المسجد الأقصى لا الحرم !
السؤال :
هل يصح تسمية المسجد الأقصى بثالث الحرمين ؟
الجواب :
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وآله وصحبه
وبعد :
فالمسجد الأقصى معدن الأنبياء من لدن إبراهيم إلى عيسى عليهم الصلاة والسلام ، وهو أولى القبلتين ، وثاني المسجدين اللذين بنيا في الأرض ، كما في
حديث أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه قال : قلت يا رسول الله ، أي مسجد وضع في الأرض أول ؟ قال : ” المسجد الحرام ” ، قال : قلت ثم أيّ ؟ قال : ” المسجد الأقصى” ، قلت : كم كان بينهما ؟ قال : ” أربعون سنة ، ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصله ، فإن الفضل فيه ” رواه البخاري .
والأقصى اسم لجميع المسجد ممّا دار عليه السور ، وأما البناء الموجود في صدر المسجد وغيره ، من قبّة الصخرة والأروقة وغيرها فهي محدثة جديدة .
وأصله مسجد وليس معبدا ولا غيره ، كما قال الله تعالى : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ) الإسراء : 1 .
قال تعالى : ( وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة ) الإسراء: 7 .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسم ومسجد الأقصى ” رواه البخاري بأربعة ألفاظ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله -كما في مجموع الفتاوى -(27/ 14- 15) :
فَصل :
وَلَيْس بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ مَكَانٌ يُسَمَّى ” حَرَمًا ” وَلا بِترْبَة الْخَليلِ ، وَلا بغَير ذَلِكَ مِنْ الْبِقَاعِ إلاّ ثَلاثَةَ أَمَاكِنَ : أَحَدُها هُوَ حَرَمٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلمِين ، وهو حَرَمُ مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللّهُ تَعالَى .
وَالثَّانِي : حَرَمٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاء ، وَهُوَ حَرَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِيرٍ إلَى ثَور ، بَرِيد فِي بَرِيدٍ ؛ فَإِنَّ هَذَا حَرَمٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ كَمَالِكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد ، وَفِيهِ أَحَادِيثُ صَحِيحَة مُسْتَفِيضَة عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّمَ.
وَالثَّالِثُ : “وَجُّ ” وَهُوَ وَادٍ بِالطَّائِفِ . فَإِنَّ هَذَا رُوِيَ فِيهِ حَدِيثٌ رَوَاهُ أَحْمَد فِي الْمُسْنَدِ وَلَيْسَ فِي الصِّحَاحِ ، وَهَذَا حَرَمٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لاعْتِقَادِه صِحَّةَ الْحَدِيثِ وَلَيْسَ حَرَمًا عِنْد أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ، وَأَحْمَد ضَعَّفَ الْحَدِيثَ الْمَرْوِيَّ فِيهِ فَلَمْ يَأْخُذ بِهِ .
وَأَمَّا مَا سِوَى هَذِه الأَمَاكِن الثَّلاثَةِ ، فَلَيْسَ حَرَمًا عِندَ أَحَدٍ مِنْ عُلَمَاء الْمُسْلِمِينَ ، فَإِنَّ الْحَرَمَ : مَا حَرَّمَ اللَّهُ صَيْدَهُ وَنَبَاتَه ، وَلَمْ يُحَرِّمْ اللَّهُ صَيْدَ مَكَانٍ وَنَبَاتَهُ خَارِجًا عَنْ هَذِهِ الأَمَاكِنِ الثلاثَةِ “.
وقال أيضا في اقتضاء الصراط المستقيم ( ص 434) :
” والأقصى اسم للمسجد كله ، ولا يسمى هو ولا غيره حرماً ، وإنما الحرم بمكة والمدينة خاصة .
وفي وادي وج بالطائف نزاع بين العلماء “.
والله تعالى أعلم
وصلى الله عليه وسلم