الطعن في صحيح البخاري مجدداً ؟
الطعن في صحيح البخاري مجدداً ؟
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه ،،،
فتعليقاً على قرار إلزام الأزهر بتصحيح كتاب الإمام البخاري رحمه الله ، نقول وبالله تعالى التوفيق :
من يطعن في صحيح البخاري هل هدفه البحث العلمي أم شيء آخر؟
لقد كثر اليوم من يتحدث عن الجامع الصحيح للإمام محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالى بغير مناهج المحدثين ، المعروفة في مجال علم الحديث النبوي الشريف ، ولا متصفا بأخلاق اهل العلم والديانة ، في نقد ما قد يظن أن البخاري رحمه الله قد أخطأ فيه ، وبدلا من ان يتصف اولئك الفئام من الناس بالروح العلمية البناءة ، يقدمون للناس نماذج من الطعون في السنة النبوية الشريفة ، مصطفين مع أعداء الأمة من المستشرقين والملاحدة والمنافقين ،وسبيله سبيل اهل البدع والزيغ ؛ الذين همهم الطعن في الشريعة الغراء ، والنيل من أحكامها ، وتشكيك أهلها فيها ، وصدّهم عن التمسك بها ، والسير على منهاجها ، بغية خلق البلبلة والفتنة في أوساط المسلمين .
مع التطفل الواضح على أهل الاختصاص ، في مجال علم الحديث النبوي الشريف ، لجهلهم بقواعد هذا الفن ، سالكين سبل الكتبة اللصوصيين في سرقة ما يكتبه غيرهم وانتحاله ، وإعادة نشره وبثه وإحيائه .
وكتاب الجامع الصحيح للإمام البخاري لم يكتسب قبوله وجلالتَه لكون مؤلفه رجلٌ يقال له محمد بن إسماعيل البخاري كما يتوهم البعض ، ولكن لما تضمنه من كلام الرسول عليه الصلاة والسلام ، الذي جعل مؤلفُه فيه من الضوابط والشروط للتأكد من صحته ، ما اتفق على دقته وصحته أفذاذ الأئمة من علمائها ومقدَّميها، وبذلك اكتسب الإمام البخاري الشرف والفضل والنبل ، والمكانة العالية بين سائر الكتب الحديثية ، حتى غدا هذا الكتاب ؛ شِعار السنة النبوية وذروة سنامها ، فمن طعن وأراد إسقاطه ، لم يبق للمسلمين ما يمكن الدفاع عنه ، والتمسك به .
فالأمر كما قال المتنبي :
وَلَيسَ يَصِحُّ في الأَفهامِ شَيءٌ إِذا اِحتاجَ النَهارُ إِلى دَليلِ
والله سبحانه أخبرنا في القرآن العظيم ، أنه أوحى لنبيه محمد عليه الصلاة والسلام وحيين : وحيٌّ متلوٌّ وهو القرآن الكريم ، ووحيٌ غير متلوٍّ وهو السُّنة المطهرة ، كما قال الله سبحانه: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ النحل : 44 .
وللسٌّنة النبوية نصيبٌ من الحفظ الذي ضمِنَه الله عز وجل في قوله : ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ الحجر : 9.
وأما دعوى الغلو والقداسة للأشخاص ، التي زعمها البعض ؟! وشنع بها على المدافعين عن هذا الكتاب المبارك ، فليست موجودة عند من فقه السُّنة وعمل بها ، فأهل الإسلام أحبوا الإمام البخاري لخدمته للسنة النبوية ، وهو إمام مجتهد غير معصوم ، ولكنَّ الحفظ والعصمة والقَدَاسة ، إنما هي لنصوص الوحي التي نقلها وحفظها ، عن المعصوم صلى الله عليه وسلم ، ونحن بحبِّنا للسنة النبوية والمدافعين عنها ؛ أحببنا هؤلاء الأئمة ، فإنْ استنكف هؤلاء عن الحق ، وطعنوا في ديننا وسُنة نبينا ، عارضناهم وأبغضناهم ، ورددنا عليهم طعنهم ، واحتسبنا ذلك عند الله تعالى أجراً وثواباً ، وجهادا بالكلمة .
اللهم أعنّا ولا تُعن علينا ، وانْصرنا ولا تنصر علينا ، وامكرْ لنا ولا تمكر علينا ، واهدنا ويسّر هدانا ويسّر هدانا إلينا ، وانصرنا على من بغينا علينا .