موضوع الساعة

الإساءة لمقام النبوة مرة أخرى ؟!

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين

وبعد:

فقد قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا ) الأحزاب: 57.

وأذى الله تعالى يكون بسبِّه أو سبّ ما يقدّره, أو بالإلحاد في أسمائه وصفاته, أو بمعصيته، أو عداء أنبيائه ورسله وأوليائه، وقد أمر تعالى بتعظيم رسوله صلى اللّه عليه وسلم، والصلاة والسلام عليه، نهى عن أذيته، وتوعد عليها فقال: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) وهذا يشمل كل أذية، قولية أو فعلية، من سب وشتم، أو تنقص له، أو لدينه، أو ما يعود إليه بالأذى. ( لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا) أي: أبعدهم وطردهم من رحمته.

وفي الآخرة: (َأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ) جزاء له على أذاه، أن يؤذى بالعذاب الأليم، فأذية الرسول، ليست كأذية غيره، لأنه صلى الله عليه وسلم لا يؤمن العبد باللّه، حتى يؤمن برسوله صلى اللّه عليه وسلم. وله من التعظيم، الذي لا يكون مثل غيره.

وهذا يشمل كل أذية قولية أو فعلية ، من سبٍ أو شتم ، أو استهزاء وتحقير ، أو تنقص له ، أو لدينه وأحكام شريعته ، فمن فعل ذلك ، فقد طرده الله من رحمته ، وأعد له العذاب المهين ، جزاء له على إهانته لرسوله صلى الله عليه وسلم .
ونعلم أيضا أن الله تعالى سيقطع دابره ، ويقطع عنه الخير كما قال ( إن شانئك هو الأبتر ) الكوثر: 3.

ولما قال له عمه أبولهب : تبا لك ! ألهذا جمعتنا ؟ انتصر الله سبحانه له ، وأنزل قوله تعالى ( تبت يدا أبي لهبٍ وتب * ما أغنى عنه ماله وما كسب * سيصلى ناراً ذاتَ لهب * وامرأتُه حمالة الحطب * في جيدها حبل من مسد ) .
بل قد حذّر الرب العزيز الكريم من رفع الصوت عليه ، كرامة له واحتراما وإكراما ، وأخبر أن ذلك من محبطات الأعمال ، فقال عزوجل ( ياأيها الذين آمنوا لا تَرفعوا أصواتكم فوقَ صوتِ النبيّ ولا تَجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أنْ تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ) الحجرات .

قال الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله :
” والذين قالوا عن الرسول صلى الله عليه وسلم إنه أبتر ، وقصدوا أنه يموت فينقطع ذكره ، عوقبوا بانبتارهم ، كما قال تعالى ( إنّ شانئك هو الأبتر ) الكوثر : 3 .
قال : فلا يوجد منْ شنأ الرسول إلا بتره الله ، حتى أهل البدع المخالفون لسنته . قيل : لأبي بكر بن عياش : إن بالمسجد قوماً يجلسون للناس ويتكلمون بالبدعة ، فقال : من جلس للناس جلس الناس إليه ، لكن أهل السنة يبقون ويبقى ذكرهم ، وأهل البدعة يموتون ويموت ذكرهم ” . المجموع ( 13/172) .

وما رسوماتهم المسيئة ، وأفلامهم القبيحة ، وتهريجهم ومكرهم ، إلا كنبح الكلاب الذي لا يضر عالي السحاب !!
أما نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم فهو الذي سيبقى له رفع الذكر ، وكثرة الاتباع ، والنصر على الأعداء ، كما أخبرنا ربنا تبارك وتعالى .
وقد أمر الله عزوجل رسوله صلى الله عليه وسلم بأن لا يبالي بالمشركين ولا بغيرهم من المستهزئين به ، وألا تصده تلك الأقوال والأفعال عن دعوته ودينه ، ولا تشغله عن وظييفته ودعوته ، فقال له تعالى ( إنا كفيناك المستهزئين ) الحجر : 95 . اي : المستهزؤن بك وبماجئت به ، كفيناك شرهم وأذاهم بما نشاء من أنواع العقوبات الرادعة لهم في الدنيا والآخرة .
قال الشيخ السعدي رحمه الله : وقد فعل سبحانه ، فإنه ماتظاهر أحدٌ بالاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به ، إلا أهلكه الله ، وقتله شر قتله ” .
والله لايخلف الميعاد .

* وهاهنا مسألة :

وأما قتل السفراء فهو حرامٌ شرعا ، وجاء في الحديث : ” لولا أنّ الرسل لا تقتل ، لضربت أعناقكما ” .
فالرسل وهم السفراء لا يجوز قتلهم شرعا .

وفي الحديث أيضا : ” منْ قتلَ معاهداً ، لم يَرح رائحة الجنة ” رواه البخاري .

وهذا مما يدل على حرمة الاعتداء على من دخل بعهد وأمان الى بلادنا .

والله تعالى أعلم
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم

زر الذهاب إلى الأعلى