بن لادن في ميزان الشرع
الحمد لله رب العالمين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين ، وآله وصحبه أجمعين .
فقد تساءل الكثير عن أسامة بن لادن ، ومنهجه وطريقه وأعماله في البلاد الإسلامية وغيرها .
وكلامنا هنا إنما هو بمنطق الدليل والعقل ، ونظر أهل العلم والفتوى الصادقين ، لا بمنطق الحماس والعاطفة غير المنضبطة ، كما هو حال كثير من الشباب هداهم الله .
كما أن كلامنا إنما هو عن منهج وأعمال ، وليس عن شخص قد أفضى إلى ما قدم ، ولقي ربا لا يظلم الناس شيئا .
فنقول : إن اسامة بن لادن عفا الله عن الجميع ، وفكر أتباعه ، أو من انتسب إلى القاعدة ، ممن أخطأ طريق الاصلاح ، وخالف قواعد الشرع في الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وهي قواعد عظيمة مؤصلة بنصوص القرآن والسنة النبوية الشريفة ، وليست هي راجعة إلى أهواء الناس ، أو رغباتهم وحماسهم واندفاعهم .
فغير المنكرات بقوة السلاح والإرهاب والقتل ، في غير محله وبغير إذن من الشرع المطهر ، وضد إخوانه المسلمين ، والمستأمنين والمعاهدين.
كما أن ابن لادن خالف جماهير العلماء في قضية الجهاد وضوابطه الشرعية ، وتطاول على العلماء في ذلك ، وسفه أقوالهم ، واتهمهم بالخيانة والمداهنة للحكام ؟! واستباح الخروج على ولاة أمور المسلمين جميعا ، بعد تكفيره لهم ولوزارئهم ومن يعمل معهم ، واستباح دماء المسلمين ، فضلا عن المستأمنين من أهل الكتاب الذين يعيشون في ديار المسلمين بعهد وأمان من الجهات الرسمية ، ولم يفرق في أثناء هجماته وتفجيراته التي يقوم بها هو ومن تابعه ، بين مسلم يقيم في المكان الذي يقع فيه التدمير والتفجير والقتل ، وبين غيره من الكفار ، بل شمل الجميع بالقتل واستباحة الدم المعصوم ، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم : ” ومن خرج على أمتي يضربُ برّها وفاجرها ، ولا يتحاش من مؤمنها ، ولا يفي بذي عهدها ، فليس مني ” رواه الامام مسلم في صحيحه ( 4/1477) .
ودعاة ودعوات التكفير والتفجير أرهقوا المسلمين ، وأخلوا بالأمن ، وسلطوا الكفار على بلاد المسلمين بأعمالهم ، وشوهوا صورة الإسلام لدى غير المسلمين ، وعطلوا الدعوة إلى الله بالحكمة ، وضللوا عقول الشباب ، وجلبوا من الشر والفساد مالله به عليم .
هذا مع بعض الأمور الغريبة ، كالتعاون مع دولة الروافض ، وترك التعرض للأهداف اليهودية ، فلا يعرف أنهم مسوا شيئا منها بسوء ؟؟!
نحن نعلم ان هذا الكلام لن يعجب البعض ، ممن افتتن بالمناهج البدعية ، وغرته التصريحات الرنانة ، بالجهاد ضد الصليبين وغيرهم ؟!
لكن سأترك الكلام لغيري ، لكلام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم يحكم فيه ، ولاقوال شيوخنا الكبار المخلصين الذين لا يتهمون بالعمالة والمداهنة ، كما هي عادة أهل التكفير .
قال الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى ، كما في مجلة البحوث الإسلامية العدد 50 ص 7- 17 مقال للشيخ بعنوان ( بيان حقوق ولاة الأمور على الأمة ) وهو أيضا في كتابه : مجموع فتاوى ومقالات ( 9/ 100 – 101 ) نذكر منه قوله :
” أما ما يقوم به الآن محمد المسعري وسعد الفقيه وأشباههما من ناشري الدعوات الفاسدة الضالة ، فهذا بلا شك شر عظيم ، وهم دعاة شر عظيم ، وفساد كبير ، والواجب الحذر من نشراتهم ، والقضاء عليها ، وإتلافها ، وعدم التعاون معهم في أي شيء يدعو إلى الفساد والشر والباطل والفتن ؛ لأن الله أمر بالتعاون على البر والتقوى لا بالتعاون على الفساد والشر ، ونشر الكذب ، ونشر الدعوات الباطلة التي تسبب الفرقة واختلال الأمن إلى غير ذلك .
هذه النشرات التي تصدر من الفقيه ، أو من المسعري أو من غيرهما من دعاة الباطل ودعاة الشر والفرقة يجب القضاء عليها وإتلافها وعدم الالتفات إليها ، ويجب نصيحتهم وإرشادهم للحق ، وتحذيرهم من هذا الباطل ، ولا يجوز لأحد أن يتعاون معهم في هذا الشر ، ويجب أن ينصحوا ، وأن يعودوا إلى رشدهم ، وأن يدَعوا هذا الباطل ويتركوه .
ثم قال : ونصيحتي للمسعري والفقيه وابن لادن وجميع من يسلك سبيلهم أن يدَعوا هذا الطريق الوخيم ، وأن يتقوا الله ويحذروا نقمته وغضبه ، وأن يعودوا إلى رشدهم ، وأن يتوبوا إلى الله مما سلف منهم ، والله سبحانه وعد عباده التائبين بقبول توبتهم ، والإحسان إليهم ، كما قال سبحانه : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ ) وقال سبحانه : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) والآيات في هذا المعنى كثيرة ” اهـ
و كذلك ذكر الشيخ عبد العزيز بن باز في ( جريدة المسلمون والشرق الأوسط – 9 جمادى الأولى 1417هـ) : أن أسامة بن لادن من المفسدين في الأرض ، ويتحرى طرق الشر الفاسدة وخرج عن طاعة ولي الأمر .
* كلام الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله :
في لقاء مع علامة اليمن الشيخ مقبل بن هادي الوادعي – رحمه الله في جريدة – الرأي العام الكويتية بتاريخ 19/12/1998 العدد : 11503 قال الشيخ مقبل -رحمه الله- ” أبرأ إلى الله من ابن لادن ، فهوشؤم وبلاءٌ على الأمة ، وأعماله شر “.
* وفي نفس اللقاء السائل : الملاحظ أن المسلمين يتعرضون للمضايقات في الدول الغربية بمجرد حدوث انفجار في أي مكان في العالم ؟
أجاب الشيخ مقبل : أعلم ذلك ، وقد اتصل بي بعض الأخوة من بريطانيا يشكون التضييق عليهم ، ويسألون عما إذا كان يجوز لهم إعلان البراءة من أسامة بن لادن ، فقلنا لهم : تبرأنا منه ومن أعماله منذ زمن بعيد ، والواقع يشهد أن المسلمين في دول الغرب مضيق عليهم بسبب الحركات التي تغذيها حركة الإخوان المفلسين أو غيرهم ، والله المستعان .
* ثم قال السائل : ألم تقدم نصيحة إلى أسامة بن لادن ؟
أجاب الشيخ : لقد أرسلت نصائح ، لكن الله أعلم إن كانت وصلت أم لا ، وقد جاءنا منهم أخوة يعرضون مساعدتهم لنا ، وإعانتهم حتى ندعو إلى الله ، وبعد ذلك فوجئنا بهم يرسلون مالا ويطلبون منا توزيعه على رؤساء القبائل لشراء مدافع ورشاشات ، ولكنني رفضت عرضهم ، وطلبت منهم ألا يأتوا إلى منزلي ثانية ، وأوضحت لهم أن عملنا هو دعوي فقط ولن نسمح لطلبتنا بغير ذلك ) اهـ.