ” كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ” . رواه مسلم .
وغيرها من النصوص الكثيرة في هذا الباب .
كما أننا نؤكد أن المطالبة بأداء الحقوق الدينية والدنيوية ، من الحاكم أو المحكوم ، ليست ممنوعة ولا محظورة في الشرع ، ما دامت مضبوطة بالضوابط الشرعية ، وما دام أنه لم يصحبها تعد ولا ظلم ، ولا خروج ، أو مظاهرات أو عنف ، وما لم يُرتكب فيها محرم كإتلاف الأموال والممتلكات ، وإزهاق الأنفس ، والاعتداء على الأمن .
كما نُوصي السلطات المعنية بإقامة العدل ، الذي أمر الله تعالى به في قوله ( إنّ الله يأمركم أنْ تُؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إنّ الله نعمّا يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا ) النساء :58 . وذلك وفق ميزان واحد لجميع المواطنين المتساوين بالحقوق والواجبات ، وفق الشفافية والحكمة ، والأنظمة الشرعية التي تحفظ كرامة الإنسان .
كما نوصي الأجهزة الأمنية بحسن المعاملة ، وعدم التعسف في استخدام القوة .
هذا ونسأل الله العظيم الحليم أنْ يقينا جميعاً شر الفتن ، ما ظهر منها وما بطن .
وأن يرد عنا كيد الكائدين ، ويصلح أحوالنا ، ويول علينا خيارنا ، إنه سميع مجيب ،،،
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم