أرشيف الفتاوى

دفع الزكاة للمسلمين المتضررين في باكستان

دفع الزكاة للمسلمين المتضررين في باكستان

 

السؤال :

هل يجوز دفع الزكاة للمسلمين المتضررين في باكستان ؟

الجواب :

الحمد لله ، والصّلاة والسّلام على رسول الله ، وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه .

 أمّا بعد :

فيعيش المسلمون في دولة باكستان الشقيقة هذه الأيام فاجعة كبرى من جراء السيول الجارفة التي حصلت عندهم  ، ومن واجب النصرة لهم ، وإغاثتهم ،  مساعدتهم بكل ما يستطيعه المسلم ، ومن ذلك المال ، وهو نوع من الجهاد في سبيل الله ، وقد ورد في القرآن الكريم مقدَّماً على الجهاد بالنفس في مواضع متعدِّدة،  مثل قوله تعالى: ( لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ) [النساء:95]،

وقوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) [الأنفال:72]
وقوله تعالى: ( الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ )[التوبة:20] .

 وَعَنْ أَنَسٍ  رضي الله عنه أَنَّ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " جَاهِدُوا اَلْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ , وَأَنْفُسِكُمْ , وَأَلْسِنَتِكُمْ " أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي .

وقد سارع – ولله الحمد – كثير من المسلمين إلى نصرة إخوانهم هناك ، بما قدموه من أموال وإغاثة ومساعدات .
 وحيث إن من أصناف المال التي يمكن المساعدة بها مال الزكاة ، والمسلمون هناك تجتمع فيهم كثير من أوصاف من تدفع لهم الزكاة ؛ فهم فقراء ، ومساكين ، وغارمون ، ولذا فهم مستحقون للزكاة بلا شك من هذه الوجوه  .

 بل تقرر عند جماهير أهل العلم جواز تعجيل الزكاة للحاجات الطارئة ، ومراعاة  لظروف  المسلمين الشديدة ، وهذه الكارثة التي حلت بالمسلمين بباكستان لا شك أنها منها ، وأعداد المسلمين المتضررين كبير جدا ، بل بالملايين ، فيجوز تعجيل الزكاة لهم أيضا . 
وكذلك الصّدقات بأنواعها  .

 فقد جاء في الحديث في البخاري ( 1468 ) : منع ابنُ جميل وخالدُ بن الوليد والعبّاسُ عَمُّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما يَنْقِمُ ابنُ جَميلٍ إلا أنّه كان فقيرًا فأغناه الله ، وأمّا خالدٌ فإنّكم تظلمون خالدًا ؛ قد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله ، وأمّا العبّاس بن عبد المطلب ، فعم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي علي ، ومثلها معها ".  وفي رواية : " فهي عليه " .
ومعنى : " فهي علي " أي : هي عندي قرض لأنني استلفت منه صدقة عامين .

ويدل عليه أيضا حديث نافع : أنّ ابنَ عمر كان يُعطي زكاة الفِطر الذين يقبلونها، وكانوا يُعْطَوْنَ قبل الفطر بيومٍ أو يومين.
قال الشافعي : وبهذا نأخذ .
يعني : في القول بجواز تعجيل الصدقة.

وقد ذهب إلى جواز تعجيل الزَّكاة أكثر أهل العلم ، ومنهم:
عطاء، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النَّخَعي، والضّحّاك ، والحَكَم بن عتيبة، وابن أبي ليلى ، والحسن البصري ، والحسن بن صالح بن حَي ، والزهري ، والأوزاعي، وأبو حنيفة، والشافعي، وأبو عبيد ، وزُفَر، وأحمد، وإسحاق بن راهُوْيَه.

وكذا لا ننسى الدعاء لهم بتفريج الكربة ، ورفع البلاء .
والله تعالى أعلم

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم

زر الذهاب إلى الأعلى