زلزال البصرة والخسف والمسخ آخر الزمان ؟!
زلزال البصرة والخسف والمسخ آخر الزمان ؟!
السؤال ( 363 ) : هل يصح ما ورد في زلزال البصرة ، والخسف والمسخ آخر الزمان ؟
الجواب :
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه ،،،
وبعد :
نعم ، فقد صح ذلك في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو من علامات الساعة التي لم تقع بعد .
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه : أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : ” يا أنس ، إنَّ الناس يُمصِّرون أمْصاراً ، وإنَّ مصراً منها يقال له : البصرة أو البصيرة ، فإنْ أنتَ مررتَ بها ، أو دخلتها ؛ فإياك وسِبَاخها ، وكلاءها ، وسُوقها ، وباب أمرائها ، وعليك بضواحيها ، فإنه يكون بها خسفٌ ، وقذفٌ ، ورَجفٌ ، وقومٌ يبيتون ؛ يُصبحون قردةً وخنازير ” . رواه أبوداود في سننه .
قال الحافظ العلائي في إسناد أبي داود : رجاله رجال الصحيح كلهم .
وقد جزم بصحته الشيخ الألباني رحمه الله .
وقوله صلى الله عليه وسلم ” يمصرون أمصارا ” أي : يتخذون بلاداً ، والتمصير اتخاذ المصر والبلد .
وقوله ” وإنَّ مصراً منها ” أي : من الأمصار التي تنشأ وتحدث بعده .
وقوله ” فإنْ أنت مررت بها أو دخلتها ” أو للتنويع لا للشك ، ” فإياك وسباخها ” أي : فاحذر سباخها ، وهو بكسر السين ، جمع سبخة ، بفتح فكسر ، أي : أرض ذات ملح .
وقال الطيبي : هي الأرض التي تعلوها الملوحة ، ولا تكاد تنبت إلا بعض الشجر .
وقوله ” وكلاءها ” ككتاب موضع بالبصرة ، قاله في فتح الودود .
وقال القاري : بفتح الكاف وتشديد اللام ممدودا ، موضع بالبصرة انتهى .
وقال الحافظ ابن الأثير في النهاية : الكلاء بالتشديد والمد : الموضع الذي تربط فيه السفن ، ومنه سوق الكلاء بالبصرة انتهى .
قوله ” وسوقها ” أي : تجنب سوقها ، إما لحصول الغفلة فيها ، أو لكثرة اللغو بها ، أو فساد العقود ونحوها .
قوله ” وباب أمرائها ” أي : لكثرة الظلم الواقع بها .
قوله ” وعليك بضواحيها ” الضواحي جمع الضاحية ، وهي الناحية البارزة للشمس ، وقيل : المراد بها جبالها ، وهذا أمر بالعزلة ،
فالمعنى : الزم نواحيها ، ” فإنه يكون بها ” أي : بالمواضع المذكورة ، ” خسف ” الخسف هو ذهاب في باطن الأرض ، وغياب الناس والمساكن وغيرها فيها .
قوله ” وقذف ” أي : ريحٌ شديدة باردة ، أو رمي أهلها بالحجارة ، بأن تمطر السماء عليهم حجارةً .
كما قال تعالى عن قوم لوطٍ عليه السلام ( وأمْطرنا عليهم مَطَراً فانظر كيف كانَ عاقبة المجرمين ) الأعراف : 84 .
قوله ” ورجف” أي : زلزلة شديدة ، كما قال تعالى في قوم صالح وشعيب عليهما السلام : ( فأخذتهم الرجْفة فأصبحوا في دارهم جاثمين ) الأعراف : 78-91.
قوله ” وقوم ” أي : فيها قوم ( يبيتون ) : أي طيبين ( يصبحون قردة وخنازير ) : قال الطيبي : المراد به المسخ ، وعبر عنه بما هو أشنع . انتهى .
أي : يمسخون إلى صورة القردة والخنازير حقيقة ، كما حصل للأمم السابقة التي عصت الله تعالى ورسله عليهم صلوات الله أجمعين ، وطغت وبغت ، فعوقبوا بالمسخ .
وقد فسر السلف (المسخ) في قوله تعالى : ( وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ ) البقرة : 65. بأنه مسخٌ حقيقي ، وليس مسخاً معنوياً ؟! وهذا القول هو الراجح , وهو ما ذهب إليه ابن عباس وغيره من أئمة التفسير ، كما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله .
وقد جاء ذكر المسخ والخسف في غير هذا من الأحاديث الصحيحة والحسنة ، ووقع في هذا الزمن كثير من الخسوفات والزلازل في أماكن متفرقة من الأرض , وهي نذير للناس بين يدي عذابٍ شديد , وتخويفٌ من الله لعباده ، وعقوبة لأهل البدع والمعاصي والظلم والطغيان , كي يعتبر الناس ويتعظوا ، ويرجعوا إلى ربهم سبحانه ، ويعلموا أنّ الساعة قد أزفت ، وأنه لا ملجأ من الله إلا إليه ، نسأل الله السلامة من الشرور والفتن ، ما ظهر منها وما بطن ، فمن تلك الأحاديث :
1- حديث أبي عامر أو أَبي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ والْحَرِيرَ ، والْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ ، ولَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُم ، يَأْتِيهِم – يَعْنِي الْفَقِيرَ – لحاجةٍ فَيَقُولوا : ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا ؛ فَيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ ، ويَضَعُ الْعَلَمَ ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ ، إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ” . رواه البخاري في صحيحه .
قوله “الحِر “: أي : الفرج ، أي : يستحلّون الفرج الحرام ، أي : الزنا .
والعلم : هو الجبل .
فهؤلاء يستحلّون الزنا والخمر والموسيقى ، وكثيراً ما ترى الرقص والفجور والتعري ، يكون عند في مجالس سماع الأغاني .
وانظر ما يفتي به بعض الناس اليوم من استباحة ذلك ؟! عياذاً بالله من غضبه وسخطه ؟!
2- حديث أبي أُمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” تَبِيتُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى أَكْلٍ وَشُرْبٍ ، ولَهْوٍ ولَعِبٍ ، ثُمَّ يُصْبِحُونَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ ، ويُبْعَثُ على أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَائِهِمْ رِيحٌ فَتَنْسِفُهُمْ ، كَمَا نَسَفَتْ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ ، بِاسْتِحْلاَلِهِمُ الْخُمُورَ ، وضَرْبِهِمْ بِالدُّفُوفِ ، واتِّخَاذِهِمُ الْقَيْنَاتِ ” . رواه أحمد والطيالسي والبيهقي في الشعب ، وحسنه الألباني في السلسلة (1604) بشواهدة .
4- حديث عمران بن حصين رضي الله عنه : أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” في هذه الأمةِ خَسْفٌ ومسخٌ وقذفٌ ، قال رجل من المسلمين : يا رسول الله ؛ ومتى ذلك؟ قال : ” إذا ظهرَت القَيْنات والمعازف ، وشُربت الخمور “. رواه الترمذي ، وصححه الألباني .
والقينات : هنّ المغنيات .
5 – حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” ليشربنّ أناسٌ من أمتي الخَمر ، يُسمونها بغير اسمها ، ويُضربُ على رُؤوسهم بالمعازفِ والقَينات ، يخسفُ الله بهم الأرض ، ويجعل منهم قردةً وخنازير ” . رواه ابن ماجه وابن حبان والطبراني ، وصححه الألباني.
6- حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” في هذه الأمة أو في أمتي خسف أو مسخ أو قذف ، في أهل القدر ” . رواه الترمذي وأحمد ، وصححه الألباني .
وجاء ذكر المسخ في غير هذا من الأحاديث التي رواها أصحاب الحديث والسنن ، نسأل الله تعالى السلامة من غضبه وعقابه ، وشرّ عباده ، ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم .
والله تعالى أعلم