أرشيف الفتاوىفتاوى

الكهانة والعرافة

الكهانة والعرافة

الكهانة والعرافة

السؤال : ما حكم سؤال العرافين أو الاطلاع على ما يقولونه؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه.

أما بعد:

فلا يجوز الذهاب إلى الكهّان والعرّافين، ولا سؤالهم، فالذهاب إليهم وسؤالهم كبيرة من كبائر الذنوب، أمّا تصديقهم فكفرٌ والعياذ بالله، لأنّ الغيب لا يعلمُه إلا الله تعالى.

قال تعالى: (عالمُ الغيب فلا يُظهر على غيبه أحداً* إلا من ارتضى من رسول) الجن: 26.

وقال سبحانه: (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله) النمل: 65.

وجاء النهي عن إتيان الكهنة والعرّافين، فروى مسلم (2230) عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً”.

وروى أحمد (9536) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “مَنْ أَتَى كَاهِنًا، أَوْ عَرَّافًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ”. وصححه الألباني.

والعرّاف: هو اسمٌ عام للكاهِن والمُنجّم والرَّمَّال ونحوهم، ممّن يستدلّ على معرفة الغيب؛ بمقدّماتٍ يستعملها.

ولا يُشْترط لتحقّق قوله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ…” أنْ يأتي إليه حقيقة، سواءً في بيته أو مَجلسه، إذْ المقصود هو النّهي عن التوصّل إليه بأيّ وسيلةٍ لسؤاله، فكل وسيلة تُؤدي إلى هذا المُحرّم فهي مُحرّمة، فإذا سأله بالهاتف، أو البريد، أو بمواقع التواصل، أو نحو ذلك من الوسائل، بغرضِ معرفة أمرٍ غائبٍ عن صاحبه؛ فهو كإتيانه والذهاب إليه.

وقد يَصْدُق الشّيطان الجنّي أحياناً مع الكاهن أو العَرّاف، فيصدقه الناس بعد ذلك في كلّ ما يقول؟! ولكنّه يغلب عليه الكذب، وبهذا لا يدري المتعامل مع الجنّي ولا من يسأل العرافين شيئاً عن تحديد المسألة التي صَدَق فيها الجنّي؛ ولهذا منع منْ تصديقهم مُطلقاً.

– وقال الحافظ النووي في “شرح مسلم”: الكِهَانة في العرب ثلاثة أضراب:

أحدها: يكون للإنسان وليٌ مِنَ الجنّ، يُخْبره بما يسترقه مِنَ السّمْع من السماء، وهذا القسمُ بطل من حيثُ بعث النبي صلى الله عليه وسلم.

الثاني: أنْ يُخْبرُه بما يطرأ أو يكون في أقْطَار الأرض، وما خَفِي عنه ممّا قَرُب أو بعُدَ، وهذا لا يبعد وجوده، لكنّهم يَصْدُقون ويكذبون، والنّهي عن تصديقهم والسماع منْهم عام.

الثالث: المُنجّمون، وهذا الضّرْب يخلق الله تعالى فيه لبعض الناس قوة ما، لكن الكذب فيهم أغلب، ومنْ هذا الفن العَرَافة، وصاحبها عَرّاف، وهو الذي يستدلّ على الأمُور بأسبابٍ ومقدّمات يدّعي معرفتها.. وهذه الأضراب كلها تسمّى كهانة، وقد أكْذبَهم كلهم الشّرْع، ونهى عن تصديقهم وإتيانهم. اهـ.

والله تعالى أعلم.

زر الذهاب إلى الأعلى