ثلاثةٌ لا تُقْبل صلاتهم
السؤال (391): ما صحّة حديث: ثلاثة لا تُقبل صلاتهم؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه.
وبعد:
فالحديث ورد عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ثَلاثةٌ لا تُجَاوزُ صلاتُهم آذانَهم: العَبْدُ الآبقُ حتّى يَرجِع، وامْرأةٌ باتتْ وزَوجُها عليْها سَاخِط، وإمامُ قومٍ وهمْ له كارِهُون”.
رواه الترمذي (360) وحسنه الشيخ الألباني كما في غاية المرام (248)، وصحيح الترغيب والترهيب (487)، والمشكاة (1122).
وصححه أيضا أحمد شاكر في شرحه على الترمذي (2/192).
وحسن إسناده أيضا شعيب الأرناؤوط في شرح السنة (3/404).
أما معناه: ففي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: “ثلاثةٌ لا تُجاوِزُ صَلاتُهم آذانَهم”، أي: إنَّ صَلاتَهم لا تَصعَدُ إلى السَّماءِ وتكونُ غيرَ مَقبولةٍ؛ وذلك لأنَّها اقترنَت بمعصيةٍ وكبيرة، حتَّى وإنْ كانت صحيحةً في شُروطِها وأركانِها.
فالعبدُ الآبِقُ، أي: العبدُ الهاربُ مِنْ مالكِه بلا سببٍ وعذرٍ في هُروبِه، فلا تُقبَلُ منه صلاتُه، “حتَّى يَرجِعَ” مِن هُروبِه إلى سيِّدِه ومالكِه.
“وامرأةٌ باتَت وزوجُها عليها ساخطٌ”، أي: غاضبٌ عليها بسببِ سُوءِ أخلاقِها، أو عِصيانِها له وعدَمِ طاعتِه، ورفضها تأديةِ حُقوقِه الشرعيَّةِ.
“وإمامُ قومٍ” أي: مَنْ تقدَّم بالنَّاسِ وصلى بهم إمَاماً، وهم له كارِهون، أي: بسَببِ أمرٍ يتَعلَّقُ بدِينِه مِن كذبٍ أو فسقٍ؛ أو لأنَّه جاهلٌ، أو سُوء خُلق، أمَّا إذا كان صاحبَ دِينٍ وسُنَّةٍ، وكانت هذه الكَراهةُ لأمرٍ مِن أمورِ الدُّنيا، فلا يُلامُ على إمامتِه.
وقيل: الكراهةُ هُنا على إطْلاقِها؛ لأنَّ المرادَ مِنْ صَلاةِ الجماعةِ هو حُصولُ الائتلافِ والمودَّةِ والاجتماعِ.
– وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في الفتاوى الكبرى (1/127) وفي مجموع الفتاوى (23/373):
في رجلٍ يؤم قوماً وأكثرُهم له كارِهون؟
فقال: “الجواب: إنْ كانوا يَكرهون هذا الإمام لأمْرٍ في دينه؛ مثل كذِبه، أو ظُلمه، أو جهله، أو بدعته، ونحو ذلك، ويُحبُّون الآخر لأنَّه أصْلح في دينه منه، مثلَ أنْ يكون أصْدق، وأعلم، وأدْين؛ فإنَّه يَجبُ أنْ يُولَّى عليهم هذا الإمام الذي يُحبُّونه، وليس لذلك الإمام الذي يكرهونه أنْ يؤمَّهم، كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ثلاثَةٌ لا تُجَاوز صلاتهم آذانهم: رجَلٌ أم قوماً وهم له كارهون، ورجلٌ لا يأتي الصلاةَ إلا دباراً، ورجلٌ اعْتَبَد محررا”. والله أعلم. اهـ.
واللفظ الذي ذكره فيه ضعف.
والواجب على المُسلِمِ أنْ يُحافظ على أعمالِه الصّالحة، ليحصل له الخيرِ والثواب والنَّفعِ بها في الآخِرَةِ؛ ولذلك كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم يُحذِّرُ مِن الأعمالِ الَّتي قد تُهدِرُ الأجرَ والثَّوابَ، مِنَ القُرُبات والطاعات.